يوجد جهاز الشرطة الوطنية الفرنسية مند بداية الأسبوع الماضي في قلب فضيحة أخلاقية تعد الأكبر والأخطر منذ تأسيسه، وهي الفضيحة التي تهدد صورته ومصداقيته لدى الرأي العام الفرنسي، بعد اتهام سائحة كندية أربعة من كبار عناصر الجهاز بالتناوب على اغتصابها في أحد مكاتب المقر الشهير ب36، بعد استدراجها من إحدى الحانات الباريسية، ودعوتها إلى زيارة خاصة إلى مقرها المتواجد بباريس. كما وجدت وزارة الداخلية الفرنسية نفسها في قلب الفضيحة التي هزت الرأي العام الفرنسي، ليسارع وزير الداخلية، برنار كازنوف، إلى توعد المتهمين بالجزاء العادل في حال ثبتت التهمة في حقهم. غير أن قادة الشرطة الفرنسية يرون أن القضية مهما كانت نتائجها، سواء أدين رجال الشرطة المتورطون، أم تمت تبرئتهم، ستحمل بالتأكيد تأثيرا سلبيا على صورة فرق الشرطة لدى الفرنسيين. يخشى اليوم رجال الشرطة من المنتمين إلى الفرقة من أنهم سيصبحون موضوعا للتهكم لدى العامة أثناء قيامهم بعملهم، كما أن الحادثة قد تفقد الشرطة الفرنسية بكل تشكيلاتها احترام الناس. أربعة متهمين برتب مختلفة هزت قضية اغتصاب السائحة الكندية الشابة من طرف عناصر شرطة فرنسيين، كيان الشرطة الوطنية الفرنسية، لكن مع ذلك مازالت إدارة الشرطة القضائية الفرنسة لم تستسغ بعد كيف حول رجال مكافحة العصابات أو فرقة مكافحة الجريمة المنظمة مكتب المقر التاريخي للشرطة القضائية في باريس «كيه ديز أورفر 36 « الشهير إلى مسرح للجريمة، وأقدموا على اغتصاب سائحة شابة داخله، بعد أن استدرجوها إليه. المقر الذي يعد الأشهر في فرنسا، يضم حوالي 1700 ضابطاً من الشرطة القضائية، يحققون في حوالي 10 آلاف قضية في العام.. من المعتقلين الأربعة هناك شخص يحمل رتبة «نقيب»، بينما شرطي آخر يحمل رتبة «ملازم». وينتميان إلى فرقة البحث والتدخل التابعة للجهاز، تمت إحالتهما على القضاء الفرنسي الذي وجه إليهما تهمة اغتصاب جماعي وإتلاف أدلة من مسرح الجريمة، أي «تغيير في معالم مسرح الجريمة» في رواية الاتهام هناك شرطيان من ضمن الأربعة المتهمين، يبلغان من العمر 45 و 40 سنة على التوالي، وهما شرطيان محترفان، أجبرا السائحة الكندية البالغة من العمر 35سنة، على ممارسة الجنس الفموي قبل أن يجبراها على الخضوع لرغبتيهما الجنسية والخضوع لممارسة جنسية كاملة، وبعد الانتهاء وهروب الضحية، وشعورهما بما قاما به، سارعا إلى إتلاف كل ما يمكن أن يدينهما، وقاما بتنظيف مكان الجريمة، ومسحا كل أثر لممارسة جنسية مع السائحة الكندية. وقد طالبت محكمة باريس الابتدائية بسجنهما فورا، لكن القاضي بعد أن اطلع على حيثيات القضية سمح بإطلاق سراحهما وأن يتابعا في حالة سراح، لكن شرط أن يخضعا للمراقبة القضائية المستمرة، ليتم وضعهما تحت المراقبة الدائمة، بعد أن أمضيا 48 ساعة رهن الاعتقال، حيث خضعا للاستجواب، ولم يقتصر تحقيق الشرطة عليهما فقط، بل