هم 120 صانعا و65 معلما، يمتهنون الصناعة التقليدية في الفندق الجديد 46، بالقطانين بفاس العتيقة. تائهون.. وحائرون والسؤال ينهشهم, بعدما أبلغتهم السلطات بضرورة الإفراغ لأجل ترميم الفندق 46 في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. كانت أصواتهم المبحوحة التي توصلت بها «المساء» -بواسطة فيديو صور من قبل جمعية فاطمة الفهرية للتنمية والتعاون بفاس- تصدح بكلمات يعبرون فيها عن الخوف الذي يشعرون به تجاه مشروع لا علم لهم بتفاصيله. صناع وحرفيومن بسطاء، لا يملكون غير أصواتهم التي نابت في التبليغ عما يسكن في دواخلهم من مخاوف من تشريدهم وأسرهم، بعد إفراغهم من محلات، يسترزقون منها. حالة من اليأس والخوف الممزوج بمتاهات السؤال ولا مجيب، فهمهم المشترك ضمانة واضحة من لدن السلطات المشرفة على الترميم، حتى يضمنوا قوتهم ويتقوا شر السؤال ومد اليد. «المساء» وقفت على معاناة هؤلاء الصناع والحرفيين من خلال شريط الفيديو الذي تتوفر على نسخة منه، والذي يعبرون فيه عن تذمرهم جراء ما يتهددهم وقوتهم اليومي بعد إبلاغهم لقرار السلطات المعنية بالترميم، هذا الأخير الذي لا يعترضون عليه شريطة ألا تضيع حقوقهم في كسب قوتهم اليومي من حرفة لا يجيدون غيرها، وهي الصناعة التقليدية بالمدينة العتيقة فاس، وكانوا راضين ب» اللي قسم الله» من الدراهم التي تدرها عليهم حرف برعت فيها أياديهم التي توارثتها أبا عن جد. صناع و«معلمين» لم يجدوا من يد تمتد نحوهم للاستماع لمعاناتهم ولإيصالها غير الاستنجاد بجمعية فاطمة الفهرية للتنمية والتعاون، التي نابت عنهم بإبلاغ أصواتهم التي توحدت في جمعية صناع الأمل الفندق الجديد 46 الأمل. بداية الحكاية كان الصناع والحرفيين يشتغلون ويتدبرون قوت يومهم، إلى أن تم إبلاغهم في الأيام القليلة الماضية بمشروع ترميم يهم الفندق الجديد 46، حيث دكاكين الصناع والحرفيين التقليدين، مما خلف ردود أفعال بين صفوف المتعلمين والصناع، تعالت فيها أصوات المتضررين أكثر من المستفيدين، إذ شمل نص الاتفاق بين «المعلمين» والمؤسسات المعنية تعويضا لا يتعدى 1500 درهم شهريا بمعدل 50 درهما شهريا دون تعويض «الصانع» وذلك لمدة سنتين فقط، الشيء الذي يرى فيه الصناع و»المعلمين» معا تهديدا لهم وبداية لتشريدهم. معاناة الصنايعية وبعصبية ممزوجة بخوف تساءل أحمد الرحالي (صانع)، أين سيذهب 120 صنايعي، خاصة وأننا نتحدر من أسر فقيرة ونعيل بدورنا أبناءنا، وقضينا جل سنوات عمرنا بهذا الفندق، فمنا من اشتغل به لما يزيد عن 20 سنة و30 سنة، ولا نعرف مكانا غيره لنضمن قوت يومنا، إذ أن «المعلم» تم تعويضه، بينما الصانع أين سيذهب في حالة ما إذا لم يستطع «المعلم» أن يوفر أجرة «الصانع» والتي لا تتجاوز 300 درهم في الأسبوع، أكيد سيستغني عنه لأنه بدوره ملزم بسومة كرائية لمحل يبعد عن المدينة القديمة ، حيث أن هذه الأخيرة، يستحيل أن يجد فيها محلات للكراء بما قيمته 1500 درهم ولأجل ذلك فإن الصنايعي، سيصبح مجبرا على أن يتنقل إلى مكان العمل، مما يشير إلى مصاريف إضافية ستنضاف أسبوعيا إلى «الصنايعي» الفقير، والتي لن يتحملها بكل تأكيد، كونه يعيل أسرة بكاملها بأجر شهري لا يتعدى 1200 شهريا. وللمعلمين أيضا ..معاناة 50 درهما في اليوم «للمعلم» ذلك ما اقترحته السلطات على الصناع والحرفيين الذين يبلغ عددهم 120 صانعا و65 «معلما» وذلك لمدة سنتين، إلى أن يرمم الفندق الجديد 46 في المدينة العتيقة بفاس، والتي تأتي في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. وفي السياق ذاته يقول الهواري امحمد (رئيس الصناع بالفندق) يوجد في الفندق الجديد دكاكين مختلفة من حيث النشاط التجاري، فالدكاكين التي توجد في الطابق السفلي هي تجارية بخلاف التي توجد في الطوابق العلوية، ولأجل ذلك فنحن كمعلمين نخاف من أن تضيع دكاكيننا بالرغم من أن السلطات تقول ليس هناك نزع للملكية، لكن هناك من قال لنا إنه لن تحتفظ الدكاكين بالمساحة