«رغبة في التنظيم أم سعي للاحتواء»؟.. ذلك هو السؤال الذي حاول باحثون الإجابة عنه خلال ندوة حول إعادة هيكلة الحقل الديني نظمها المعهد العالي للتدبير بالرباط مساء أول أمس الخميس. وأكد طلبة المعهد في مداخلاتهم أن الدولة حاولت من خلال شروعها في تطبيق خطة تنظيم الحقل الديني في البلاد منذ 2004 مواجهة شروط موضوعية فرضتها تداعيات أحداث 11 سبتمبر و16 ماي، وظهور عوامل جديدة ساهمت في «بروز تيارات دينية متعددة، منها التيار الجهادي»، وهو ما قد يهدد في نهاية المطاف أمن البلاد الروحي واستقرارها الأمني. وبحسب باحثي المعهد، فقد تجلت مظاهر خطة الدولة في تقوية دور المجالس العلمية المحلية وإنجاز ميثاق للعلماء يحدد أهدافهم وأدوارهم بدقة، إلى جانب تأطير عملية الوعظ الديني وضبط الفتوى من خلال مراقبة المساجد وتفعيل دور المجلس الأعلى للإفتاء. وأوضح مدير نشر جريدة «التجديد» وعضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية مصطفى الخلفي في مداخلته أن مردودية خطة الدولة في هيكلة الحقل الديني كانت «ضعيفة»، وأن ذلك يرجع لأسباب كثيرة، منها أن مجموعة من تلك الإصلاحات لم تكن منسجمة مع الشروط الاجتماعية التي يعرفها المجتمع المغربي، والتي تتميز بتعددية فكرية ودينية، بالإضافة إلى أنها تبلورت في ظرفية دولية صعبة نشأت بعد 11 سبتمبر. فيما شدد الصحافي إدريس الكنبوري من جانبه على أن مسألة الشأن الديني كانت دائما قضية محتكرة من طرف «دائرة سياسية مغلقة»، وهو ما جعل الفئات الناشطة في المجتمع بعيدة عن المشاركة في بلورتها. وانتقد الكنبوري الدور الذي رسم للإعلام الوطني إزاء خطة إصلاح الشأن الديني، وقال في مداخلته «إن الإعلام لم يقم بدوره في تسليط الضوء على الخطة وبنودها والأهداف المرجوة منها، وهو ما جعل المواطن البسيط بعيدا عنها كل البعد». يذكر أن ملامح خطة إعادة هيكلة الحقل الديني بدأت عام 2004، وجاءت «لضبط الشأن الديني في البلاد ومواجهة التيارات المتطرفة التي تتهدد الأمن الروحي للمغاربة» بحسب رواية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.