شهدت محكمة جنايات القنيطرة، أول أمس، وقائع مثيرة في جلسة محاكمة حسن البلوطي، المتهم بقتل ثلاثة عناصر شرطة بمفوضية الأمن بمشرع بلقصيري. ودخل المحامي الحبيب محمد حاجي، دفاع المتهم، في نقاش حاد مع القاضي عبد الواحد الراوي، رئيس الجلسة، بعدما أبدى تمسكا شديدا بالملتمسات التي تقدم بها، وهدد بالانسحاب في حال ما إذا أصدرت هيئة الحكم قرارا برفضها، مشيرا إلى أن الأسباب الحقيقية وراء وقوع هذه الجريمة مرتبطة، في نظره، بحجم الفساد الذي كان ينخر جهاز الأمن في تلك المنطقة. وتأججت الأوضاع داخل القاعة، حينما اعتبرت المحكمة أن دفاع البلوطي يحاول الضغط عليها وتوجيهها نحو قبول الملتمسات التي تقدم بها، مذكرة إياه بالسلطة التقديرية التي تتمتع بها في هذا المجال، وأن صلاحية قبول أو رفض أي ملتمس تبقى من اختصاص قاضي الجلسة لوحده تجسيدا لسلطة الملاءمة المخولة له. وهو ما تصدى له الدفاع بالقول «إننا نطالب بحقنا في المحاكمة العادلة، وعدم قبول ملتمساتنا يجردنا من جميع الوسائل الدفاعية المنصوص عليها قانونيا». واضطر القاضي الراوي إلى رفع الجلسة لأزيد من 20 دقيقة، قبل أن يعود بعدها لاستكمالها، لتتجدد المواجهات الكلامية بين الطرفين، خاصة بعدما قررت المحكمة إرجاء البت في ملتمسي إجراء خبرة طبية على الشرطي حسن البلوطي لتحديد حالته النفسية وقت ارتكابه الجريمة، واستدعاء كافة المصرحين الذين تم الاستماع إليهم في باقي مراحل التحقيق، إلى حين مناقشة الموضوع. وزادَ الأوضاع احتقانا وتوترا إعلان الحبيب محمد حاجي انسحابه من الدفاع، والتصريح بأن محاكمة موكله غير عادلة، وهو ما أغضب كثيرا رئيس الجلسة الذي دافع عن استقلالية المحكمة واتخاذها مسافة من جميع أطراف الدعوى، مستنكرا في الوقت نفسه ما جاء على لسان المحامي حاجي، ليقرر تأخير الجلسة إلى تاريخ الحادي عشر من شهر دجنبر المقبل، ومكاتبة نقيب المحامين لتنصيب محام للمتهم في إطار المساعدة القضائية. وخرج الظنين عن الهدوء الذي ظل يتحلى به منذ انطلاق جلسات محاكمته، ولعلع صوته في أرجاء قاعة محكمة الجنايات، معربا عن تشبثه بمحاميه، وخاطب القاضي، وهو يرفع شارة النصر، وحاملا باليد الأخرى نسخة من القرآن الكريم «سأظل في السجن، ولن أحضر إلى هذه المحكمة، هاذ الملف فيه تليفونات»، قبل أن يسارع رجال الشرطة إلى إخراجه بالقوة من قاعة الجلسات، واستمر البلوطي في احتجاجه حتى بعد إيداعه بمكان الاحتجاز بالمحكمة في انتظار وصول سيارة الأمن التي أقلته إلى السجن المدني، حيث يوجد رهن الاعتقال الاحتياطي على ذمة هذه القضية.