فجر إدريس الضحاك، الأمين العام للحكومة، مفاجآت من العيار الثقيل تتعلق بتمرير مشاريع قوانين داخل المجالس الحكومية دون أن تدرسها الأمانة العامة للحكومة، فيما تحدث «العقل القانوني» للدولة عن أخطاء صريحة في الوثيقة الدستورية تحتاج إلى التعديل، مؤكدا في الآن ذاته أن الأمانة العامة تابعة للحكومة وليس للدولة. أولى المفاجآت التي جاءت على لسان الأمين العام للحكومة تلك المتعلقة بجدولة نصوص قانونية في المجلس الحكومي دون دراستها من طرف الأمانة العامة للحكومة، حيث أكد الضحاك أن بعض الوزراء يأتون بمشاريع قوانين تكون مشروطة بدعم معين في اللحظات الأخيرة، وإذا لم تمرر تكون لها انعكاسات مالية. وأضاف: «تعبنا من الحديث عن هذا الموضوع لكن لا أحد ينفذ». أما المفاجأة الثانية التي كشف عنها الأمين العام للحكومة فتتعلق بالأخطاء والتناقضات الواردة في الوثيقة الدستورية. وقد أعطى الضحاك مثالا بالقانون التنظيمي للمناصب السامية، حيث سجل أنه تم التنصيص «خطأ» على أن المسؤولين عن الشركات والمقاولات العمومية يتم تعيينهم من طرف رئيس الحكومة، رغم خضوعها للقانون التجاري ووجود مساهمين لن يقبلوا بتعيين المسؤول الأول من طرف الجهاز التنفيذي، كما هو الحال بالنسبة إلى «اتصالات المغرب» مثلا. وأوضح الضحاك في هذا السياق أنه تم تدارك الخطأ على مستوى مشروع القانون التنظيمي، لكن عندما توجه النص إلى المجلس الدستوري رد الأخير «بأننا أخطأنا وبأنه وجب التعيين»، مشيرا إلى أن الحكومة أصبحت تعين طبقا لمداولات الأجهزة المقررة لهذه المؤسسات. ورد الضحاك على الاتهامات الموجهة إليه بعرقلة عمل المؤسسة التشريعية، بسبب قضية مقترح لجان تقصي الحقائق الذي تمت إحالته على المجلس الحكومي، في الوقت الذي كان مجلس النواب يناقش مقترحه بحضور الحكومة في شخص الحبيب الشوباني. وصارح الأمين العام للحكومة النواب قائلا: «لا يد لي في هذا الموضوع، ولا تعطوا للأمانة العامة للحكومة حجما أكبر من حجمها، خصوصا أني شخصيا لم أتدخل في حياتي في عمل أي قاض حول أي ملف. بكل صدق عملت ما في وسعي، وبقي أن الحكومة كان عليها أن تعلن في حينه أن القوانين التنظيمية يجب أن تمرر في المجلس الوزاري، وهذا لم يتم وبدأ البرلمان يشتغل والحكومة حاضرة من خلال وزير». واسترسل الضحاك موضحا حيثيات الواقعة، داخل المجلس الحكومي، بأن البعض ارتأى بأنه من «الأخلاق السياسية أن تمرر القوانين التنظيمية في المجلس الوزاري، خصوصا أنها امتداد للدستور، لكن ما ليس طبيعيا هو توقيت طرح هذه الأفكار لأنه كان يجب الإخبار بها في وقت مبكر، وفي نفس الوقت لم يطلب أحد من الأمانة العامة للحكومة أن تفتي». انتقادات لحسن الداودي، وزير التعليم العالي، لبطء عمل الأمانة العامة للحكومة رد عليها هي الأخرى إدريس الضحاك، الذي أكد أن الداودي يريد تجميع بعض الجامعات، مما سيؤدي إلى تغيير القواعد المالية، مشيرا إلى أنه تمت مراسلة وزارة المالية للموافقة على مشروع القانون، لكنها لم ترد لحد الآن. وأوضح الضحاك أنه «لا يمكن نشر هذا القانون دون الموافقة عليه من طرف المالية». وبعث الأمين العام للحكومة رسائل صريحة بخصوص طريقة اشتغال بعض الوزراء، إذ سجل في هذا الإطار أنه في بعض الأحيان يتم إسناد إعداد القوانين لمكاتب دراسة يوجد فيها أجانب، فتقوم هذه المكاتب بعملية نسخ للنصوص الأجنبية وتدخل فيها تعديلات، فتضطر الأمانة العام للحكومة إلى إعادة صياغة ذلك من جديد، مشيرا في الآن ذاته إلى أن بعض النصوص لا تهدف إلى تحسين النص، بل لتسجيله في ما حققه فلان سياسيا، في الوقت الذي توجد نصوص تفي بالغرض، لكن يجب فقط تطبيقها. ونفى الضحاك الاتهامات الموجهة إليه بتهميش المؤسسة التشريعية، حيث أكد أن إنسانا مثله خَبِر الحوار الاجتماعي والحوار حول حقوق الإنسان وغيرها من المواضيع لا يمكن له أن يرفض التحاور مع أكبر مؤسسة في البلد، مشيرا إلى أن الدول المتحضرة لا يجب أن تظهر وجود صراعات بين المؤسسات، بل يجب أن تربطها علاقات للتعاون.