صدرت في مصر، أول أمس الأربعاء، وثيقة وصفت بالتاريخية عن الأزهر أطلق عليها اسم «وثيقة الأزهر لحقوق المرأة». وجاء اعتماد هذه الوثيقة بعد أزيد من سنة من النقاش المحتدم بين مختلف الأقطاب الدينية والتيارات السياسية والتنظيمات المجتمعية المهتمة بشؤون وحقوق المرأة في مصر، ويرى مراقبون أنها قد تكتسي في المستقبل القريب طابعا عربيا بانتقال تأثيرها وصداها إلى دول عربية أخرى. وتتناول الوثيقة سبع قضايا أساسية هي: المرأة الإنسانية والاجتماعية، الشخصية القانونية للمرأة، المرأة والأسرة، المرأة والتعليم، المرأة والعمل، المرأة والأمن الشخصي، المرأة والمشاركة السياسية. وبخصوص المساواة بين الرجل والمرأة، أكدت الوثيقة أن «وضع المرأة في الإسلام يتأسس على المساواة مع الرجل سواء في مكانتها الإنسانية أو من حيث عضويتها في الأمة والمجتمع»، معتبرة في الآن ذاته أن «العلاقة بين المرأة والرجل تقوم على المسؤولية المشتركة التي أساسها ومعيار التفاضل والأفضلية فيها كلمة الحق والعدل». وكان لافتا حصر مفهوم قوامة الرجل على المرأة في التزام الرجل ماديا نحو الأسرة، وليس المرأة فقط، ونفت أن تكون القوامة سلطة في يد الرجل للتصرف المطلق في شؤون الأسرة أو الهيمنة على الزوجة والأولاد. واعتبرت في هذا الإطار، أن «مفهوم القوامة يؤكد على المسؤولية الحكيمة، ويعني ''الالتزام المالي نحو الأسرة''، وأن يأخذ الزوج على عاتقه توفير حاجات الزوجة المادية والمعنوية بصورة تكفل لها الإشباع المناسب لاحتياجاتها وتشعرها بالطمأنينة والسكن، بما يحقق المسؤولية المشتركة بين الرجل والمرأة وليست سلطة التصرف المطلقة والهيمنة من قبل الزوج أو الأب تجاه الزوجة والأولاد». وتفادت الوثيقة كذلك الحديث عن نوع محدد من اللباس المفروض «شرعا» على المرأة، وإن أشارت إلى جواز كشفها عن الوجه والكفين. غير أنها انتهت إلى أن «موضوع زي المرأة في الإسلام أمر حسمته الشريعة، وجرى عليه جمهور فقهاء المسلمين وعلماؤهم، وفحواه أن الحشمة في الزي مطلب شرعي، وأن كشف الوجه والكفين أجازتهما الشريعة، ولا ينبغي أن تمنع عادة، أو تحول دونه ثقافة». وتقر الوثيقة ذاتها أيضا بأن «للمرأة حقوقا سياسية واقتصادية مساوية للرجل باعتبار أن تطور المجالات والوظائف والأنظمة والأدوار السياسية والاقتصادية في المجتمعات المعاصرة يقع أغلبه في دائرة المصلحة المرسلة التي لم يشهد لها الشرع بالاعتبار أو الإلغاء»، وتطالب باعتماد الاجتهاد سبيلا لمقاربة ما يختلف عن هذا المبدأ العام. وبالنسبة لقضية الإرث، تدعو الوثيقة إلى وضع حد للأعراف والتقاليد التي تعطل إعمال النصوص الشرعية المقرة لحق المرأة في الإرث. وجاء فيها أن «للمرأة حق شرعي غير منازع في الميراث. وعلى الدولة ضمان حصول المرأة على حقها»، قبل أن تشدد أن «على أهل العلم وحكماء الأمة وقيادات الرأي العام بذل الجهد لوضع حد للأعراف والتقاليد الظالمة التي تعطل إعمال النصوص الشرعية لميراث المرأة الذي وصفه الله تعالى بكونه «نصيبا مفروضا»، ووضع الضمانات القانونية لحمايته». وخلصت الوثيقة ذاتها كذلك إلى أن الدين لا يرفض العمل، بما في ذلك عمل المرأة قبل أن يشترط عمل الزوجين معا ب«ما يتناسب مع ظروف الزوجين وأبنائهما طالما اقترن بالحفاظ على الفروض والآداب الإسلامية». وأكدت ضرورة أن ينبني عمل المرأة على «قاعدة تكافؤ الفرص والعدالة، وبخاصة المحتاجة والفقيرة والمعيلة؛ إعمالاً لمبدأ الرعاية والتيسير لا مجرد المساواة». كما أقرت حق المرأة في « تولي الوظائف العامة متى اكتسبت المؤهلات التي تقتضيها تلك الوظائف»، مطالبة الدولة بالعمل على ضمان تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة في مجال تدبير الشأن العام.