ندوة تمويل المساواة: تخطيط وميزانية سياسات المساواة رافعة لفعالية "المساواة"    أسماء مغربية تتألق في "يوروبا ليغ"    مدبرون يستعرضون تحديات البيضاء    بيان مشترك: المغرب وغرينادا عازمان على تعميق تعاونهما الثنائي    "لبؤات الأطلس" يهزمن البوتسوانيات    وزير العدل يتباحث بالقاهرة مع عدد من نظرائه العرب    أمن طنجة يوقف شخصين احدهما قاصر بحي المصلى في حالة تلبس بحبازة المخدرات    التحرش بتلميذة قاصر يجر أستاذاً للاعتقال    الشرطة الإسبانية تفكك شبكة لنقل المخدرات بطائرات بدون طيار بين إسبانيا والمغرب (فيديو)    بوعلام صنصال على حافة الموت.. ورطة النظام الجزائري واتهامات البرلمان الأوروبي للكابرانات وتهديد بفرض عقوبات        مجلس جماعة الدار البيضاء يصادق في دورة استثنائية على مشاريع لتعزيز العرض السياحي وتطوير المسار التنموي    اختيار مدينة تطوان عاصمة المتوسط للثقافة والحوار لعام 2026    المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم يتراجع في التصنيف الدولي    استثمار استراتيجي لاتصالات المغرب لدعم التحول الرقمي بموريتانيا    شاب يقتل والدته ويعتدي على شقيقيه في جريمة مروعة بطنجة    جوائز التميز الحكومي العربي .. محمد امهيدية افضل والي جهة على الصعيد العربي    الأمير مولاي رشيد يكتب عن مهرجان مراكش ويشيد بالمخرجة الشابة أسماء المدير    المنتخب الوطني المغربي للباراتايكواندو يحرز ثلاث ميداليات ذهبية في منافسات بطولة العالم بالبحرين    كأس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم : نهضة بركان يدشن طريق البحث عن اللقب الثالث بفوز على لواندا الأنغولي    بعد دفاع "الشرعي" عن نتنياهو.. مجموعته تتراجع وتوضح "خطنا التحريري ملكي"        كرة القدم.. الدولي الفرنسي كامافينغا ينضم إلى قائمة المصابين في صفوف ريال مدريد    صحيفة "إلموندو" الإسبانية تشيد بالدار البيضاء، الحاضرة الدينامية    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض    بنك المغرب يستعد لإطلاق سوق ثانوية للديون المتعثرة ب100 مليار درهم    اتحاد طنجة يفرض عقوبة على الحارس ريان أزواغ    أخنوش يجري مباحثات مع الوزير الأول بجمهورية غينيا    نوم في المراحيض واعتداءات جنسية.. تقرير ينبه إلى أن الاكتظاظ في السجون المغربية يحول حياة السجناء إلى جحيم    البرلمان الأسترالي يقر حظر الشبكات الاجتماعية للأشخاص دون 16 عاما    بايتاس: "الحماية الاجتماعية" أولوية حكومية .. و"نقاشات الإضراب" طبيعية    انتهاء التحكيم الدولي في قضية "سامير" يجدد المطالب لأخنوش باستئناف التكرير ووقف التهرب من المسؤولية    أزيد من 12 ألف شخص حضروا "فيزا فور ميوزيك"    الأكاديمية العليا للترجمة تناقش «رهَاناتُ التَّرجَمَة في التَّحْليل النَّفْسي»    تحديد تاريخ جلسة انتخاب رئيس لبنان    بوتين: الهجوم يرد على صواريخ أمريكا    تلوث الهواء الناتج عن الحرائق يتسبب في 1.5 مليون وفاة سنوياً حول العالم    دراسة: جرعات نصف سنوية من عقار ليناكابافير تقلل خطر الإصابة بالإيدز    الفن يزين شوارع الدار البيضاء في الدورة التاسعة من "كازا موجا"    إسرائيل تستأنف قرار توقيف نتانياهو وغالانت    أكثر من 130 قتيلا في اشتباكات بسوريا    أسعار القهوة تسجل أعلى مستوياتها منذ أكثر من 40 عاماً    تقرير ‬حديث ‬لصندوق ‬النقد ‬الدولي ‬يقدم ‬صورة ‬واضحة ‬عن ‬الدين ‬العمومي ‬للمغرب    الذكاء الاصطناعي أصبح يزاحم الصحفيين    كليفلاند كلينك أبوظبي