مصادقة المجلس الوزاري على مشروع قانون يضيق مجال المحاكمة العسكرية تعني، أولا، أن هناك نية لتقريب الهوة بين دوائر الحكم والحركة الحقوقية، والقطع مع الارتياب في كل مطلب قادم من منظمة حقوقية مستقلة، وفي كل تقرير راصد لاختلالات الدولة في مجال حقوق الإنسان. لنقلها بكامل الوضوح.. لم يعد مقبولا في دولة الحق والقانون أن يتم عرض المدنيين أمام محكمة عسكرية لا تقبل قراراتها الطعن أمام محكمة النقض، هذا من الناحية الحقوقية؛ أما إذا أردنا النظر إلى الموضوع من الناحية السياسية ومكاسبها وخسائرها، فسوف نقول إن إعفاء المدنيين من المثول أمام محاكم عسكرية سيجنب الدولة تهمة توجيه القضاء، بداية من إحالتها متهمين بعينهم على المحاكم العسكرية؛ فطالما فهم ذلك، من طرف أشد الأفراد والمجموعات معارضة لنظام الحكم ممن يعرضون أمام هذا النوع من المحاكم، كنوع من الانتقام والإدانة المسبقة لهم، كما حدث مع معتقلي أكديم إيزيك ودفاعهم الذي استطاع أن يركز جزءا من دفوعاته على شكل المحاكمة، الشيء الذي حشد للمتهمين تضامنا دوليا لم يكن متوقعا. الحركة الحقوقية المغربية، التي تتسم ب»نهم» مطلبي إيجابي، بقدر ما صفقت لهذه الخطوة الإيجابية، طالبت بمراجعة تركيبة المحكمة العسكرية، ومحاكمة العسكريين أنفسهم أمام محاكم مدنية، وعدم اللجوء إلى تنصيب المحاكم العسكرية إلا في حالة الحرب. عموما، مسافة الألف ميل تبتدئ بخطوة واحدة.