"نعلن بمعونة الله وباسم شعوبنا عن قيام اتحاد المغرب العربي، مجموعة متكاملة متضافرة الإرادات متعاونة مع مثيلاتها الجهوية، وكتلة متراصة للمساهمة في إثراء الحوار الدولي، مصممة على مناصرة المبادئ الخيرة، ومعبئة شعوبها بما لها من إمكانات لتعزيز استقلال أقطار اتحاد المغرب العربي وصيانة مكتسباتها، وللعمل مع المجموعة الدولية لإقامة نظام عالمي تسود فيه العدالة والكرامة والحرية وحقوق الإنسان ويطبع التعاون الصادق والاحترام المتبادل علاقاته، وتحقيقا لهذه الأهداف أبرمنا المعاهدة التي تحدد مبادئ الاتحاد وأهدافه وتضع هياكله وأجهزته". حرر بمدينة مراكش يوم الجمعة الأبرك عاشر رجب الفرد 1409ه الموافق ل17 فبراير1989م. الموقعون: عن الجمهورية التونسية: زين العابدين بن نعلي؛ عن المملكة المغربية: الحسن الثاني؛ عن الجمهورية الجزائرية: الشاذلي بن جديد؛ عن الجماهيرية العربية الليبية: معمر القذافي؛ عن الجمهورية الموريتانية: معاوية ولد سيدي أحمد الطايع لا هو حي ولا هو ميت وإن توزع مؤسسوه بين مَيتَيْن حَتْف أنفهِما، ومَيِّت مُقاتلة من شعبه، من جهة؛ وبين مُنْقَلَب عليه، وهارب من شعبه، من جهة أخرى؛ فرحم الله الأموات جميعا. ويُلحق بالأموات، من المؤسسين: المرحوم محمد عمامو، الأمين العام الأول للاتحاد، توفي بتونس بتاريخ: 20 مارس 2014؛ المرحوم الحبيب بولعراس، الأمين العام الثاني، توفي بتاريخ 18 أبريل 2014. وأطال الله في عمر السيد الحبيب بن يحيى، الأمين العام الحالي، وقلَّ من يعرفه من الشعوب المغاربية، لأن وضع الاتحاد ألزمه بالجلوس على كرسي الغياب. لا شك أن التفاوت بين الزعماء المؤسسين حاصل في ما يخص مدى الالتزام بالوثيقة الموقعة ومعاهدة مراكش التي أعقبتها، ومدى الجهد المبذول في تنزيلهما، من خلال بناء مغرب الشعوب، بالمواصفات المذكورة. نترك للتاريخ تعميق البحث وتحديد المسؤوليات في ما آل إليه الاتحاد اليوم من جمود أو من بيات شتوي لم يطرق الربيع أبوابه بعد، وإن مر بساحته وأطاح بشجرتين من حديقته. لم تر هذا غير زرقاء اليمامة، ولم تصدقها غير قارئة الفنجان. ولعل هذا البحث سيفيد إذا قدرت للاتحاد حياة أخرى طبيعية، على غرار سائر الاتحادات العالمية النشيطة. لكن هذا الرهان على التاريخ لا يعفينا من معاينة مسرح الجريمة المغاربية -وربما الدولية أيضا- حيث تتم التضحية بمصالح قرابة مائة مليون من السكان، من أجل عشرات الآلاف من الصحراويين المغاربة الذين أكرهوا على مغاضبة مواطنيهم وأهلهم، لتجد دولة الجزائر المبرر الإقليمي لاستنزاف المغرب وإضعافه، تحقيقا لمصالح جيوسياسية لا تصمد أمامها كل المصالح المفترض تحققها من خلال مغرب عربي قوي، سياسيا واقتصاديا. قارئة الفنجان وحدها القادرة على إخبارنا عن هذه المصالح الجزائرية الاستراتيجية -الملغزة- التي تجعل حتى من سوق مغاربية بمائة مليون زبون مجرد "جوطية" متلاشيات. وحبذا لو تهمس هذه القارئة في أذن رجال الدولة الجزائريين بأن سياستهم هذه قوت المملكة أكثر مما أضعفتها: - لقد حرضت المملكة على إعادة بناء كل مدن الصحراء على أسس معمارية وتنموية تضمن لها التطور الذاتي، لتلبية حاجيات سكان في تزايد مستمر؛ - لقد سرعت تطوير التدبير الإداري العام للبلاد بناء على جهوية موسعة، تبدأ بالصحراء، محققة نموذجا متميزا للحكم الذاتي، بسند تاريخي وبأفق تنموي جديد، في غاية الطموح؛ - لقد حفزت الدولة على استدخال المكون الثقافي الصحراوي، أسوة بالمكونات الثقافية الأخرى، في كل استراتيجيات التنمية، حشدا لكل الطاقات الحية بالبلاد وتثبيطا لكل مساعي التفرقة؛ - لقد فرضت