كشفت المباراة الودية التي جمعت المنتخبين المغربي والتشيكي عن عورات التنظيم، وأبانت عن قصور في تدبير الملتقيات الكبرى، فقد خرج الوفد التشيكي بقناعة واضحة هي أن المغرب عادل في تنظيمه للمباريات الرياضية، لا فرق بين تدبير مباراة محلية وإقامة مواجهة دولية، إلا بالشارات التي حملها الصحافيون على صدورهم والفرقة النحاسية التي تعزف النشيد الوطني، أما الباقيات الفاسدات فتكرس الهواية المقنعة في أبغض تجلياتها. أرغدت مرافقة المنتخب التشيكي وأزبدت حتى بحت حبالها الصوتية من شدة الاحتجاج، ففي أول حصة تدريبية اكتشفت أن مركب محمد الخامس لا يتوفر على الحد الأدنى من شروط تنظيم الملتقيات الدولية، فمستودع الملابس يفتقد للدواليب ودورات المياه بدون مناديل ولا صابون ولا نشافات، والرشاشات بدون ماء ساخن، فكان من الطبيعي أن يسخن الدم في عروق المرافقة التشيكية وتضطر في نهاية الحصة التدريبية لإقناع المدرب واللاعبين بتأجيل الاستحمام إلى حين العودة إلى الفندق. في صباح اليوم الموالي ارتفع ضغط الدم لدى أعضاء الوفد التشيكي، حين وصلوا إلى مركب محمد بنجلون وفوجئوا ببرمجة حصة تدريبية للوداد، لم تنفع الهواتف المحمولة في إقناع الزاكي بالسماح للضيوف بخوض تدريب خفيف على أرضية الملعب المعشوشب، فقد كان تأخير وصول التشيك مبررا لإلغاء التزام شفوي مع الوداد، وتبين أن الزاكي الذي لم يعر اهتماما لجدبة المسؤولة التشيكية، كان يردد في قرارة نفسه تلك العبارة التي تتذيل تذاكر السفر، «من لم يحضر في وقت السفر لا تقبل منه شكاية». اضطر التشيكيون إلى إجراء حصة تدريبية في الملعب المترب وسط أجواء يطبعها التذمر والاستياء، بينما انكب أفراد من الطاقم التقني على تصوير لقطات من الحصة التدريبية المتربة بكاميرات الهواتف النقالة، والأكيد أن الصحف التشيكية ستجعل منها مادة إخبارية تنشر غسيلنا فوق سطوح أوربا الشرقية. قبل عقد من الزمن احتضن مركب محمد الخامس دورة الحسن الثاني الدولية، وكان المنتخب الإنجليزي يعود إلى مقر إقامته بجبل طارق مباشرة بعد نهاية كل مباراة، بعد أن أنجز مخبروه تقريرا يحذر من ارتباك تنظيمي محتمل، بينما اشتكى المنتخب الفرنسي من غياب السلام في فندق رياض السلام من فرط تهافت أبناء المسؤولين على مقر إقامة منتخب الديكة لأخذ صور للذكرى أو توقيع للتاريخ. وعجزنا مرة أخرى عن تنظيم مباراة ودية ذات طابع خيري بفاس، حيث انزعج وكلاء نجوم الكرة العالمية من الارتباك الحاصل في كل مراحل التنظيم، فقبل انطلاقة اللقاء اضطر الحكم الطاهري إلى تأجيل صفارة البداية لساعة كاملة بعد أن تبين أن المنظمين نسوا الكرات في الفندق، بل إن أحد المسؤولين استأذن الحكم لحظات البداية لأخذ صورة تذكارية مع زين الدين زيدان، وناول بكل هدوء هاتفه المحمول لحكم المباراة ودعاه للتفضل بتصوير لقطة العمر. كان المعلق الإسباني الذي ينقل أطوار المباراة التضامنية يسخر من قدراتنا التنظيمية، وهو يبحث عن جواب لسؤال التأخير الذي ميز المباراة دون أي اعتبار لضوابط النقل التلفزي، ويتساءل عن سر وجود عشرات الأشخاص المدنيين في محيط الملعب. في فاس أو الدارالبيضاء كانت الهواية حاضرة والاحتراف غائبا، ومع كل تظاهرة ذات طابع دولي نقف أمام مرآة أخرى لنتفحص وجوهنا التي تخجل من تنظيم مبعثر، ونردد في قرارة أنفسنا عبارة «إذا لم تستحي فنظم كأس العالم».