تم الاستماع إلى اثنين آخرين من زملائهما، قبل أن يفرج عنهما فيما بعد من دون توجيه أي اتهامات لهما، في الوقت الذي طالت التحقيقات شخصا آخر برتبة رقيب أول، لكن اعتبر كشاهد مساعد فقط ولم توجه إليه أي اتهامات، للاستعانة به من أجل توضيح بعض الأمور الغامضة في القضية. وتوعد وزير الداخلية الفرنسي المتهمين بتلقي العقاب المناسب، إلا أنه ولعدم تواجد أدلة كافية تدينهم، اكتفت وزارة الداخلية الفرنسية بتوقيف رجال الشرطة المتهمين عن مزاولة مهامهم إلى حين انتهاء التحقيق. وكانت التحقيقات التي باشرتها الشرطة الفرنسية تشمل شرطيا آخر، سرعان ما تمت تبرئته لتواجده وقت حدوث جريمة الاغتصاب في مهمة حراسة «بوف كاروت» وهي المفتشية العامة للشرطة الوطنية الفرنسية، وهو تعبير يقصد الشرطة في فرنسا، أي الشرطة المتخصصة في مراقبة مصالح ومؤسسات تكوين الشرطة الوطنية الفرنسية، أسست في أكتوبر من سنة 1986، مهمتها إجراء التحقيقات الجنائية والتأديبية في سلوك الشرطة. العار الذي يلاحق الشرطة تخشى الداخلية الفرنسية أن يؤدي الحادث الذي تعرضت له السائحة الكندية إلى تشويه صورة الشرطة الفرنسية، كما انتشرت مخاوف وسط رجال الشرطة خوفا على سمعتهم. إذ يقول أحد رجال الشرطة العاملين بالفرقة ذاتها: «الحادثة تحمل تأثيرا سيئا لصورة الفرقة 36، المختصة في البحت والتدخل، وتعد من فرق النخبة في صفوف الشرطة الوطنية الفرنسية، وهي الفرقة التي لا تقوم بإجراءات قضائية على عكس باقي الفرق، لكنها تشكل سندا ودعما قويا لباقي الفرق في الميدان فيما يخص محاربة اللصوص والمجرمين، كما تشتهر الفرقة أيضا بتنفيذ الاعتقالات التي تصنف على أنها حساسة وصعبة». وقد انتشرت المخاوف في صفوف المنتمين إلى الفرقة أو باقي فرق الشرطة الوطنية الفرنسية، إذ يأسف أحد رجال الشرطة المنتمين للفرقة نفسها لحادث اغتصاب الضحية الكندية، كما يأسف لما ستؤول إليه سمعة الفرقة ذاتها، بعدما أصبحت مهددة في مصداقيتها في أوساط الفرنسيين، قائلا « أخشى اليوم أنه عندما يذهب أعضاء الفرقة مرتدين زيهم الرسمي في ساعة مبكرة من الصباح من أجل اعتقال اللصوص الكبار، أن يفتح أحدهم لهم الباب ويواجههم بالقول « آه، أنتم أيها المغتصبون» استدراج الضحية تعود أحداث الواقعة إلى مساء يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي، في حانة إيرلندية بالقرب من نهر السين في باريس، التقى رجال الشرطة المتهمون السائحة الكندية، التي أخبرتهم أنها قدمت من أجل تمضية عطلة 15 يوما بباريس، وهي حسب ما أخبرتهم ابنة لمفتش شرطة كندي سابق ب»تورونتو» الكندية، كما سبق لها أن اشتغلت شرطية في السابق في بلدية مدينة تورونتو أيضا، وهو ما جعل الأمر كحديث زملاء في المهنة. وحسب ما ورد في ملف القضية، تجاذبت الكندية الشابة أطراف الحديث مع الفرنسيين الأربعة حول عمل الشرطة في فرنسا، كما أخبروها عن زيارة سابقة