بدلا من أن ينكب كل من عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، ومفاوضه صلاح الدين مزوار على تمتين وبناء قاعدة صلبة للتحالف الذي يجري نسجه، يجنح النقاش بين الجانبين إلى هوامش تافهة، من قبيل: هل اعتذر بنكيران إلى مزوار أم لا عن اتهاماته بمعية قيادييه في شأن ما يعرف ب»فضيحة التعويضات»؟ فبنكيران متشبث بأنه لم يصدر عنه أي اعتذار، ومزوار يؤكد للمكتب السياسي لحزبه ولوسائل الإعلام أن هذا الأخير قدم إليه اعتذارا ضمنيا عن الاتهامات السابقة في حقه. ومهما يكن، فإن هذا النقاش «التبييضي» لا معنى له، لأنه يستغبي عقول المغاربة، في ظل تعقيدات «موجات الربيع العربي». لقد كان من باب أولى وأحرى أن يقفز بنكيران، باعتباره رئيسا للحكومة، على كل الخلافات والحساسيات، وأن يقرأ المرحلة الراهنة على ضوء ما يقع في تونس ومصر وليبيا قراءة استباقية وعلى درجة عالية من الذكاء السياسي. وبدل أن يتمترس خلف شعار كون صناديق الاقتراع هي التي أتت به إلى الحكم وأنه صاحب مشروعية انتخابية، كان عليه أن يسارع إلى فتح مشاورات واسعة وعميقة وجدية مع الاستقلال والاتحاد الاشتراكي تحديدا، ليحكم مع هؤلاء وليحمي ظهره بشكل جيد، وحتى يجنب البلاد أية مزالق محتلمة. ولمَ لا المضي نحو خطوة أكثر شجاعة بفتح حوار وطني شامل. أما الاكتفاء فقط بحل ترقيعي، مثل ترميم الأغلبية بالأحرار أو غيرهم، فهو مثل قتل البطل في أول الفليم، قرار لا يغامر به إلا مخرج عبقري أو مجنون.