يحصد لقب أفضل مستشفى للأبحاث في دولة الإمارات للعام الثاني على التوالي    الرئيس الفلسطيني يصدر إعلانا دستوريا لتحديد آلية انتقال السلطة في حال شغور منصبه    أسعار اللحوم تفوق القدرة الشرائية للمواطن رغم دعمها من طرف الحكومة    أهمية التطعيم ضد الأنفلونزا أثناء الحمل    توقعات أحوال الطقس لليوم الخميس    ملخص الأيام الأولى للتراث والبيئة للجديدة    مبادرة تستحضر عطاءات محمد زنيبر في عوالم الأدب والتاريخ والسياسة    نقص حاد في دواء السل بمدينة طنجة يثير قلق المرضى والأطر الصحية    حوار مع جني : لقاء !        لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوريكات: لست ملحدا لكنني لم أكن أصلي في تازمامارت
قال إن رشيد أمين ظل واقفا ينتظر الإفراج عنه إلى أن مات في صمت
نشر في المساء يوم 30 - 05 - 2014

عندما اقتحمت عليه «المساء» خلوته في باريس، كان يسند رأسه إلى رأس شقيقه بايزيد، يتحاكيان ذكريات يختلط فيها المجد بالمرارة. فوق كرسي اعتراف «المساء»، حكى مدحت «René» بوريكات عن والده التونسي الذي تعلم مبادئ الاستخبارات في الأكاديمية العسكرية بإسطنبول، فقادته إلى الرباط؛ وعن والدته العلوية، قريبة محمد الخامس؛ وعن نشأته وإخوته في محيط القصر الملكي واحتكاكه بالأمراء.. يتذكر مدحت يوم بعثه والده في مهمة خاصة إلى محمد الخامس في فرنسا بعد عودته من المنفى.. ثم اشتغاله في موقع حساس في باريس جعله يتنصت على مكالمات الأمراء والوزراء.. إلى أن سمع ولي العهد يتحدث إلى طبيب والده عن المرض الذي تسبب في وفاة محمد الخامس، والتي يقول بوريكات أنْ «لا علاقة لها بالعملية التي أجريت له على الأنف». في «كرسي الاعتراف»، نتعرف مع مدحت «René» على محيط الملكين محمد الخامس والحسن الثاني، وعلى علاقة المال بالسياسة، وما يتخلل ذلك من دسائس القصور التي قادته، رفقة أخويه بايزيد وعلي، من قمة النعيم إلى متاهات الجحيم في تازمامارت، وجرجرت والدته وأخته بين دهاليز المعتقلات السرية. تفاصيل التفاصيل التي غابت عن كتابه «ميت حي - شهادات من الرباط 1973 إلى باريس 1992» يستحضرها مدحت بوريكات، الذي فقد 20 سنتيما من طوله خلال 20 سنة من الاعتقال، بقدرته المدهشة على الحكي الذي يجعله، يخرج من دور الضحية ليحاكم جلاده، بالسخرية منه طورا، وبالشفقة عليه طورا آخر.
- في تازمامارت، لجأتم إلى الصلاة والدعاء وقراءة القرآن.. للتخفيف من وطأة السجن الرهيب؛ اِحك لنا عن ذلك..
أنا لا أصلي، ولم يسبق لي طيلة كل مراحل حياتي أن صليت، إذا ما استثنينا مرحلة طفولتي في وجدة، حيث كان باشا المدينة صديقا لوالدي، وكان له أطفال في مثل سني، خصص لهم فقيها يدرسهم اللغة العربية، فكان والدي يرسلني إلى بيت الباشا لتعلم العربية، وبما أن الباشا كان يلزم أبناءه بالصلاة، فقد صليت معهم مرة واحدة في حياتي.
- هل كنت تصلي على طريقة المسيحيين عندما درست في المدارس الفرنسية الكاثوليكية؟
نعم، كانت لدينا حصص من التربية الدينية المسيحية، المعروفة ب»Le catéchisme». وقد كنت أحفظ العديد من المقاطع الإنجيلية عن ظهر قلب، كما أنني كنت «Enfant de chœur» ضمن كورال أطفال الأناشيد الدينية في المدرسة.
- إلى أي سن ظللت تحمل الاعتقادات المسيحية؟
أنا، في الحقيقة، لم تكن لدي أبدا اعتقادات مسيحية. كنت فقط أنفذ ما يدخل ضمن البرنامج المدرسي، سواء في مرحلة الدراسة الابتدائية أو عندما عدت إلى الدراسة في مرحلة الثانوي بمؤسسة «Ecole Des Pères De Foucault» في الرباط، بدون أن أكون مسيحيا.