لهم إلى كندا، وهو الحديث الذي سرعان ما تحول إلى تبادل لعبارات الغزل مع أحدهم وهو برتبة رقيب لواء، الذي لم يرتدد في أن اقترح عليها زيارة خاصة لمقر الشرطة الفرنسية الشهير، بعد السهرة الساخنة بملهى إيرلندي بالدائرة الخامسة بباريس فقبلت مرافقته إلى مقر عمله. قادها الشرطي وهو الأعلى رتبة في المجموعة بواسطة سيارته، بينما انتقل الآخرون مشيا على الأقدام إلى المقر، دخلا إلى مقر الشرطة حوالي الواحدة صباحا، وقد سجلت كاميرات المراقبة المنتشرة في كل أرجاء المقر تفاصيل وصول الكندية رفقة الشرطي الفرنسي، وصعودها الأدراج ثم دخولها إلى المكتب الذي قالت إنها تعرضت فيه للاغتصاب. ويظهر فيديو المراقبة الكندية ورفيقها الشرطي يمران بالقرب من الباب الرئيسي، حيث يظهر واضحا ما هو مكتوب على الباب «مديرية الشرطة القضائية السلم أ»، وبعد وصولهما إلى الطابق الثاني يدخلان من باب آخر، وعلى بعد 105 خطوة تنقل الكاميرا وجودهما أمام علامة زرقاء مكتوب عليها «فرقة الجريمة» في الطابق الرابع، وفي بداية الردهة يدخل الشرطي الفرنسي السائحة الكندية إلى حجرة متواجدة على اليسار، مكتوب فوقها «مكافحة الجريمة المنظمة»، ويظهر التسجيل الشرطي وهو يقوم بفتح الباب بعد تركيب الكود السري، وبعد دخول الغرفة تنقل الكاميرا غرفة مليئة بالصور، صور رهائن كالسفير العراقي في باريس سنة 1978 أو موت جاكي ميسرين في سيارته «بي ام دبليو» سنة 1979، الذي قتل من طرف شرطة مكافحة الجريمة المنظمة، تنقل الكاميرا أيضا صورة مفوض الشرطة «روبيرت بروساد» الشهير، وهو المفوض الذي قاد فرقة البحث والتدخل من سنة 1972 إلى سنة 1982، إلى غير دلك من الصور التي توثق لعمل وتدخلات الفرقة، وهي فرقة ذكورية بامتياز، إذ أن عناصرها كلهم من الذكور. بالقرب من الدرج الملتوي بشكل حلزوني والمؤدي إلى أسفل، هناك مصعد شحن قديم يسمح بتنزيل المواد إلى الشاحنة المصفحة، المتواجدة في فناء المخزن الخاص بالفرقة، المصعد نفسه يستعمل لنقل قنينات الكحول. يعد الشرطي الرقيب المتهم باستدراج السائحة الكندية من الحانة الإيرلندية واغتصابها من عناصر الفرقة الشجعان، حيث يشهد سجله على أنه ساهم في إنقاذ أرواح الكثير من زملائه حسب شهادة مفوض شرطة في الفرقة نفسها، غير أن حادث الاغتصاب الأخير يظهر أن الشرطي الرقيب شره وميال لاقتناص الفرص. تفاصيل الاغتصاب يوم الأربعاء الماضي وفي ساعة مبكرة، حوالي الواحدة صباحا جلب الرقيب إلى مكتب الفرقة السائحة الكندية، عبر سيارته، قبل أن يلتحق الآخرون بمقر الفرقة، وبعد أن اجتمعوا من جديد في المكتب، شرعوا في احتساء الخمر من جديد مع السائحة الكندية، واستمروا في الشرب إلى أن بلغوا مرحلة، حسب شكاية الكندية، أقدموا فيها على خلع ملابسها، كما قاموا بنزع نظارتها ولأنها ضعيفة البصر لم تعد تقوى على رؤية شيء، قبل أن يقدم الثلاثة على اغتصابها بالتناوب، مستعملين