وصف عبد العالي حامي الدين، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة التنمية، المؤسسة الملكية ب»غير المنسجمة وغير المتجانسة» نظرا إلى تواجد تيارين أحدهما إصلاحيّ والآخر تراجعي، على حد تعبيره. واعتبر حامي الدين، في محاضرة نظمتها حركة التوحيد والإصلاح في موضوع «تجربة الحركات الإسلامية في تدبير الشأن العام»، أول أمس في الرباط، أنّ «الملك اختار أن يدعم التيار الإصلاحي حينما خطب يوم 9 مارس مباشرة بعد الاحتجاجات، في الوقت الذي كانت اتجاهات أخرى بدون شك ترفض إعطاء أيّ جواب سياسي حكيم وتجاوب مع مطلب الشارع.. لكنْ كان هناك تيار إصلاحيّ يقول بضرورة استيعاب مطالب الشباب». وأكد حامي الدين أنّ «هناك تيارا إصلاحيا موجودا داخل المؤسسة الملكية والأحزاب السياسية وطبقة رجال الأعمال والمثقفين والفنانين وغيرهم، لكنْ هناك تيار «محافظ»، بمعنى يريد أن يحافظ على مصالحه وامتيازاته، وهو تيار غير إصلاحيّ موجود داخل المؤسسة الملكية والأحزاب وطبقة رجال الأعمال والنقابات والمثقفين والفنانين وغيرهم».. وبخصوص مشاورات «ترميم» الأغلبية، أكد عضو الأمانة العامة أنّ «المشاورات بدأت مع جميع الأحزاب، بما فيها التشكيلات السياسية الصغيرة، لكنْ مبدئيا بالنسبة إلى الأصالة والمعاصرة فالمشاورات كانت فقط من باب ترسيخ تقاليد التشاور مع جميع الأحزاب، أمّا هذا الحزب فهو غير معنيّ بالمشاركة ليس من جهته فقط، ولكنْ من جهة حزب العدالة بالدّرجة الأولى». أما حزب الاتحاد الاشتراكي، يوضح حامي الدين، «فإنّ صناديق الاقتراع أعطته رتبة معينة وضعته في المعارَضة والعدالة والتنمية في الحكومة، وبالتالي فهو مع استمرار الحكومة دون أن يشارك فيها». وسجل القيادي البارز في حزب العدالة والتنمية أن «موضوع العلاوات لا دخل لحزب العدالة والتنمية فيه، بل أثارته الصّحافة، وبرلمانيو الحزب من حقهم أن يتساءلوا عن مدى شرعيتها، وهذا سؤال سيبقى مشروعا، لكنّ ما قاله في حقنا التجمّع الوطني للأحرار -وهو في المعارضة- لا يرقى إلى ما قاله فينا حميد شباط وهو في الحكومة».. وشدّد حامي الدين على أنّ «التحالف سيكون على أساس سياسي وعلى أساس الإصلاح، وليس لتبييض صفحة أحد، لأنّ المخول ليقول إنّ شخصا له سريرة طيبة وله تاريخ نظيف هو القضاء»، مشيرا إلى أنه «إذا كانت هناك شروط تعجيزية فلن نقبل بها لأنّ لدينا التزامات مع الحزب والمواطنين وجئنا من أجل الإصلاح وليس من أجل مقاعد داخل السلطة». ومن جهة أخرى، أبرز عضو الأمانة العامة أن «المغرب ما زال في مرحلة الانفتاح السياسي رغم ما راكمه من تجارب مهمة ومعتبرة، ومن أهمّها رصيد التعددية السياسية منذ الاستقلال، لكنْ مع ذلك لا يمكن اعتبار هذا المعطى منسجما مع مفهوم الانتقال الديمقراطي كنظرية سياسية من خلال تجارب الدول الديمقراطية بسبب بعض المعوقات». وربط حامي الدين التحدّي الأول بكون «جماعة العدل والإحسان ما زالت خارج العمل المؤسساتي الرسمي، بغضّ النظر عن السبب، إنْ كان مرتبطا بها أو بالنظام السياسي أو بالفاعلين.. لكنْ من علامات الانتقال الديمقراطي وجود اعتراف متبادَل لجميع الفاعلين واتفاق على نموذج النظام السياسي الذي يؤمِن به الجميع ويقبل الجميع أن يشتغلوا في إطاره». ويتعلق التحدي الثاني، حسب التحليل ذاته، «بكون الدستور الجديد -رغم أنه جاء بكثير من الإصلاحات الأساسية- مُصاحَباً بثقافة سياسية قديمة ترجع إلى الوراء، فعندما يقوم حزب سياسي بطلب التحكيم الملكي في موضوع مرتبط بخلاف بين حزبين واستدعاء الفصل ال42 فهذا مرتبط بثقافة سياسية قديمة لا تواكب مقتضيات الدستور الجديد». وأضاف حامي الدين في السياق ذاته أنّ «الملك كان أكثر ديمقراطية وأكثر تقدّمية في هذا الموضوع ورفض أن يدخل في لعبة التحكيم كما طلبها حزب الاستقلال»، مشيرا إلى أنّ «التحدي الثالث مرتبط بكون الدستور فيه الكثير من الفراغات التي تسمح بتأويلات مختلفة، ولذلك فبيان المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية تضمّنَ فقرة مهمّة اعتبرنا فيها أن هذا الدستور يحتاج إلى اعتماد أقصى درجات التأويلات الديمقراطية».