في استمرار لمسلسل التشاؤم من الوضعية الاقتصادية خلال الشهور المقبلة، خفض المركز المغربي للظرفية من توقعاته للنمو لسنة 2014، مؤكدا أنها لن تتجاوز في أحسن الأحوال 2.7 في المائة، نتيجة الوضعية الحرجة التي يعيشها القطاع الفلاحي حاليا بفعل تأخر التساقطات، وكذا انتظار تراجع مساهمة باقي القطاعات بسبب الظرفية الاقتصادية الصعبة. وأكد المركز، الذي يديره الحبيب المالكي، في تقريره الجديد حول توقعات النمو لسنة 2014، أن أكثر الانتظارات تفاؤلا تذهب إلى أن محاصيل الحبوب للموسم الفلاحي الحالي ستتراجع بأكثر من 20 في المائة مقارنة بمتوسط الإنتاج خلال السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن الموسم الفلاحي الضعيف يعني مباشرة انخفاضا في المداخيل وتراجعا في الاستهلاك الداخلي، الذي يشكل إلى جانب الاستثمارات العمومية المحرك الرئيسي للنمو في المغرب، وفقدانا للكثير من مناصب الشغل. وأوضح المصدر ذاته أن القيمة المضافة للقطاع الفلاحي ستتراجع بحوالي 4.5 في المائة، أي بفارق 20 نقطة تقريبا عما تم تسجيله خلال سنة 2013، في حين ستسجل القطاعات الأخرى انتعاشا طفيفا مقارنة مع السنة الماضية، حيث سيستقر معدل نموها في حدود 2.1 في المائة، مقارنة مع 1.5 في المائة المسجلة سابقا. ولم يكن أحمد الحليمي، المندوب السامي للتخطيط، أقل تشائما، حيث رجح ألا يتجاوز معدل النمو خلال الفصل الأول من السنة الجارية 2.3 في المائة، عوض 3.8 في المائة خلال الفترة نفسها من السنة الماضية، مشيرا إلى أن الاقتصاد الوطني يتأثر بداية هذه السنة بتداعيات الظرفية غير الملائمة التي ميزت انطلاقة الموسم الفلاحي الحالي، والذي تميز بقلة التساقطات وانخفاض المساحات المزروعة، مما يندر بإنتاج فلاحي أقل من الموسم الذي قبله. وتوقعت المندوبية أن تنخفض القيمة المضافة الفلاحية ب3.9 في المائة خلال الفصل الأول 2014، مؤكدة أن الطلب الداخلي سيعرف بعض التباطؤ، وخاصة الاستهلاك الخاص الذي سيتأثر بضعف المداخيل في الوسط القروي وتقلص العرض من المنتوجات الفلاحية. أما الاستثمار، وخاصة المتعلق بالبناء والأشغال العمومية، فسيواصل تباطؤه، في حين سيعرف الاستثمار في قطاع الصناعة نموا متواضعا. وبالمقابل، ترى المندوبية أن القطاعات غير الفلاحية ستعرف بعض التسارع في وتيرة نموها بفضل ارتفاع المبادلات التجارية بنسبة 4.5 في المائة، وكذلك تحسن المناخ الدولي، وخاصة اقتصاد منطقة الأورو، الشريك الأول للمغرب. من جهته، وجه الخبير الاقتصادي ادريس عباسي انتقادات للفرضيات التي بني عليها قانون مالية 2014، معتبرا أن هذا القانون تم على أساس فرضيات متفائلة تشمل بالخصوص تقلبات المناخ وأسعار النفط ونمو الطلب الخارجي. وأوضح عباسي أنه لم يتم التأكد بعد من نتائج الموسم الفلاحي، في الوقت الذي يستند فيه قانون المالية على محصول متوقع ب 70 مليون قنطار من الحبوب، فيما يظل انخفاض أسعار النفط إلى 105 دولارات للبرميل رهينا بتطورات الوضع في نيجيريا وليبيا وسوريا ودور إيران. وأضاف الأستاذ الجامعي أنه «لا يمكن التعويل» على فرضية نمو الطلب الخارجي ب 4.3 في المائة لكون الهيئات الدولية لا تتوقع هذا الارتفاع، مشيرا إلى أن مستوى استهلاك الأسر قد يتأثر سلبا بما أنه تمت مراجعة سياسة الضرائب ودور صندوق المقاصة.