سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الشوباني: الإحاطة علما ريع رقابي وعلى المتضررين من منع بثها اللجوء إلى القضاء قال إن هناك ممارسة غير دستورية تتم داخل مجلس المستشارين بعد صدور قرار المجلس الدستوري
اعتبر الحبيب الشوباني، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، أن الإحاطة علما «ريع رقابي» غير مشروع، مؤكدا أن الحكومة تدارست الموضوع بالمجلس الحكومي ست مرات تقريبا، مما دفعها إلى اتخاذ هذا القرار لاعتبار قانوني يتمثل في أن الإحاطة غير دستورية بالاستناد إلى قرار المجلس الدستوري رقم 924/13 بمناسبة البت في النظام الداخلي لمجلس النواب. ودعا الشوباني الجهة التي قدرت أن قرار الحكومة به تجاوز إلى اللجوء إلى القضاء ليفصل في الأمر. قررت الحكومة منع بث الإحاطة علما بمجلس المستشارين في الإعلام العمومي، واعتبر هذا القرار بأن الحكومة فرضت الوصاية على مؤسسة تشريعية. ما رأيك في الموضوع؟ ما أثير حول موضوع الإحاطة علما يمكن الحديث عنه انطلاقا من الأساس القانوني، إذ أن هناك ممارسة غير دستورية تتم داخل مجلس المستشارين بعد صدور قرار المجلس الدستوري رقم 924/13 بمناسبة البت في النظام الداخلي لمجلس النواب، والذي تبين للحكومة بعد تدارس هذا القرار أن إحاطة مجلس المستشارين بدورها غير مطابقة للدستور بالشكل الذي تمارس به، لأنه لا يتم إعطاء الحكومة الحق في الرد في إطار المبدأ الأساسي والجوهري الذي هو توازن السلط. وقرار المجلس الدستوري هو الذي دفع الحكومة إلى التفكير عمليا في التعاطي مع ملف الإحاطة علما الخاصة بمجلس المستشارين. كما أن القرار رقم 924/13 استدعى قرارا آخر هو القرار رقم 213/98، الذي نص فيه المجلس الدستوري على أن حجية قراراته ملزمة وتنسحب على غرفة أو أخرى، بمناسبة البت في قضية متشابهة موضوعا وسببا، وهذا معناه أنه إذا كان تقديم الإحاطة بمجلس النواب غير دستوري، فالأمر ينطبق أيضا على مجلس المستشارين. لقد اعتبرت الحكومة أن الاستمرار في بث الإحاطة علما عن طريق وسائل الإعلام العمومي تحقير لقرارات مؤسسة دستورية، لذلك اتخذت قرارا باستبعادها من البث أولا لأنها غير دستورية، وثانيا لأن ذلك مخالف لدفاتر التحملات الذي يلزم الحكومة ببث جلسة الأسئلة الشفوية، والإحاطة علما ليست من جنس الأسئلة الشفوية. - وهل للحكومة الحق في تطبيق قرار المجلس الدستوري، الذي يهم مجلس المستشارين. ألا يعتبر هذا نوعا من التحكم؟ هذا غير صحيح، فجميع المؤسسات عندما تصدر قرارا من المجلس الدستوري يعنيها تقوم بتطبيقه، فمثلا عندما يصدر هذا الأخير قرارا يقر بأن النظام الداخلي لمجلس النواب دستوري فإنه يطبقه، وإذا صدرت قرارات تخص إلغاء مقاعد انتخابية فإن الحكومة تتدخل وتعيد إجراء الانتخابات من جديد، فعندما يقول المجلس الدستوري إن الإحاطة غير دستورية وتواصل الحكومة بثها فإن هذا تجاوز منها. إن الطريقة التي تتم بها الإحاطة بمجلس المستشارين مخالفة للدستور لأنها تضم الكثير من الانزلاقات والتجاوزات، ولا يمكن أن تستمر بهذه الطريقة. فنحن لم نمنع الإحاطة لأن هذا يخص مجلس المستشارين، ولكن قمنا بمنع بثها فقط، وإذا كانت أي جهة تقدر أن قرار الحكومة فيه تجاوز فعليها أن تلجأ إلى القضاء ليفصل في الأمر. - منع بث الإحاطة جاء مباشرة بعد مداخلة الفريق الفيدرالي بمجلس المستشارين، التي انتقد فيها «نكتة» المقرئ الإدريسي أبو زيد، عضو فريق العدالة والتنمية. لماذا تدخلت الحكومة واختارت هذا التوقيت بالذات؟ هذا غير صحيح، هناك إحاطات تضمنت إساءات لوزراء على اختلاف انتماءاتهم السياسية، وهذا الموضوع تدارسناه بالمجلس الحكومي على الأقل ست مرات، إذ كلما طرحت إحاطة تضمنت كلاما غير صحيح وغير دقيق أو تضمنت معلومات خاطئة توجه إلى الرأي العام، نناقش الموضوع، ولكننا كنا في حاجة إلى قرار للمجلس الدستوري، لأن الإساءات التي كان يتعرض لها أعضاء الحكومة كانت متعددة. الأمر الآخر أن هذا الموضوع أثرناه مرارا وتكرارا داخل ندوة الرؤساء بمجلس المستشارين، التي أحضرها كممثل للحكومة. أكثر من هذا تحدثنا، خلال مناقشة الميزانية القطاعية لوزارة العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني داخل لجنة العدل والتشريع، عن الأمر وقلت حينذاك للمستشارين إن هذه الإحاطة غير دستورية. النقاش حول الإحاطة لم يتوقف منذ سنتين، وعندما أصبح للحكومة مستند دستوري مبني على قرار للمحكمة الدستورية يعتبر فيها الإحاطة غير دستورية، كان لا بد أن تتحرك الحكومة للقيام بالمتعين وتمنع البث الإعلامي للإحاطة لأنه ليس لها موقع في الدستور وهي لا تشكل جزءا من جلسة الأسئلة الشفوية. - لكن مجلس المستشارين يعرف مرحلة انتقالية. لذلك ينبغي أن يظل الأمر كما هو. هذا الكلام مردود، نظرا لعدة اعتبارات، منها أن التسليم بالوضع الانتقالي لا يعني إطلاقا التسليم باصطحاب المخالفات الدستورية. وإذا كان هذا الكلام صحيحا فهذا معناه أن رئيس الحكومة لا يجب أن يحضر إلى مجلس المستشارين لأن النظام الداخلي ليس فيه أي مقتضى ينظم حضوره أو يلزمه بذلك على عكس مجلس النواب. فرئيس الحكومة حين يتوجه إلى مجلس المستشارين ليساءل شهريا ليس لأن النظام الداخلي يتضمن ذلك، بل لأن الدستور ينص على ذلك، وبالتالي فالنظام الداخلي يجري به العمل ما لم يكن في وضع يخالف الدستور صراحة أو يكون مبنيا على اجتهاد المجلس الدستوري كما هو الشأن في هذه النازلة. وخلاصة القول هناك اجتهاد واضح وصريح من أن الإحاطة غير دستورية كما تمارس، كما أن الطريقة التي تمارس بها ليست كما هي في النظام الداخلي لمجلس المستشارين، ويمكن الرجوع إلى المادة 128 التي تقول إن رؤساء الفرق هم من يقدمون الإحاطة، التي تتعلق بقضية طارئة تهم الرأي العام. إذن، فالإحاطة تعني الإخبار وإطلاع الرأي العام ولا تتضمن المساءلة كما يجري الآن، حيث أصبحت تستهدف الوزراء بقول كلام غير لائق في حقهم ويتم نشر كلام غير دقيق ومعلومات خاطئة قد تمس بالسلم وبالاستقرار الاجتماعي مثلما يتعلق بالغلاء والأسعار. وهذا يعني أنها لم تعد إحاطة، بل صارت أسلوبا رقابيا غير دستوري وغير ديمقراطي لأنه يحرم الحكومة من حقها في الرد والتوضيح. ونظرا لما سلف فإنه بعد سنتين من التحمل والرهان على إخراج النظام الداخلي لمجلس المستشارين، الذي تأخر لاعتبارات غامضة تأكد للحكومة أنها لا بد أن تضع حدا لتجاوز مقررات مؤسسة دستورية ولسلوك لم يعد يشكل مساهمة إيجابية في منطق الديمقراطية، التي نرسخ فيها مبدأ توازن السلط والحوار وليس استعمال الصوت الوحيد واللغة الوحيدة، والتي أصبحت نوعا من الريع الرقابي غير المشروع. - لم تنعقد الجلسة الأخيرة واقتصر الأمر على نقاط نظام، وهذا يعطي صورة سلبية عن مجلس المستشارين. ألا تتحملون المسؤولية في هذا؟ أبدا، لا نتحمل المسؤولية في ذلك، لأن السيد رئيس الحكومة أبلغ السيد رئيس مجلس المستشارين بطريقة مسؤولة بقرار الحكومة، الذي ليس هو إلغاء الإحاطة، والذي يعتبر تدخلا في الشأن الداخلي للمجلس، وإنما عدم بثها، فالمفروض في إطار عمل المؤسسات أن يكون الرد على هذه الرسالة بطريقة مؤسساتية: إما بجواب يفند ادعاء هذه الرسالة والقول بأنها غير سليمة دستوريا وقانونيا أو اللجوء إلى المجلس الدستوري لإبطال هذه الرسالة، أي أن يكون الجواب مؤسساتيا. ولكن تدبير الجلسة ليس من مسؤولية الحكومة التي تأتي كي تساءل، فالوزراء حضروا وانتظروا أن تنطلق الجلسة بطريقة عادية بعد نقاط نظام، ولكن التفاعل مع الموضوع خرج عن قواعد العلاقات بين المؤسسات، وبالتالي فالحكومة لا تتحمل أي مسؤولية في هذا الموضوع على الإطلاق. - هل سيستمر الوضع هكذا في الجلسات المقبلة، أم أن الحكومة ستصل إلى حل مع مجلس المستشارين؟ الحكومة بنت قرارها استنادا إلى قرارات للمجلس الدستوري، وحل هذا الملف بسيط، يتمثل في أن يبعث مجلس المستشارين نظامه الداخلي إلى المجلس الدستوري، وعليه أن يعجل بذلك، بعد أن يضع نظامه بالطريقة التي يراها، وأن يسطر الإحاطة بالشكل الذي يناسبه، وإذا أقرها المجلس فإن الحكومة ستطبق ذلك، فنحن لسنا في خصام أو نزاع مع أي مؤسسة، فقد اتخذنا قرارا بناء على فهمنا لقرار للمجلس الدستوري، وبالتالي فتدبير الاختلاف لا يكون بالصراخ وتعطيل عمل المؤسسات، بل يجب اللجوء إلى المجلس الدستوري باعتباره الحكم، وسنلتزم بقراراته.