انتقد فاعلون جمعويون وسياسيون بشدة عدم تفعيل آليات المساءلة والرقابة الجماعية في تدبير السياسات العمومية المحلية، وتهميش مطالب الحركات الاجتماعية الداعية إلى محاربة الفساد وربط المسؤولية بالمحاسبة، سواء بالنسبة للحكومة أو المنتخبين المحليين، لتحقيق التنمية التي ينشدها المواطنون، معربين في الوقت نفسه عن استيائهم الشديد لما وصفوه بالواقع المأساوي الذي تعيشه الجماعات الترابية بمختلف جهات المملكة. ووضع رؤساء عدة جمعيات، بمعية ممثلي مجموعة من الأحزاب، ما وصفوها بخارطة طريق واضحة المعالم لتجاوز الفساد الذي ينخر عملية تدبير الجماعات المحلية، وتعزيز دور السياسة المواطنة في تدبير الشأن الجماعي المحلي، ومراجعة اختصاصات وتنظيم الجماعات الترابية بما يسمح لها بحرية المبادرة في قيادة وتدبير مسلسل التنمية، وتفعيل الديمقراطية التشاركية بين مختلف الفاعلين المحليين إعمالا لمضمون دستور 2011. واستنكر الفاعلون استمرار هيمنة سلطة الوصاية على سلطة المنتخب، وهو ما يقلص، بحسبهم، هامش الاستقلالية التي يجب أن تكون لممثلي الشعب بالمؤسسات المنتخبة محليا، ويقوض جهود تطوير أداء المستشار الجماعي على مستوى الحكامة الترابية، ويعرقل كل المبادرات الرامية إلى مأسسة الحوار بين المجتمع المدني والسلطات الوصية، في اتجاه الانتقال من منطق الوصاية إلى منطق المواكبة، وتعزيز سلطة المنتخب على سلطة المعين. ورفع النشطاء المدنيون والسياسيون توصيات إلى الدوائر المعنية، بناء على ما خلصت إليه الندوة الجهوية، التي سبق، وأن نظمتها كل من جمعية «تمكين» و»مجموعة الديمقراطية والحداثة» وجمعية «تاركا» حول موضوع «الممارسات الجيدة في الحكامة الاقتصادية والمالية للجماعات الترابية بالمغرب»، شددوا فيها على ضرورة خلق وتفعيل الشراكات بين المجتمع المدني والجماعات الترابية، وتحسين البنية القانونية والمؤسساتية لاشتغال المجتمع المدني والجماعات الترابية، واعتماد مقاربة التدبير الجماعي المبني على النتائج، مع ضمان تفعيلها على أرض الواقع، وتعزيز الحكامة المحلية بين جميع الفاعلين من خلال إيجاد آليات مرنة لتأمين المشاركة الفعالة في مسلسل إعداد وتنفيذ وتتبع وتقييم السياسات العمومية، وإعمال المقاربة الحقوقية ومقاربة النوع الاجتماعي في بناء وتنفيذ وتتبع وتقييم المخططات الجماعية. كما أوصت الهيئات المشاركة في النشاط الجهوي المذكور بوضع نظام لتتبع مالية الجماعات المحلية، مع اعتماد مقاربة التدبير المبني على النتائج، وتبني برامج توقعية تروم إنجاز المشاريع التنموية وفق الحاجيات الحقيقية المعبر عنها من طرف السكان، إضافة إلى ربط المسؤولية بالمحاسبة، مع تفعيل دور القضاء في المنازعات القانونية، وتقوية دور الصحافة المحلية والعمل على تعزيز دورها في البناء التنموي المحلي، ومأسسة الولوج إلى الحق في المعلومة، ضمانا لشفافية الصفقات العمومية وطلبات إعداد المشاريع، مع ضمان التنافس الشريف وتكافؤ الفرص، ودمقرطة التواصل المجالي بين مختلف الفاعلين فيما يتعلق بإعداد تنفيذ وتتبع المشاريع التنموية، وتخليق الحياة السياسية.