الواقي الذكري، وحسب الشكاية التي تقدمت بها فقد أجبرها الرقيب على ممارسة الجنس الفموي. بعد أن انتهوا من اغتصابها، لملمت بعض أشيائها واتجهت إلى الممر محاولة الهرب من الغرفة التي تناوبوا فيها على اغتصابها إلى خارج المبنى، اعترض طريقها شرطي آخر في المبنى، استوقفها وجرها إلى مكتب آخر حيث قام بدوره باغتصابها، هذا الأخير لم يستطع التحقيق التوصل إلى هويته، في ظل عجز الضحية التعرف عليه، لكونها كانت دون نظارتها الطبية التي بدونها لا تستطيع النظر بوضوح، وبعد أن انتهى توجهت حافية إلى الدرج، حيث سقطت منه إلى أسفل. ويروي البواب الذي ساعدها، والذي توجهت إليه بعد خروجها من مقر الشرطة، أنها كانت في حالة خوف ورعب، حافية وتحمل حذاءها في يديها، البواب أخبر الشرطة أنها شرحت له بإنجليزية تختلط بالفرنسية أنها تعرضت لاغتصاب في مقر الشرطة 36، قبل أن يتكفل الأمن العام الفرنسي بحماية الضحية وينقلها إلى الشرطة في الدائرة الرابعة، حيث وضعت شكايتها ضد المتهمين الأربعة. تنظيف مسرح الجريمة من أثار الاغتصاب مباشرة بعد وضع الشكاية، ولأن الأمر يتعلق بتهم ضد الشرطة الفرنسة، فقد باشرت ابتدائية باريس تحقيقا في اليوم الموالي، أسفر عن توقيف ثلاثة متهمين، لكن المحققين عندما فتشوا المكتب الذي شهد حادثة الاغتصاب وجدوا أن المتهمين قاموا بتنظيف المكان لإزالة أثار ودلائل الجريمة. ويعتقد الإدعاء أن المتهمين قاموا بطمس الأدلة في الموقع الذي حدثت فيه واقعة الاغتصاب، حيث أقدموا على تنظيف المكان بماء «جافيل وأخفوا كل ما يمكن أن يدينهم، جوارب ونظارات الضحية، قنينات الكحول التي استهلكوها، وأيضا العوازل الطبية التي استعملوها أثناء اغتصاب الضحية. في الحراسة النظرية أنكر المتهمون كل الاتهامات الموجهة إليهم من طرف السائحة الكندية، قبل يتراجع أحدهم ويعترف أنه جامع السائحة الكندية جنسيا، ولكنه أكد أن تلك العلاقة كانت بالتراضي وأن السائحة الشابة رغبت في ذلك. تراجع عنصر الشرطة الذي يحمل رتبة رقيب عن إنكاره واعترافه بممارسة الجنس مع السائحة الكندية جاء بعد فترة من الإنكار، لكنه يصر حسب محاميه على أن الأمر لم يكن اغتصابا بل ممارسة جنسية بالتراضي، في الوقت الذي تشبث المتهمون الآخرون بما قالوه في بداية التحقيق من أنهم لم يمارسوا الجنس عنوة على السائحة الكندية. فرقة البحث والتدخل ينتمي المتهمون الأربعة إلى فرقة البحث والتدخل التابعة للشرطة الفرنسية في باريس، وهي الفرقة التي أسست سنة 1964، كانت تسمى في السابق فرقة مكافحة العصابات أو الجريمة المنظمة، تتكون من 48 موظف مختص في التدخل وفي القيام بالاستجوابات التي تصنف على أنها صعبة، وكانت الفرقة قد اتخذت من «كيه ديز أورفر 36» مقرا لها، فأصبح المكان شهيرا لتواجدها فيه، وهو المقر ذاته الذي يضم الشرطة القضائية لباريس، كما يضم أيضا فرقة الجرائم وفرقة المخدرات.