في تجربة هي الأولى من نوعها في المغرب، أقدم مجموعة من تلاميذ ثانوية الإمام الغزالي بتطوان، على إنتاج وإخراج وتمثيل شريط سينمائي مطول من ساعة وأربعين دقيقة عن «الحريك». «عز الخيل مرابطها»، هو عنوان الفيلم السينمائي الذي تم تقديم عرضه الأول الأسبوع الماضي بدار الثقافة بتطوان. فقد توجه أكثر من 1300 تلميذ وتلميذة من مختلف ثانويات تطوان لمشاهدة الفيلم، حيث لم تتمكن قاعة العرض من استيعابهم. «عز الخيل مرابطها» فيلم استحق التنويه والتشجيع على اعتبار أن كل طاقمه التقني والتمثيلي يتكون من مجموعة من تلاميذ ثانوية الإمام الغزالي. يتطرق الفيلم إلى موضوع الهجرة السرية والأحلام التي تراود شباب وتلاميذ المغرب في الهجرة إلى إسبانيا، ولو عن طريق المغامرة بحياتهم وركوب قوارب الموت، كما أنه يتطرق إلى العديد من المشاكل التي تعانيها شخصيات الفيلم، قبل أن تقرر الهرب من العيش في كنف أسرها والهجرة إلى الجارة الشمالية. بعضهم يعاني من عنف أبائهم لأمهاتهم بسبب إدمانهم على الكحول، والبعض الآخر يتامى يعانون من المعاملة القاسية لزوجة العم الذي تكفهم. شخصيات أجمعت في ما بينها على أن الحل الوحيد هو «الحريك». قصص حب متنوعة وأحلام لبعض الشابات في الزواج المبكر «ويطيرو من المغرب»، على حد سيناريو الفيلم، ولو كلف ذلك تشجيعهن فرسان أحلامهن على الحريك إلى إسبانيا، والمخاطرة بحياتهم في عرض البوغاز. أبان الفيلم عن موهبة فنية راقية للطاقم الفني، وإبداع كبير للمخرج الشاب التلميذ محمد رضا الكوزي، الذي يدرس بالسنة الثانية باكالوريا. «إنها تجربتي الثانية في الإخراج»، يقول الكوزي، بعدما أسس مجموعته الفنية، والتي أطلق عليها اسم «سيني سيستيم». لم يثن إنجاز الفيلم السينمائي التلاميذ المشاركين فيه عن التفوق في دراستهم، وهو ما يؤكده بعض أساتذتهم ل«المساء»، حيث تقول وفاء بلحاج، وهي إحدى المشاركات في الفيلم، إن والدتها تخوفت في البداية من دخولها التجربة الفنية لكن بعد اطلاعها على السيناريو، تأكدت أنه يهدف إلى توعية الشباب بمخاطر الهجرة السرية وما تخلفه من مآس للعائلات بعد وفاة أبنائهم غرقا في عرض البوغاز، وبالتالي لم تتوان عن تشجيعها ودعم الطاقم التلاميذي الفني. ويقول مخرج الفيلم إن كل مراحل إنجاز فيلمه السينمائي كان يتم داخل منزله بتقنيات بسيطة جدا، من مونتاج وموسيقى تصويرية وربط للمشاهد الفنية، وذلك بسبب رفض أي قطاع عام، كالشركات والمؤسسات العمومية، دعم الفيلم ولو رمزيا، فيما قامت إدارة الثانوية بتقديم دعم بسيط وتذليل العراقيل والصعوبات البيروقراطية التي واجهتهم أثناء التصوير في الفضاءات العمومية، كما تعاونت معهم شرطة ميناء المضيق والدرك الملكي أثناء تصويرهم لبعض المشاهد هناك. لقد أجمع المشاهدون على حبكة الفيلم السينمائية وجودة السيناريو، حيث يقول كاتبه التلميذ معاد محال، إن مدة كتابته استغرقت أكثر من شهر، حاول فيها ربط خيوط عدد من الشخصيات بطريقة درامية وفنية مقنعة، رغم أن النهاية كانت مأساوية نوعا ما، حيث لقي بعض المخاطرين بحياتهم في ركوب قوارب الموت حتفهم غرقا في البحر، من ضمنهم تلميذة، تنكرت في لباس رجل وقررت ركوب المجهول ومغادرة بلدها، هربا من مشاكل عائلية كانت تعيشها. من جهتها، أشادت الفنانة سميرة القادري، مديرة دار الثقافة، بالفيلم، كما نوهت بهذه التجربة الفنية الرائدة، مشيرة إلى أنهم يستحقون التشجيع، حيث أبانوا عن إرادة وطموح كبير، مثلما أشارت إلى أن ملصق الفيلم بدوره أبان عن إبداع الطاقم الفني، حيث تمكن من إيصال رسائل توعوية مهمة إلى التلاميذ والشبان، وهي موهبة فنية راقية يفتقر إليها عدد من السينمائيين المغاربة «المحترفين»، حيث يتطرقون إلى مواضيع تافهة عوض الحديث عما يعانيه المغرب من مشاكل كبيرة تمس الشباب في عمق حياتهم وأحلامهم، والتي تستحق الانتباه إليها والتحدث عنها.