فتح الحديث، مؤخرا عن تشكيل لجنة ثنائية بين نقابيي القناة الثانية وإدارتها حول مطلب التقليص من التفاوت في الأجور بين المنتمين إليها، النقاش من جديد حول معايير هذا التفاوت وخلفياته ومسوغاته و«كواليسه» وأوجه تقاربه أو تباعده مع ما تعيشه مكونات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة. في الوقفات الاحتجاجية التي تم خوضها من طرف مختلف الأطياف النقابية بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، كان التركيز على ضرورة تحسين وضعية العاملين، بما في ذلك تحسين أجورهم وتقليص التفاوت بين مختلف المنتمين للشركة واعتماد آلية جديدة للترقيات ورد الاعتبار للمنتجين المنتمين إلى الشركة. في هذا الإطار أكدت لطيفة الدكالي، الصحفية وعضوة المكتب النقابي الموحد أن بعض العاملين في القناة الأولى يتقاضون أجورا خيالية تتجاوز خمسة ملايين، ويشتغلون كموظفين عاديين، وأضافت: «هذا هدر لميزانية الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، فحينما تجد مثل هذه الحالات لا تفهم شيئا، لكنك تعرف أن هناك أمرا غير عادي وراء الكواليس، لدينا وثائق تؤكد أن البعض يجازى لمصالح شخصية أو لأسباب وأهداف لا نريد الخوض فيها، وهذا شيء ظاهري، الغريب في الأمر أن هناك أشباحا يتاقضون أجورا، لا يحضرون ولا ينتجون، هذا دون الحديث عن الموظفين الأشباح الذين يحضرون ولا ينتجون... والغريب أن أحد مسؤولي الموارد المالية، يقول إن للرئيس المدير العام الحق في منح خمسة أجور لمن يشاء، ولست أفهم هذا المنطق الذي يتحدث به». ويتحدث صحفي نقابي منتم إلى الشركة الوطنية للإذاعة الوطنية رفض الكشف عن اسمه، عن وجود موظفين أشباح بالشركة الوطنية، بالقول:» من بين مطالب وأهداف اللجنة الثنائية التي من المنتظر أن تنتخب قريبا أن تكشف عن لائحة المشتغلين بالشركة، وهو ما يتيح لنا معرفة الأشباح الذين يمكن تقديرهم بعشرة أشخاص، بعدما تقلص العدد بفعل عملية المغادرة الطوعية، تخيل أنني اطلعت على ورقة أداء الصحفية فتيحة المعطاوي رغم عدم معرفتنا بمصيرها، كما أن المدير الفني للشركة علي الصافي يتقاضى ما يقارب خمسة ملايين، دون أن نلمس عمله ووظيفته الحقيقية، هذا فضلا عن استمرار توصل مدراء سابقين بالشركة للأجرة، رغم مغادرتهم لها». وأضاف الصحفي: «هناك حالات مختلفة في التعاطي مع الأجور في الشركة، هناك الموظفون النظاميون الذين تطبق عليهم معايير الوظيفة العمومية، مع احتساب تعويضات( النقل، الإقامة، التنقل..) تتراوح بين 1700 درهم و4000 درهم، وهناك من يطبق عليهم قانون الشغل وفق عقد غير محدد، ويكون في الحالة الثانية خاضعا لما يسمونه «الإنتاجية»، وأتذكر أنه حينما سئل أحد المسؤولين عن سبب تقاضي الإذاعي نور الدين كرم مبلغ 50 ألف درهم، كان الرد بأن الأخير يجلب للشركة مليار سنتيم، أليس هذا حيفا في حق المشتغلين؟ كما أن هناك فئة يطبق عليها منطق المسؤولية والمهام، فرؤساء قطاع يتقاضون 22 ألف درهم فما فوق، ومدراء المديريات ينطلقون بمبلغ 35 ألف درهم، أما المدراء المركزيون فيتقاضون في بداية تسلمهم للمهام مبلغ 50 ألف درهم، ولك أن تتخيل ما يتقاضاه المدير العام والرئيس المدير العام للشركة. وفي تعليقه على مطلب تقليص التفاوت في الأجور، قال محمد البوفراحي، في اتصال مع «المساء»: «لست أفهم ماذا يريدون بهذا المطلب، هناك قانون في مسألة الأجور، وهو ما يطبق على نظام الوظيفة العمومية، وهناك الرقم الاستدلالي لكل واحد و الأجر القاعدي، والأمور تسير في إطار تطبيق القانون». إذا كانت مشاكل المنتمين إلى الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تتعلق بالدرجة الأولى بتفاوت الأجور في نقط التباعد بين تعويضات المدراء والموظفين ومنح صفة المدراء لموظفين عاديين بشكل يمنحهم أجرا مرتفعا، وفي نقطة المزاوجة بين نظام الوظيفة ونظام قانون الشغل، فإن المنتمين للقناة الثانية يشتكون من التفاوت بين أجور المشتغلين في إطار العقود غير محددة المدة التي تبرمها القناة مع العاملين فيها. وفي الوقت الذي أكد فيه محمد الوافي عضو المكتب النقابي لدوزيم في تصريح سابق ل«المساء»، أنه ليست هناك لائحة محددة للأجور وأن اللجنة التي شكلت بين الإدارة والمشتغلين فيها سيناط بها مهمة الكشف عن حقيقة التفاوتات في الأجور، وفي الوقت الذي لم يتسن لنا أخذ توضيحات أواقتراحات أو حلول من الإدارة، لحساسية الموضوع، أسر مصدر من داخل القناة أنه بالرغم من السرية التي تتعلق بالأجور، فهذا لا يمنع من تسجيل تفاوتات صارخة في دوزيم، إذ في الوقت الذي يتقاضى فيه أحد المشتغلين في مديرية الأخبار، الذي قضى أكثر من 15 سنة في دوزيم مبلغ 20 ألف درهم، يتقاضى زميل له بنفس الشروط التي اشتغلا بها مبلغ 50 ألف درهم، ويصل هذا الرقم -حسب ما أكد المصدر- 100 ألف درهم في «سدة» المديرية، كما أن أحد المنشطين الفنيين البارزين الذي قضى أكثر من عشر سنوات في القناة وصل أجره مؤخرا إلى مبلغ 11 ألف درهم، في حين يتسلم بعض منفذي الإنتاج مبلغ 25 ألف درهم شهريا، دون احتساب منح المهمة التي تقدرب500 درهم عن اليوم، كما أن مسؤولة التواصل والماركوتينغ تتقاضى مبلغ 50 ألف درهم، مع تجميد عملها بنظر البعض. وأكد المصدر أن بعض منشطى البرامج الفنية ( ماجدة بنكيران، فاتن هلال، مريم السعيد..) غير منتمين لدوزيم يتقاضون مبلغ 15 ألف درهم نظير الحلقة الواحدة، في وقت يحصل فيه المتعاونون (صحفيون تناط لهم مجموعة من المهام) على مبلغ 10 ألف درهم شهريا، في حين تتقاضى أحد الصحافيات المقربات من برنامج» أجيال» مبلغ 7000 درهم شهريا، هذا دون الحديث عن حالات توقع فيها القناة الثانية عقودا مع بعض الأسماء لتنشيط حلقات بأجور تعتبر في نظر البعض خيالية تصل أحيانا إلى ما يقرب 50 ألف درهم، وفي هذا الإطار لم يستبعد المصدر أن يكون حميد برادة معد ومقدم برنامج «ميزونكور» يتقاضى مبلغ خمسة ملايين سنتيم عن الحلقة مع شروط الإقامة.... أمام هذا الوضع ينتظر المشتغلون في التلفزيون المغربي تفعيل اللجان التي تم الترويج لها إعلاميا والانخراط فعليا في مسار النقاش وتصحيح الوضع وتقليص أو تذويب الفروقات بين الأجور في أجمل الاحتمالات وأبعدها تحققا في المستقبل القريب.