قد يستغرب المرء إذا وجد، في بداية الألفية الثالثة، قرى بدون ماء أو كهرباء، لكنه قد يصاب بصدمة قوية وهو يتجول، إن أمكن له ذلك، في قلب وجدةالمدينة الألفية، بين أحياء بدون إنارة تحتضن مساكن بدون قنوات الصرف الصحي وبيوتا قصديرية وأنقاضا لدور خربة ومسالك ضيقة تؤثثها برك من الأوحال وأركان تحولت إلى ملاجئ للسكارى والمتسكعين وقطاع الطرق ممنوعة على المارة والعابرين من المواطنين. أغلب أحياء سيدي أحمد بن شقرون ومولاي علي بلقاسم ولقراقر ولخلافي والحيلة وجنانات أولاد بندلة بوجدة لا تتوفر على البنى التحتية الأساسية، التي تميز الحاضرة عن القرية، إذ يبدو للسكان أنهم مقصيون ومهمشون ومنبوذون بهذا الفضاء الذي هو عبارة عن تجمع سكني قروي وسط مدينة وجدة التي تمت هيكلة جميع أحيائها الهامشية وتجهيزها بما يلزم من أدنى شروط العيش البسيط وظروف الحياة الكريمة. «نحن محرومون من جميع الحقوق، منها الأمنية بحيث لا يمكن أن تلج سيارات دوريات رجال الأمن إلى هذه البؤر، التي نعتبرها نقطا سوداء، لانعدام المسالك والطرقات، ولا حقّ لنا في أن نمرض لأنه من الصعب أن تصل إلينا سيارة إسعاف أو سيارة أجرة..» يقول أحد السكان بغضب، قبل أن يضيف قائلا: «إننا نتقاذف أزبالنا ونرميها في أي مكان لأنه من المستحيل أن تصل إلى بيوتنا شاحنات نقل الأزبال ولا حاوياتها». ويشتكي بعض المواطنين من قيام بعض الملاكين بتضييق الممرات والمسالك ومداخل حي سيدي أحمد بنشقرون انطلاقا من حي برحمون، بعد حيازتهم للسواقي والجداول المستعملة سابقا في السقي وضمها إلى ممتلكاتهم واستغلالها لأغراضهم الشخصية في ظل غياب القانون ومراقبة المصالح البلدية أو بمباركة منها. وجه سكان أحياء سيدي أحمد بن شقرون ومولاي علي بلقاسم ولقراقر ولخلافي والحيلة وجنانات أولاد بندلة بوجدة العديد من الرسائل إلى كلّ من وزير الداخلية، ووزير الإسكان والتعمير، ووزير النقل والتجهيز، ووالي الجهة الشرقية عامل عمالة وجدة انجاد، ورئيس الجماعة الحضرية ومدير الوكالة الحضرية، من أجل الالتفات إليهم وفك العزلة عنهم، بتوسيع وتعبيد المسالك وترصيفها وإنارة طريق سيدي أحمد بنشقرون التي يبلغ طولها كيلومترا تقريبا مع العلم أنها لا تبعد إلا ببعض الأمتار عن مشروع إعادة إسكان قاطني أراضي الأحباس، والذي هو في طور الإنجاز من طرف شركة تهيئة العمران بحي بروكش. والتمس السكان، الذين وقعوا عريضة تحمل أكثر من 140 توقيعا ربّ أسرة في أحياء تضم أزيد من خمسة آلاف نسمة، الشروع في تنفيذ ما جاء به تصميم التقويم الخاص والتهيئة بالأحياء المعنية وإنجاز الطرقات المرسومة بطولها وعرضها، مع العلم أن هذه الأحياء توجد وسط المجال الحضري لوجدة الألفية منذ تأسيسها وبقيت على حالها القروي ومنعزلة عن العالم الخارجي في تناقض صارخ مع ما تشهده المدينة من إنجازات في هذا المجال.