قضى فوزي لقجع خمسة أيام على كرسي رئاسة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، قبل أن يعلن جوزيف بلاتير، رئيس الاتحاد الدولي للعبة، الفيتو ويلغي انتخابات جامعة الكرة التي امتدت إلى مطلع الفجر، ويعيد الأمور إلى نصابها (بكسر النون لا بفتحها). تلقى فوزي القرار بحرج شديد، فقد كان هاتفه المحمول منشغلا بتلقي الرسائل النصية المهنئة برئاسته عشيرة الكرة. لم تعترف «الفيفا» بانتخابات الصخيرات، وأصدرت فتوى بإلغائها دون أن تصرف تعويضا للمتضررين من الجمع العام، الذين صودرت أفراحهم وتحولت سعادتهم إلى تعاسة. كان فوزي لقجع، مدير الميزانية العامة للمملكة، ينتظر رسالة تهنئة من بلاتير، لكن هذا الأخير أصدر قرارا يدعو فيه علي الفاسي الفهري ومن معه إلى الاستمرار في حكم الكرة المغربية شهورا أخرى، ويذكر الجامعة بضرورة ملاءمة بعض النصوص القانونية المعمول بها داخل اتحاد الكرة مع نصوص الاتحاد الدولي بدل اعتماد سياسة المحراث قبل البعير. ويبدو أن بلاتير استمتع بالجمع العام المغربي، الذي لم يختلف كثيرا عن فيلم «كازانيكرا» إلا في الحبكة الفنية، وتوقف عند المستوى الفكري لصناع القرار، وتبين له بأن الذين يديرون شأن كرة منفوخة بالهواء يملكون مهارات عالية في السب والشتم والمصارعة الحرة والقدرة على ممارسة الخوارق كتحطيم كؤوس الماء أمام أعين المدير العام للماء الصالح للشرب. وفي الوقت الذي كان أوزين سباقا لتهنئة مدير الميزانية العامة على منصبه الجديد، قامت «الفيفا» بإلغاء الجمع العام. هذا الإلغاء أحرج العديد من المسيرين، الذين مسحوا اسم ورقم علي الفاسي الفهري من هواتفهم، وتنافسوا في إذاعة لكرافس على جلد الرئيس السابق في برنامج «الله ينصر من اصبح»، قبل أن توقف الإذاعة بثها وتتلو خبر انقلاب الصخيرات الثالث بعد الانقلاب العسكري لسنة 1971 والانقلاب الذي أحدثته الرسالة الملكية في مناظرة الرياضة سنة 2008. حينها قال أحد الضيوف بنبرة حزينة: «أعتقد أن الفيفا على حق». ظل بلاتير متمسكا بمبدأ فصل السلطة عن الكرة، بنفس القدر الذي يتمسك فيه بكرسي رئاسة إمبراطورية تتجاوز ميزانيتها مالية عدد كبير من بلدان العالم الثالث. لذا ظل خصما عنيدا للعسكر في كثير من الدول الإفريقية الذين يحتلون مقرات اتحاد الكرة بمجرد الزحف على القصر الرئاسي ومبنى الإذاعة. بلاتير لا يخشى الأنظمة الحاكمة، باستثناء قطر، لذا رفض مطلب معمر القدافي، ملك ملوك إفريقيا، خلال ترشح ليبيا لاحتضان مونديال 2010، القاضي بتوزيع مباريات كأس العالم على دول إفريقيا على أن تجرى المباراة النهائية بدولة جنوب افريقيا. انسحبت ليبيا وعلل القدافي خروج بلاده من المنافسة برفض ليبيا مشاركة الكيان الصهيوني «كي لا تطأ أقدامه النجسة تراب الشهيد عمر المختار». لكن كيف تطالب «الفيفا» بتبني مبدأ الشفافية، وعلى رأسها رجل يزيد عمره عن 75 سنة، ما يزال مصرا على الموت فوق الكرسي الذي جعله في منزلة الرؤساء والملوك؟ ولماذا سكت مجلس الأمن الكروي بقيادة جوزيف حين سقط علي الفهري بمظلة وانتخب رئيسا بالإجماع من طرف رؤساء لا يعرفونه؟ وكيف أغمضت العين عن تعيين الجنرال دوكور دارمي حسني بن سليمان رئيسا للجامعة بالتصفيق؟. إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية هي دركي العالم، ف»فيفا» بلاتير هي شرطي مرور العالم. إذ بإشارة من جوزيف يلغي كل علامات التشوير ويجعل الكرة تدور وفق رغباته وكأنه يمارس هواية «البلايستايشن» المفضلة لديه. منح بلاتير قطر حق تنظيم كأس العالم 2022، رغم أنه سيحضر افتتاحه وهو على كرسي متحرك إذا زاد الله في عمره. كما أصر الرجل على إرضاء حاكم قطر وموزته، بعد أن تعهدت باستيراد 300 ألف متفرج خلال المونديال، وبناء ملاعب جديدة تسع لأزيد من 80 ألف متفرج في مدن لا يزيد عدد سكانها عن ألف نسمة. ورغم كل المؤاخذات المسجلة على بلاتير فإنه يحترم مواعيده مع رفاقه، فقد توعد بإلغاء الجمع العام للجامعة إذا انعقد في ظل قوانين «بيريمي»، وبجرة «قدم» سحب البساط من تحت لائحة لقجع، فالرجل سويسري الأصول يضبط عقارب دماغه على العناد، فما أحوجنا لرجل من طينته ليس لتقييم الجموع العامة للأندية والجامعات الرياضية، بل للفصل في الانتخابات الجزئية والبرلمانية في بلد يعاني من ضيق في تنفس هواء الديمقراطية. ذكرني قرار بلاتير بأحكام المجلس الدستوري، حين ألغى عضوية عدد من النواب، وأسقط رئيس لجنة القطاعات الاجتماعية، ساعات بعد استضافته من طرف راديو لكرافس للحديث عن سرية راتب إيريك غيريتس المدرب السابق للمنتخب المغربي. عذرا لقجع. لقد شاركت معنا في الكاميرا الخفية.