التي توجد عليها حاليا، فمن يملك دكانا مساحته 50 متر ستقتطع من مساحته 25 متر، لأن شيئا ما سيمر بمحاذاته، أعتقد أنه زقاق أو ما شابه، إلى جانب أننا كحرفيين غير متأكدين من أن الأشغال ستنتهي بعد سنتين فقط، وهي التي عرض علينا التعويض فيها بمقابل 50 درهما يوميا بمعدل 1500 درهم شهريا، لأجل اكتراء محلات بديلة خلال سنوات الترميم التي لسنا متأكدين كم ستدوم. غموض وغياب الحوار وزاد (رئيس الصناع بالفندق) في سرده لمعاناته والمعلمين الذين يمثلهم متسائلا في الآن ذاته وإن زادت سنوات الترميم من الجهات المسؤولة، من الذي يعوضنا أو حتى يحمينا من التشرد بدورنا، خاصة وأن عقد الالتزام الذي بين أيدينا لا يتضمن الجهة المسؤولة عن الترميم، بل يتضمن ذيلا ب» المؤسسات» ما هي هذه المؤسسات؟ وأين نتوجه إن ضاع حقنا كصناع وحرفيين؟ أي باب نطرق؟ فلا محاور ولا جهة بعينها توضح لنا المصير الذي سيلحقنا ودكاكيننا التي هي مصدر عيش أسر يعيلها 120 صنايعي و 66 معلما؟
مقترحات وحلول أجمع جل الصناع وكذا «المعلمين» أنه لأجل حمايتهم وأسرهم من تشريد لا محال قادم، فتح قناة الحوار مع مسؤول بعينه وممثلي الصناع التقليدين في الفندق الجديد 46 بفاس العتيقة، بدل تعدد الجهات المحاورة، وتوضيح صفة الطرف المتعهد الذي يتحمل تبعات التأخير في إنجاز مشروع الترميم، الذي يهم الفندق بدلا من «المؤسسات»، وتغيير صيغة الالتزام بصيغة تكون أوضح وتضمن حقوق أرباب الوحدات الصناعية، وكذا توقيف الضرائب المرتبطة بالمحلات مادامت تخضع للإصلاح لحين إرجاعها لأصحابها. واقع الصناعة التقليدية بفاس اشتهرت مدينة فاس أكثر من غيرها مند القديم في إنتاج النسيج التقليدي المتنوع، المتشكل أساسا من الحرف القديمة التي ورثها الصناع أبا عن جد. هذا النشاط المتوارث، ضمن آلاف مناصب الشغل للعديد من الحرفيين الدين أبدعوا واجتهدوا، الشيء الذي جعل إبداعهم خلال فترات يكتسح الأسواق العالمية. وبفاس كما في غيرها من المدن العريقة تكونت أسواق اختصت في بيع منتوجاتها من الصناعة التقليدية..منها على سبيل المثال، سوق السلهام، سوق الحايك، سوق التليس، والسوق البالي، وسوق الغزل إلى غير ذلك.. ولا يحتاج المرء إلى كبير عناء كي يدرك المصير البئيس لعدد كبير من الصناع والحرفيين الذين لفظهم القطاع لأسباب متداخلة،على رأسها: - غزو الأسواق الداخلية بمنتوج هجين. -انعدام القدرة على المنافسة -إحالة معظم هؤلاء على المعاش من غير حماية اجتماعية أو مستقبل مضمون. وهناك إجماع من قبل المتعاطين للصناعة التقليدية على أن قطاع صناعة النسيج التقليدي بفاس قد عرف في السنين الأخيرة مشاكل عديدة حسب المهتمين بهذا القطاع أهمها: – منافسة النسيج العصري والنسيج المستورد، حيث أدى هذا إلى انقراض الحرفة تدريجيا وتهديد فئة عريضة من الصناع بالفقر والبطالة. - المضاربات حول المواد الأولية المحلية والمستوردة - عزوف الشباب عن ممارسة هذه المهن نظرا لدخلها المحدود - ضعف الطلب الداخلي والخارجي على المنتوج التقليدي يبلغ عدد المشتغلين بقطاع الصناعة التقليدية بمدينة فاس التي تعد حاضنة الصناعة التقليدية بالمغرب 53 ألف صانع تقليدي، أي ما يمثل نسبة 17 في المائة من السكان النشيطين، موزعين على أزيد من 200 حرفة و 12 ألف و691 وحدة متخصصة في الصناعة التقليدية. كما أن القطاع يشكل مصدرا مهما للدخل لحوالي 33 في المائة من سكان المدينة ولأكثر من 70 في المائة من السكان المستقرين داخل أسوار المدينة القديمة لوحدها. وقد حقق قطاع الصناعة التقليدية ما مجموعه 28 مليون درهم من قيمة الصادرات، أي ما يمثل 47 في المائة من قيمة الصادرات الوطنية من منتوجات الصناعة التقليدية. لكن وبالرغم من الوضعية المتقدمة التي يحتلها القطاع، سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي، فإنه يعاني من عدة اختلالات وإكراهات تسببت في اندثار مجموعة من الحرف ودفعت بالعاملين فيه إلى حياة الهشاشة والفقر والعوز.