قبل يومين، تعرض شرطي مرور لاعتداءات بالضرب من طرف مستعملي الطريق.. ففي تمارة أوقف شرطي سائقا وطلب منه الإدلاء بأوراق سيارته، وبدل أن يمُد السائق الأوراق دهسه بسيارته. وبعدها بيوم واحد، لاقت شرطية مرور في العاصمة الرباط نفس مصير زميلها في تمارة. هذان الحدثان ليسا منفصلين عن الفوضى التي تعرفها الطرق المغربية «القاتلة»، والتي يستباح فيها كل شيء، بدءا بتجاوز السرعة المسموح بها قانونيا، ووصولا إلى «الزربة» على شرطي المرور وانتهاك سلامته البدنية. ثمة أمر لا ينتبه إليه أغلب مستعملي الطريق، بالرغم من أنهم تعلموه، بل حفظوه عن ظهر قلب من «قانون السير»، وهو أن شرطي المرور «فوق القانون». كيف؟ أليس السائق ملزما بالوقوف عند علامة «قف» وعند الضوء الأحمر؟ ثم، أليس الشرطي، بمقتضى قانون السير، هو المخول الوحيد في هذا البلد بتعطيل علامة «قف» وإشارة الضوء الأحمر والسماح للسائق بالمرور في وجودهما؟ من يتأمل هذا التشريع الذي يبيح لشرطي المرور ما لا يباح لغيره، لا يمكنه إلا أن يحترمه وينضبط لقراراته. أما من يحمل قانون السير كما يحمل الحمار أسفارا، فإنه يخير شرطي المرور بين «القهيوة» أو العصا! عندما توقف المغرب، في أواسط التسعينيات نسبيا، عن «الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان»، وبدأت الإدارات الأمنية تعامل المواطن بقليل من الاحترام، وجدنا من يستغل هذه الحقوق وينتقل من «فوبيا البوليس» إلى الاعتداء عليهم، وهذا ما يجعل العديد من المواطنين البسطاء يشككون في مسار حقوق الإنسان ويربطون بينها وبين الفوضى.