عليها بناء قوة عسكرية هائلة، تحسبا لكل شطط. ولعل بعض الدول العظمى اليوم، إضافة إلى دول الخليج العربي، لها ما يكفي من المبررات لتراهن على هذه القوة لقطع دابر الإرهاب والداعمين له، وللرحيل إلى حيث الحاجة إلى خدماتها الإنسانية، كما حصل ويحصل في مخيم الزعتري وفي دول إفريقية جنوب الصحراء؛ - لقد جعلت العالم الحر أكثر إدراكا للكيفية التي يتماهى بها الانفصال في مخيمات البوليساريو مع تنظيم القاعدة في جبال "أفوغاس" شمال مالي. أخيرا أدرك عبد العزيز بوتفليقة أن نواطير الجزائر "ناموا" كثيرا عن ثعالب الصحراء، في هذه الجبال، حتى غدت قوة خارجية تهدد البلاد وتستلزم تعاملا غير تعامل حرس الحدود. ولعله لو نظر بعيني زرقاء اليمامة -إن لم يثق في قارئة الفنجان- لرأى أشجارا تسير، وإن لم يتبين أهي في تندوف أم في بلاد الطوارق؟ - ولا يمكن أن نغفل هنا عبور المغرب -بفضل طاقة دافعة اسمها الصحراء- إلى جنوب الصحراء ليجدد العهد مع إمبراطوريته الروحية القديمة، ويُفعل كل النظريات الاقتصادية المراهنة على العلاقة جنوب جنوب. لقد سبق أن ذكرت أن قدر الدولة المغربية أن تستحم في رمال صحرائها لتجدد شبابها.. حصل هذا عبر كل تاريخها، حيث كانت عزتها وعنفوانها يلوحان جنوبا غالبا. ففيم ضيعتم بناء اتحاد المغرب العربي؟ وإن لم تقتنعوا بطرحي هذا فانظروا حولكم إلى وضعية الدول المغاربية التي لم تَضِعْ منها صحراؤها، ولم تسترجعها، ولم تعرقل الجزائر جهودها؟ اللهم لا شماتة في أحد، ولكنها الحقائق تقفز إلى العيون، كما يعبر الفرنسيون. وعليه فأهلا بالصحراء في مغربها، وأهلا بكل العداء الجزائري إن كان لا يعمل إلا على البلوغ بنا أعلى المراتب. هذه نصيحتي أكيد أنكم أوفياء لرغبتكم الغامضة في إضعاف المغرب -وليذهب الاتحاد المغاربي إلى الجحيم- إن لم يكن تدميره، لكنكم لا تعرفون كيف، ومن أين؟ سأوفر عليكم أتعاب قارئة الفنجان: - فككوا مخيمات الحرب الباردة، حيث لا يوجد سوى ميراث رجلين لم يعودا من هذا العالم، الراحلين بومدين والقذافي؛ - اِدفعوا بالمحتجزين إلى حواضر الصحراء المغربية، حيث لا شيء اكتمل لاستقبالهم؛ ومن المؤكد أن قبلات عائلاتهم وأحضانها لن تكون كافية لإطعامهم وإيوائهم. ستلاحظون كيف سترتبك البلاد اقتصاديا، وكيف ستختلط الأمور على كل اللجان المشتغلة على ملفيْ الحكم الذاتي والمشروع التنموي الجديد؛ - تنادوا بسرعة لتفعيل جميع هياكل الاتحاد المغاربي، بما فيها هياكل التكامل الاقتصادي، حتى ترتخي عضلات السيدة أمينة بن خضرة وتوقف كل أشغال التنقيب عن البترول والغاز، ماداما مما تسيل به الأباطح لديكم. المرأة صارمة وعنيدة، وقد أقسمت ألا تجلس حتى ترى ناقلات البترول العملاقة بأعلام مغربية؛ - فككوا كل الترسانة العسكرية التي كادت تشتعل حربا علينا، لأنها لا تطيق الانحباس في المخازن، وسترون الارتخاء يدب في مرابط خيلنا، وكل عساكرنا قاب أمتار من البحر، مسترخين على الرمال كالفقمات القطبية؛ - داهموا المغرب بأوراش مغاربية متلاحقة حتى لا يجد وقتا لأية رحلة صيد إفريقية، يعود منها بالفيلة والأسود؛ - افتحوا حدودكم البرية كلها حتى لا يبقى في الجزائر شاب أحمق يردد، مبحوحا، بركات، سواء الجزائرية أو المغربية. إن المال والشباب -وحتى الجمال- يُسَيران قطارات الحياة المغاربية في جميع الاتجاهات، بعيدا عن الفصول التي باتت تنسب إلى العرب استهزاء، وهم أصحاب فصل واحد اسمه السلطة، ولو على كرسي متحرك، ولا أدرى منكم بهذا الفصل. عدا هذا لن تلين المملكة، ولن ترتخي عضلاتها أبدا؛ فهل تثقون وترشفون من فنجاني هذا؟ رمضان مصباح الإدريسي