سيقف عمر الجزولي، العمدة السابق لمدينة مراكش غدا الثلاثاء من جديد أمام القضاء، لكن هذه المرة في قضية جديدة ومثيرة، تتعلق بمكالمات هاتفية جرت بينه و بين عدد من المسؤولين والمستشارين خلال الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2009. وسيكون دفاع الجزولي مطالبا بشرح العبارات الواردة في المكالمات الهاتفية، التي دارت بين العمدة السابق لمراكش وخالد فتاوي، المستشار الجماعي بمجلس مراكش عن حزب الأصالة والمعاصرة، من جهة، وتلك التي أجراها مع كل من عبد الله الفردوس، المسؤول السابق في حزب الاتحاد الدستوري، وكذا أحد الفاعلين السياحيين من جهة أخرى، ومحاولة إقناع الهيئة القضائية بعدم ثبوت جنحة تسليم مبالغ مالية وتبرعات نقدية ووعود وهدايا من أجل جلب أصوات الناخبين والتأثير على إرادتهم، خلال الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2009. يأتي هذا، في الوقت الذي أحال عبد الرحيم المنتصر، قاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف بمراكش، هذا الملف على المحكمة الابتدائية، بعد أن تبين له خلال البحث، الذي أجراه على المكالمات الهاتفية، التي التقطتها مصالح الشرطة القضائية، بناء على تعليمات صادرة عن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، بأن الأفعال «لا تشكل جناية، وأن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد جنح»، قبل أن يقضي بعدم الاختصاص. وقد تم التقاط مكالمات هاتفية أجراها عمر الجزولي مع المستشار خالد فتاوي، أكد فيها العمدة السابق أنه لا يتصور التجمعي عبد العزيز البنين، عمدة لمراكش، خصوصا أن هذا الأخير يدفع بيونس بنسليمان، البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، ليكون رئيسا لإحدى المقاطعات، وهي المسؤولية التي يريد الجزولي أن يتقلدها فتاوي.
المعلومات التي حصلت عليها «المساء» تفيد أن الجزولي اتصل بالمحامي فتاوي من أجل الترافع في ملفين أمام القضاء لفائدة جنبيين يقيمان في مراكش. أما المكالمة التي دارت بين الجزولي والفردوس فانصبت حول رحيل برلمانيين ومستشارين إلى حزب الأصالة والمعاصرة. وفي هذا الصدد أكد الجزولي في مكالمته أن أحمد التويزي، رئيس مجلس جهة مراكش، والبرلماني كمال العراقي، والمستشار أحمد محفوظ رحلوا عن الحزب، وهو ما جعل الفردوس يخاطبه قائلا: «أحكم قبضتك على مراكش». وأوضح الفردوس أن التويزي أكد لإدريس الراضي بقاءه في الحزب شريطة أن «تصفي قضية العراقي». مكالمة ثالثة دارت بين الجزولي وأحد الفاعلين السياحيين بالمدينة استهلت بعبارة «لقد أتى إلي البرازيليون»، وهو ما اعتبر كلمة سر بين المتحدثين. لكن الجزولي أوضح في اتصال مع «المساء» أنه تلقى اتصالا من «جهات عليا» تطلب منه استقبال وفد من «سان باولو» وتكليف أحد المرشدين بمرافقتهم لزيارة بعض المآثر التاريخية. لكن مربط القضية التي سيسأل عنها العمدة السابق هو مخاطبته الفاعل السياحي بالقول: «ليس هناك أي مشكل، فأي واحد يشتغل معنا في الحملة الانتخابية غادي يتخلص 100 درهم». من جهته، اعتبر الجزولي أن هذا الملف الذي «بقي في رفوف القضاء مدة أربع سنوات» هو من «مخلفات» انتخابات 2009، مؤكدا في تصريح ل»المساء» أنه لم يسبق له طيلة مدة عمله السياسي أن أعطى أموالا لاستمالة الناخبين. وحول ما إذا كان «تحريك» الملف يدخل في نطاق الصراع السياسي مع الأصالة والمعاصرة، قال الجزولي إن القضاء «يجب أن يبقى بعيدا عن الصراعات السياسية، في ظل دستور متقدم جدا»، مضيفا أن العدالة ستقول كلمتها ب «تجرد وموضوعية واستقلالية». من جهته، قال فتاوي إنه «شاهد في هذا الملف ولست متابعا أو متهما فيه»، مؤكدا في تصريح ل»المساء» أن الاتصال الذي جرى بينه وبين الجزولي كان حول مجريات الحملة الانتخابية ليس إلا. وأوضح فتاوي أنه يحترم قرار تناول القضاء لهذه الملفات، التي من شأنها «تكريس دولة الحق والقانون وتجسيد الدستور الجديد». وأعرب عن احترامه للقضاء ومجريات هذا الملف، قبل أن يؤكد قائلا: «لا أريد الخوض كثيرا في هذا الأمر المعروض على القضاء احتراما لهذه المؤسسة الكبيرة جدا».