قال جوان تاردا، الناطق الرسمي باسم حزب اليسار الجمهوري الكتالاني (ممثل في البرلمان الإسباني)، ل«المساء»، إن حزبه حاول أكثر من مرة طرح موضوع ضرورة اعتذار إسبانيا للريفيين عن استعمال الغازات السامة خلال عشرينيات القرن الماضي، لكنه كان يلقى دائما معارضة شديدة من طرف الحزبين الاشتراكي العمالي الحاكم والشعبي اليميني المعارض اللذين كانا يتحالفان من أجل إفشال هذه المحاولات ويفكران بنفس الطريقة إزاء هذه القضية. وجاءت تصريحات تاردا على هامش دعوة مصطفى المنصوري، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، إسبانيا إلى الاعتذار وتقديم تعويضات للريفيين بسبب استعمال الغازات السامة. ورفض تاردا التعليق على تصريحات المنصوري بالذات، إذ اعتبرها مسألة سياسية داخلية للمغرب، ولا يريد الخوض فيها، بيد أنه أوضح أن إسبانيا باتت مجبرة على طرح موضوع استعمالها للغازات السامة للنقاش، لأن الأمر لم يعد يحتمل التأجيل، مشيرا إلى أن إسبانيا باعتبارها بلدا ديمقراطيا صارت ملزمة بتقديم الاعتذار، وهذا الأمر الذي طرحه حزبه في اللجنة الدستورية ولجنة الذاكرة المشتركة في البرلمان الإسباني كان دائما ينتهي إلى الفشل، مبرزا أنه من المخجل بالنسبة إلى بلاده أن ترفض الاعتذار عن مثل هذا الأمر. ومن جانبها، قالت ماريا روسا دي مادرياغا، مؤرخة إسبانية وخبيرة في ملف استعمال إسبانيا للغازات السامة بالريف، في تصريحات خصت بها «المساء». إن تورط إسبانيا في استعمال الغازات السامة في المنطقة الشمالية المغربية أمر مؤكد بيد أنه يصعب معرفة الكمية التي استعملت من غاز «هيبريتا» السام أو إحصاء عدد الضحايا بالضبط بسبب عدم وجود معطيات حول الموضوع، مضيفة أنه يصعب أيضا التأكد من أن غاز»الهيبريتا» هو المسبب لداء السرطان في منطقة الريف بحكم مرور وقت طويل على الحادثة واثبات البحوث العلمية أن هذا الغاز السام يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بالسرطان في حالة الأشخاص الذي يشتغلون مدة طويلة في معامل انتاجه، أما بالنسبة إلى الاشخاص الذين يرمى عليهم، فإنهم إما يموتون جراء استنشاقه أو يصابون بحروق متفاوتة الخطورة. وشددت دي مادرياغا على أنه في حالة ملف الغازات السامة يصعب إثبات أشياء كثيرة الآن، موضحة أن ذهاب لجنة علمية إلى المنطقة لتقصي الحقائق سيجعلها أمام وضعية صعبة بحكم أنه لم تكن هناك متابعة طبية للحالات التي تضررت بالغازات السامة الإسبانية، مبرزة أن استعمال هذه الغازات واقعة تاريخية لا يمكن إنكارها ويجب على مدريد الاعتراف بها والاعتذار عنها، ويبقى على السياسيين إيجاد الصيغة المناسبة لذلك. ويعود ملف الغازات السامة بين المغرب وإسبانيا إلى الواجهة، في ظل الاحتقان الخفي الذي ظهر أخيرا بين الرباطومدريد بسبب عدة ملفات منها تصريحات البرلماني الأندلسي خوان مانويل سانشيث التي تهجم فيها على المؤسسة الملكية، وحرب الطماطم التي يقودها المزارعون الإسبان ودعم إسبانيا لحركة الشواذ في المغرب في ظل الحرب التي تشنها وزارة الداخلية عليها.