قبل إحداث مشروع الطرامواي في الدار البيضاء ظل الكثير من المسؤولين المحليين والمنتخبين يؤكدون أن هذه الوسيلة ستعيد الاعتبار إلى شارع محمد الخامس، الذي يعد واحدا من أقدم الشوارع البيضاوية، وعندما كان الغيورون على المدينة يطالبون برد الاعتبار لهذا الشارع، كان الجواب معدا سلفا من قبل بعض المسؤولين وهو أن "الطرامواي" سيخلص هذا الشارع من كل الظواهر السلبية، إلى درجة أن رئيس المجلس الجماعي، محمد ساجد، صرح ل"المساء"، شهورا قليلة قبل انطلاق "الطرامواي"، قائلا: "الجميع يعرف أن تراجع قيمة شارع محمد الخامس ترجع إلى الاكتظاظ الكبير الذي كان يشهده هذا الشارع بسبب كثرة وسائل النقل، نظرا لموقعه وسط المدينة، وإن "الطرامواي" سيغير من صورة هذا الشارع وسيعيد له الاعتبار". وإذا كان الطرامواي سيحتفل بالذكرى الأولى لانطلاقة الطرامواي في 12 دجنبر المقبل، فإن ما كانت تروج له السلطات العمومية حول شارع محمد الخامس لم يترجم على أرض الواقع، ومن خلال جولة قصيرة في هذا الشارع يظهر أن كل الظواهر السلبية ما تزال حاضرة بقوة، والمتعلقة أساسا بوجود المتسكعين وانتشار النفايات والروائح الكريهة، والأدهى من ذلك أن العديد من السائقين عادوا ليستعملوا الأماكن المخصصة ل"الطرامواي" في واضحة النهار، وهو الأمر الذي يحدث بعض المشاكل لسائقي الطرامواي، الذين يضطرون إلى تخفيف السرعة كلما مروا من هذا الشارع. أشياء كثيرة تخدش صورة شارع محمد الخامس، من بينها فندق لينكولن، الذي كلما تم الاعتقاد بأن مسلسله أشرف على نهايته، يتم اكتشاف أن الأمر يتعلق فقط بالحلقات الأولى، حتى أصبحت قضية هذا الفندق شبيهة بالمسلسلات التركية والمكسيكية. وقال مصدر من المكتب المسير ل"المساء" إن شارع محمد الخامس، إضافة إلى جميع شوارع وأزقة المدينة القديمة، ستكون بدورها ضمن الأولويات التي سيتم الانكباب عليها مستقبلا، وأضاف أنه لا يعقل أن يبقى وسط المدينة بالصورة الحالية، على اعتبار أنه يشكل مرآة العاصمة الاقتصادية. الرغبة بالاهتمام بوسط المدينة ليست وليدة اليوم، لكن في كل مرة يكتشف البيضاويون أن ذلك مجرد وعود لا تطبق على أرض الواقع، ليبقى وسط المدينة يشكل صورة مصغرة للأوضاع التي تعانيها الدار البيضاء عموما. ويؤكد أحد المواطنين أن كل شيء تغير في الدار البيضاء، حيث كان المرور من شارع محمد الخامس أو شارع مولاي عبد الله يتطلب منه ارتداء أحسن ملابسه، لكي يظهر بصورة لائقة، إلا أن الأمور حاليا اختلفت، فقد أصبحت شوارع مناطق هامشية في الدار البيضاء أحسن بكثير من شوارع وسط المدينة. وخلال السنوات الماضية كان مجموعة من مستشاري الجماعات المحيطية ينظرون بعين الغبطة لوسط المدينة، مطالبين أن تكون جميع شوارع المدينة بالجمال نفسه، مؤكدين أن خيارات المدينة تنصب فقط في هذه المنطقة في حين يتم تهميش باقي المناطق الأخرى، وهو الأمر الذي حتم تطبيق نظام وحدة المدينة، إلا أن هذا الشعور بدأ يتقلص تدريجيا مع مرور السنوات، خاصة حينما وقف هؤلاء المنتخبون على تدهور أحوال هذه الشوارع.