ماذا يحدث عندما يصل غضب الإنسان إلى منتهاه؟ وماذا يفعل الغاضب لكي ينتقم؟ قد يرغب في التخلص من شخص ما، وما دام لا يملك الشجاعة لتحمل عواقب أفعاله، فهو يعمد إلى دفع مبالغ كبيرة مستخدما أشخاصا محترفين، في الغالب منظمات إجرامية متخصصة تضم مجرمين محترفين يٌطلق عليهم اسم «هيتمان».. أو القتلة المأجورون. يتم القتل المأجور أو ما يسمى «بعقود القتل» في إطار منظمات وعصابات سرية محترفة، تتكلف بالقتل أو التهديد أو الجرح. هكذا أصبح القتل المأجور آفة جديدة تضرب مدن أوربا وأمريكا، ويأتي على الأخضر واليابس غير آبه بالعلاقات الأسرية والاجتماعية والمهنية. وتبدو المدن الغربية الهادئة والراقية مسرحا لأكبر عدد من هذه الجرائم الماكرة. فمدينة شوانو الأمريكية، والتي تبدو ساحرة لقضاء العطل، بات الناس فيها يحتفظون بالسلاح في منازلهم خوفا من أية محاولة قتل مباغتة، خصوصا من طرف القتلة المأجورين. وعموما، فإن حالات الفزع ترتفع في البلاد، إذ سُجلت حالات مهولة لمحاولات القتل المأجور. ونقل الموقع الإلكتروني «إن بي سي» أرقاما مهولة لمحاولات قتل عن طريق اللجوء إلى قتلة محترفين، وكانت أغلبها تهدف إلى قتل فرد من العائلة أو صديق أو زميل في العمل. ففي سنة 2001، ضُبطت كاونتري جاكوب خلال محاولة قتل زوجها للاستيلاء على ماله، وفي سنة 2007، ضُبطت فيرسي جاكسون في غرفة بفندق وهي تتفق مع قاتل مأجور إلى قتل أحفادها وزوجة ابنها. أما ريبيكا سيمسون، فكانت تريد قتل زوجة عشيقها بواسطة قاتل مأجور. هذه حالات على سبيل المثال لا الحصر. فقد أثبتت دراسة أسترالية أجراها معهد الدراسات الجنائية أن عدد محاولات القتل المأجور ما بين 1989 و2002 كلها كانت تتعلق بإنهاء علاقة ما مثل زواج أو صداقة. كما كشفت الدراسة أن أجرة القاتل تصل في المتوسط إلى 12.700 جنيه إسترليني (حوالي 20 ألف أورو)، وأغلب الأسلحة المستعملة في هذه العمليات هي المسدسات النارية. وفي السياق نفسه، نقل موقع «دي أن إربور نيوز»، أنه حٌكم بالسجن المؤبد على زوجة حاولت استئجار قاتل لتصفية زوجها. ونقل المصدر نفسه أن الحالات التي يتم ضبطها في الغالب، يكون فيها القاتل المأجور شرطيا متخفيا. القتل المأجور صار، مع نهاية القرن العشرين، أشبه بتجارة في العالم السفلي، مما سيعزز تزايد الطلب على القتلة المحترفين، واستمرت صورة القتلة المأجورين تتكرس كرجال غير معروفين وغامضين سواء في أمريكا المعاصرة أو في بلدان أخرى حول العالم، ومع مرور الوقت أصبح القتل المأجور مهنة كغيرها، حيث تدر أرباحا خيالية على مزاوليها، حيث إن الأرقام المحصل عليها عن طريق عمليات القتل تتجاوز بكثير المبالغ التي يقدرها مختصون. وإلى اليوم، وعلى الرغم من كل الترسانة القانونية والإدانة الواسعة لهذه المهنة الوسخة، فإنه لا توجد دلائل على أن هذا النوع من القتل في طريقه إلى الزوال، بل أكثر من ذلك، بدأ يظهر نوع جديد من القتل المأجور يرتبط بالعلاقات الأسرية يجتاح المنظمات الإجرامية، حيث تحول القتل المأجور إلى أشبه بالداء الخبيث المستعصي على العلاج. جرائم القتل المأجور لم يسلم منها حتى الصغار والمراهقون، فقد نشرت «دي هيرالد تربيون» حكاية مراهقة حاولت قتل والديها بالتبني، «لأنهما قاسيان، ولرغبتها في أن ترث ثروة مهمة»، وقد دفعت هذه الفتاة 260 دولارا كدفعة أولى للقاتل المزعوم. هذه الجرائم ليست حكرا على الناس العاديين، بل تعدتها إلى مشاهير عالم الفن والرياضة، حيث إن الملاكم الشهير مايك تايسون تورط في محاولة قتل، نقلا عن الصحيفة البريطانية «دي ديلي تلغراف». ولا يستثنى الجنود من هذه الجريمة، فقد نشر موقع «ستريبس»، الخاص بالجنود الأمريكيين، حالة الجندي مايكل كرافورد الذي حاول قتل زوجته بالاستعانة بقاتل مأجور، وأدى له المبلغ المتفق عيله من أموالهما المشتركة هو وزوجته. ومن أغرب القصص التي أثارت حفيظة الرأي العام الأمريكي، قصة ليندا ماكنيل، المرأة التي تشتغل قاتلة مأجورة «لحماية الضعفاء». وتقول ليندا في لقاء مع مراسل قناة تلفزيونية أمريكية: «لقد هوجمت عدة مرات، وتعاملت مع الوضع بوسائلي الخاصة دون أن أؤذي أحدا». وتضيف: «بنيتي الجسمانية تسمح لي بالقيام بهذا العمل، فأنا قوية وصلبة». وقد لا يكون المقابل في القتل المأجور دائما ماليا، بل يمكن أن يكون أي شيء ذي قيمة، فهذا خوسي لوزا، القاتل المأجور، يقول إنه يقبل تعويضاته عينا ونقدا، وإذا لم يكن المال متوفرا لمن يؤجره، فإنه يقبل بتعويض مناسب، مثل سيارة فورد مثلا. وتطور القتل المأجور لتُستخدم فيه وسائل عصرية كشبكة الأنترنيت، فقد عرضت غوين بيرغمان، 52 سنة، مبلغ 30.000 دولار على الأنترنيت لقتل زوجها سنة 2004. وبما أن «مصائب قوم عند قوم فوائد»، فقد صدر ألبوم غنائي لفرقة الروك الأمريكية «بودي كاونت» بعنوان «القتل المأجور» سنة 2006 من أجل استغلال رواج موجة القتل هاته لبيع كثير من الأسطوانات الغنائية. كما نُشر كتاب سنة 1996 بعنوان «الروح القاتلة: مختارات من القتل المأجور» لمجموعة من الكتاب هم غراهام غرين وكورغيسان وباراتي موخريجي.