أجمع المشاركون في ندوة حول «الصحراء المغربية والرهانات الإقليمية والدولية»، نظمت أول أمس بكلية العلوم القانونية بطنجة، على ضعف الديبلوماسية المغربية و«تخلفها»، مقارنة بنظيرتها الجزائرية، محذرين في الوقت نفسه من «الثقة الزائدة» في الأمم المتحدة والدول الغربية، التي قالوا عنها إنها تهدف إلى خدمة مصالحها السياسية أولا، والتي قد تدفعها إلى إرضاء الجزائر انطلاقا من دوافع اقتصادية. ودعا أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، عبد الواحد الناصر، إلى إحداث أكاديمية دبلوماسية في مستوى عال، للتمكن من تجاوز الضعف الحاصل في الجهاز الدبلوماسي المغربي، مضيفا أن أكبر الإكراهات التي تواجه الخارجية المغربية هي ضعف الموارد المادية والبشرية، كاشفا عن أنها أقل من نظيرتها الجزائرية بثلاث مرات. وأوضح الناصر أن ضعف أداء وزارة الخارجية مستمر منذ الاستقلال، بالنظر إلى ضعف التكوين وغياب الحكامة.وقال إن هذا الضعف يظهر بجلاء عند الحديث عن قضية الصحراء، ومن بين أخطر تجلياته، حسب الأكاديمي المغربي، ضعف التواصل الإعلامي الذي بدا واضحا خلال الزيارة الأخيرة للملك إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وأكد الناصر على ضرورة وجود دبلوماسية موازية للدبلوماسية الرسمية، تدعم الموقف المغربي من قضية الصحراء في المحافل الدولية، خاصة أن الجزائر وجبهة «البوليساريو» تجاوزتا الترويج لأساطير الاحتلال والحق في تقرير المصير إلى الادعاء بوجود انتهاكات جسيمة لحقوق الصحراويين من طرف الدولة المغربية، واستغلال المغرب لثروات الصحراء. أما أخطر الاتهامات الجديدة التي باتت الجزائر تروج لها، فهي «دعم المغرب لجماعات إرهابية في منطقة الساحل والصحراء». ولم ينف الأكاديمي المغربي وجود نجاحات للدبلوماسية المغربية في قضية الصحراء، أهمها دفع أكثر من نصف الدول التي كانت معترفة ب«البوليساريو» إلى سحب اعترافها، لتتراجع من 90 دولة في منتصف السبعينيات إلى أقل من 45 دولة حاليا، بالإضافة إلى دفع مجلس الأمن لتبني الحل السياسي وإجماع الدول الكبرى على ذلك وتجاوز خيار الاستفتاء. لكنه دعا في المقابل إلى تعزيز هذه النجاحات عبر تطوير العمل الدبلوماسي الرسمي والموازي ليصبح أكثر فعالية. وحذر السفير المغربي السابق، خالد الحداوي، من جهته، من أن الارتهان التام إلى القوى الكبرى قد يجعل ملف الصحراء عالقا بدون حل إلى ما لا نهاية، لكون أن الدول الخمس المشكلة لمجلس الأمن تبحث بالدرجة الأولى عن خدمة أجندتها السياسية الخاصة ومصالحها الاقتصادية، وهذا ما يفسر، مثلا، سعي الولايات المتحدة الأمريكية حاليا إلى كسب ود الجزائر. ودعا الدبلوماسي المغربي إلى تنزيل مشروع الحكم الذاتي عاجلا دون انتظار الضوء الأحمر من أي طرف، وهو الأمر الذي قال إنه سيعد نصرا للمغرب في حربه الدبلوماسية الطويلة مع الجزائر، بحكم أن الأمم المتحدة منظمة سياسية تنهج أسلوب الواقعية السياسية، وليست محكمة تفصل في النزاعات بين الدول.