تتبنى الثقافة الشعبية بعض الأفكار حول الظروف المثالية لالتقاء شريك الحياة، فكان العمل أو المناسبات العائلية أكثر الظروف ملاءمة لالتقاء زوج المستقبل، فهل تنجح العلاقات العاطفية بين زملاء العمل؟ وكيف يتم النظر إليها وهل يمكن أن تتوج بالزواج؟ وإن حدث وتم هذا الزواج فهل يمثل هذا الأمر مشكلة في العمل، خصوصا في حالة الرئيس والمرؤوس من الزوجين، وكلنا نتذكر الفيلم المصري لشادية «مراتي مدير عام» وكيف أن البطلة تخلت في نهاية الفيلم عن الإدارة من أجل إنجاح زواجها الذي تأثر بسبب تسلمها منصب المديرة. هند لا ترى عيبا في زواج زميلين في العمل، لكنها تحبذ أن يكون عملهما في مديريتين مختلفتين، لأن الأمر يصبح محرجا في بعض الحالات فيتحول العمل إلى امتداد للبيت. لم يكن عزيز، مهندس الدولة، يعلم بأن علاقة الصداقة التي كانت تجمعه بزميلته في العمل ستتحول إلى مشروع زواج، خصوصا وأنهما كانا يعملان معا في غالب الأحيان، لأنها تعمل تقنية في الإعلاميات بينما هو رئيسها في العمل، مما كان يضطرهما في أحيان كثيرة إلى تناول وجبة الغداء والتأخر في العمل الذي يتغير بتغير نوعية المشروع الذي يشتغلون عليه. وبغية الحفاظ على سرية علاقتهما قررا تأجيل الزواج إلى غاية حصول أحدهما على عمل آخر، وهو الشيء الذي تسنى لهما بعد أن وجد عزيز وظيفة أخرى براتب أحسن ليعلنا بعدها مباشرة زواجهما. علاقة فاشلة بالأساس حالة عزيز حالة من بين حالات زواج كثيرة بين زملاء في العمل نسمع عنها سواء التي كللت بالفشل أو كتب لها النجاح، ورغم أن مثل هذه الحالات يتردد كثيرا على مسامعنا، فإن يونس لا يتفق مع الزملاء في العمل الذين يقررون الزواج، ويستشهد على ذلك بحالتين معه في العمل، الأولى كان مصيرها الفشل بعد مدة قصيرة، لكن وخلال هذه المدة كان محط مراقبة في العمل، فالأقاويل كانت ترافقهم كثيرا، خصوصا وأن هذين الزوجين لم يستطيعا الفصل بين حياتهما الشخصية والعائلية، فكثيرا ما كانا يناقشان مشاكلهما العائلية في العمل فكانا بذلك الحديث اليومي لزملائهم في العمل، خصوصا وأنهما لم يستطيعا إخفاء مشاعر الغيرة. ويضيف يونس أن هذه العلاقات العاطفية تعتبر فاشلة، لأنه حتى وإن تم زواج الزميلين ولم ينفصلا فهما يتحولان إلى حديث الساعة في مقر العمل، خاصة وأن المغاربة غير قادرين على الفصل بين ما يسمى حياة شخصية وبين العمل. الزواج جحيم وإذا كانت العلاقات العاطفية بين الزملاء في العمل حتى إن كللت بزواج ستعرف مراقبة من طرف العاملين معهم، فإن خديجة تعترف بوجود مشكل آخر قد يهدد العلاقات الزوجية بين الزملاء في العمل، فممارسة الزوجين لنفس المهنة بالنسبة إليها يخلق مشاكل للأسرة، خصوصا وأن الزوجين يعيشان نفس الظروف والإرهاصات، وحتى المشاكل بوتيرة مزدوجة في المنزل وفي العمل،. وإذا كان أحدهما يعيش ضغطا في العمل يمكن لشريكه في الحياة أن يساعده أما إن كانا يعيشان على نفس الوتيرة ل24 ساعة فالأمر سيتحول إلى جحيم، خصوصا إذا كانا يعملان بنفس المديرية، فإن كان التقاؤهما في مكان العمل هو سبب زوجاهما فالوضع يصبح محرجا قليلا بالنسبة إليهما. الفتاة أكثر المتضررين إذا كان المشكل بالنسبة إلى البعض بخصوص العلاقات العاطفية بين الزملاء هو فشل الزواج فهناك فئة ترفض هذه العلاقات سواء نتج عنها الزواج أم لا. فليلى، الموظفة بإحدى الوزارات، تقول إنها بصراحة ضد نسج علاقات عاطفية بين الموظفين والعاملين بنفس المؤسسة، لأنها ترى أنه إذا فشلت العلاقة ولم تتكلل بالنجاح فإن هذا الأمر يسيء إلى المرأة، حتى إن فرص زواجها من شخص آخر تقل خصوصا مع انتشار الشائعات حول علاقتها بزميلها في العمل. وتضيف هذه الشابة أنها على العموم ضد هذه العلاقات حتى وإن تكللت بالنجاح، فحسب ليلى يتم خلط بين الحياة الشخصية والعملية، فالزوج يمارس بشكل كبير سلطاته الزوجية في العمل، فيمنع زوجته على سبيل المثال من تحية زملائها في العمل أو الحديث معهم، وهو أمر غير منطقي. رفض مطلق «أختلف قطعا مع هذه العلاقات»، هكذا عبرت الطالبة الجامعية سارة عن وجهة نظرها بخصوص العلاقات العاطفية في العمل، «حتى يمكن القول بأنني متعصبة بهذا الشأن، لأن هذه العلاقات يمكن أن يتم استغلالها في أمور غير العمل مما يؤثر سلبا على المهنة وعلى المردود الفردي لكل منهما، خصوصا في حال حدوث مشاكل بينهما، لأن المغاربة على العموم لا يستطيعون الفصل بين الحياة الشخصية والعملية. فيصبح العمل ومردوديته مرتبطين بمدى سلامة وسير علاقتهما أو حتى زواجهما. وتضيف سارة أنه من الضروري احترام قدسية العمل والفصل بين ما هو شخصي وما هو مهني إذا كنا فعلا أناسا مهنيين. سيف ذو حدين وإذا كانت هناك فئة متعصبة بخصوص قبول العلاقات العاطفية بين الزملاء في العمل فإن البعض يعبر عن بعض المرونة بخصوصها، فحسناء، تعمل سكرتيرة، تؤكد أن العلاقات العاطفية في العمل سيف ذو حدين يمكن استخدامه في أمور إيجابية كما يمكن استخدامه في أمور سلبية، فإذا كانت العلاقة العاطفية دون مشاكل فإن الأمر ينعكس إيجابا على العمل، أما إذا ساءت العلاقة فأول المتأثرين هو مردودية العمل هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن العمل يتأثر إذا كانت هناك علاقة مرؤوسية، حيث إن الطرف الآخر لا يتقبل الانتقادات ويطلب منك أن تكون أكثر تفهما لمشاكله الشخصية. إيمان، مهندسة، هي الأخرى تبدي نوعا من التسامح بخصوص هذه العلاقات لكن شريطة أن يغير أحدهما العمل، إذ إن العلاقات العاطفية تؤثر سلبا على العمل، حسب رأيها.