- هل كنت ملحدا؟
أبدا. لم يحدث في مرحلة من مراحل حياتي ألحدت.. أنا أؤمن بالله، لكن ليس بالضرورة كما يؤمن به الآخرون. ببساطة، أنا مثل تلك المرأة الأمية التي ذهبت إلى فقيه وطلبت منه أن يعلمها أن تصلي فقال لها: توجهي نحو القبلة ورددي: «ميمونة كتعرف الله.. والله كيعرف ميمونة» واعتبري أن صلاتك مقبولة. لقد قرأت القرآن بالفرنسية، في ثلاث ترجمات، فلم أفهم منه أي شيء. أنا أعرف أن الأمر يتعلق بترجمات سيئة، ترجمات تجارية في أغلبها. عندما كنت أدرس في «كوليج مولاي يوسف بالرباط» كان لدينا أستاذ يدرسنا مادة التربية الإسلامية، وكان يحس بأنني لا أتفاعل كثيرا مع دروسه، وذات يوم التقى بي في الشارع، فتقدمت للسلام عليه، وعندما خطوت رفقته بضع خطوات، قال لي: «مالك انت.. آش عندك مع الدين؟»، فأجبته: لا مشكلة لدي مع الدين، أنا مسلم وأؤمن بالله. سألني: هل تصلي؟ قلت: لا. سأل ثانية: هل تصوم؟ فقلت: لا. ثم بادرني بسؤال ثالث: هل لديك فكرة عن الحج؟ فقلت: نعم، لكنني لا أنوي الحج. قال: أنت، إذن، لست مسلما! فأجبت: أنت من يحدد هذا.
- لنعد إلى السجن. تحكي في كتابك «Mort vivant» (ميت حي) عن وفاة زميلك رشيد أمين في تازمامارت، ويتضح من خلال ما كتبته أن وفاته كانت الأشد وقعا عليك؛ لماذا؟
أثرت في نفسي وفاة رشيد كثيرا.. لقد كان يظل طيلة اليوم واقفا بباب زنزانته، وعندما كنت أنادي عليه، من حين إلى آخر، وأسأله: رشيد هل أنت نائم؟ كان يجيب: أنا واقف.. أنا واقف عند الباب. فأمعن في السؤال: لماذا يا رشيد؟ فيجيب: حتى إذا ما أفرجوا عنا، أكون من أوائل من يغادرون تازمامارت. لقد كنت أكرر هذا معه صباحا وزوالا.. فأسأله: رشيد، هل تخلد إلى القيلولة؟ هل تجلس فوق الدكة؟ فيقول: أنا واقف أنتظر فرجي. لقد كان مسلحا بأمل.. بأمل كبير في الخروج من تازمامارت. وكان أشد ما يتأثر له هو عندما يتذكر ابنته التي كانت في سن الزواج. كان يقول لي: كيف يمكن لأمها، يا مدحت، أن تزوجها في غيابي، كيف؟ عندما غادرنا أسوار تازمامارت التقيت بزوجته، التي كان يحكي لي أنها موظفة عصرية رشيقة، فوجدت أمامي امرأة مهمومة مغضنة، ثخينة، لا تهتم كثيرا لحالها.. جاءت لتسلم علي قائلة أنا زوجة رشيد، فبادلتها التحية، وعندما غادرت قلت: عن أي رشيد تتحدث؟ من تكون هذه السيدة؟ قبل أن أتذكر رشيد، صديقي.. رشيد أمين.
- كيف كانت وفاة رشيد أمين في تازمامارت؟
لم يعد رشيد يقوى على النهوض والمشي.. غدا كسيحا بعد أن قضى سنوات واقفا ينتظر أن ينفتح بابا الأمل في وجهه، لكن الأمراض والآلام حاصرته من كل جانب وأقعدته. ورغم كل معاناة رشيد، فإنه لم يكن يشكو المرض أو يجهر بالآلام.. استمر لائذا بالصمت إلى أن رحل في صمت.
- في نونبر 1982 استقبلت بنايتكم، البناية الثانية «B2»، مجموعة من العسكريين الذين كانوا معتقلين في البناية الأولى «B1»؛ كيف عشتم هذا «التلقيح»؟
عندما جيء بنا نحن (الإخوة بوريكات) إلى تازمامارت في مارس 1981، لم تكن البناية الثانية «B2» تؤوي سوى سبعة معتقلين، فأصبحنا عشرة. وبعد وفاة عدد من رفاقنا، تم استقدام ثلاثة معتقلين جدد، هم: حميد بندورو، وعبد الله الذي لم يكن قد مضى على التحاقه بالقاعدة العسكرية بالقنيطرة سوى ثلاثة أشهر عندما اعتقل، ظلما، بعد محاولة إسقاط طائرة الحسن الثاني في 1972، ليكون من أوائل من قضوا في تازمامارت، ثم غني عاشور.
- ما الذي نقله إليكم «سكان» البناية الأولى «B1» عن الحياة في بنايتهم؟
أخبرونا بأنهم كانوا يعيشون حياة أفضل بكثير منا، ومرجع ذلك إلى الانضباط والتنظيم الذي كان ينهجه معتقلو البناية الأولى «B1»، بالإضافة إلى أن عددا منهم كانوا ينتمون إلى عائلات ميسورة الحال كانت تمدهم بالدواء وغير ذلك مما كانوا يحتاجون إليه، عن طريق الحراس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.