انتقلت حكومة عباس الفاسي من مرحلة التهديد بالاقتطاع من أجور المضربين إلى مرحلة التنفيذ. واستهلت عملية الاقتطاع بالنقابات الأقل تمثيلية وتجنبت الاحتكاك بالنقابات الممثلة في الحوار الاجتماعي. وأكد أحمد حرباشي، الكاتب العام للهيئة الوطنية للتعليم (نقابة قطاعية)، أن الاقتطاعات التي سجلت في صفوف شغيلة التعليم التابعة لنقابته تراوحت ما بين 250 درهما و500 درهم، مضيفا، في تصريح ل«المساء»، أن بعض الاقتطاعات قاربت 4000 درهم. وربط حرباشي الاقتطاعات الأخيرة بسلسلة الإضرابات التي دعت إليها نقابته، التي وصل مجموعها إلى 10 أيام ما بين السنة الدراسية الماضية والموسم الدراسي الحالي. وأوضح حرباشي أنهم فوجئوا بهذا الاقتطاع الذي تم بدون إشعار. من جانبه، قال عبد الرحمان العزوزي، الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل، إحدى المركزيات الأربع التي كانت وراء الدعوة إلى إضراب 10 فبراير الماضي، إنهم لن يسكتوا كمركزيات نقابية على قرارات الاقتطاع من الأجور. ونفى العزوزي، في تصريح ل«المساء»، علمه بوجود اقتطاعات في صفوف مناضلي نقابته الممثلة في البرلمان. إلى ذلك، كشفت مصادر مطلعة أن الاقتطاعات المسجلة نهاية الشهر الماضي همت يومي 27 و28 فبراير الماضي اللذين صادفا موعد الإضراب الذي دعت إليه إحدى النقابات القطاعية غير الممثلة في الحوار الاجتماعي، وكذا الموظفين الذين أكثروا من الإدلاء بالشواهد الطبية. وتشير المصادر ذاتها إلى أن مصالح وزارة المالية، التي قامت بإجراء الاقتطاع، بررته، للأشخاص الذين لجؤوا إليها يستفسرون عن الأمر، بأن الاقتطاع تم بسبب الإدلاء بشواهد طبية غير مقنعة بالنسبة إلى الموظفين المتغيبين يوم الإضراب، أو التغيب بدون مبرر قانوني. ويرى عبد الإله بندحمان، عضو اللجنة المركزية للحوار الاجتماعي والقطاعي عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، أن الحكومة مرتبكة في ما يتعلق بقرار الاقتطاع من الأجور، حيث كان الهدف من تصريح وزير تحديث القطاعات العامة، هو إحداث نوع من الإرباك في المحطة النضالية ل10 فبراير الماضي، لذلك -يضيف بندحمان في تصريح ل»المساء»- لما وقع الجدل حول مدى قانونية ذلك الإجراء، وقع الاختيار على الحلقات الضعيفة والنقابات الفئوية، حتى لا تبدو الحكومة عاجزة عن تنفيذه. ويبدو أن مسلسل التجاذبات بين النقابات والحكومة لن يتوقف عند هذا الحد، بعد أن استشرفت أربع مركزيات نقابية، التي تقف وراء الحراك الاجتماعي الأخير، ما سيقع في القريب العاجل، وبرمجت ندوة صحفية يوم الخميس القادم من أجل الإعلان عن تصعيد موقفها من خلال تحديد تاريخ المسيرة العمالية الكبرى التي من المقرر أن تنظم بمدينة الرباط أواسط مارس الجاري، كما تم توجه رسالة مشتركة إلى الكونفدرالية الديمقراطية للشغل من أجل الالتحاق بالتنسيق النقابي الحالي وتوحيد المواقف النضالية، في أفق اتخاذ موقف موحد يرد على تعثر الحوار الاجتماعي.