أصبحنا نعاين في مجتمعنا المغربي، تغير محتوى المائدة المغربية لتتجه في محتواها نحو تقليد المائدة الغربية الغنية بالدهنيات والسكريات، وما يؤسفنا نحن كأخصائيين في مجال التغذية أنه حتى المائدة في العالم القروي متجهة نحو «العولمة الغدائية»، كل هذه العادات السيئة والتغيير ربما الجذري، هو ما أوصلنا إلى كل هذه الأمراض التي تثقل كاهل المريض وأسرته وتهدد الاستقرار الأسري. ومن العادات السيئة التي ترسخت في أذهان المغاربة، الإفراط في استعمال «السموم البيضاء» وتتمثل في الملح والسكر، هذا الأخير الذي أصبح يشكل خطورة كبيرة على صحة المستهلك، بحيث لا تكمن خطورته في إضافته إلى الأغذية، بل تواجده في الحلويات والمشروبات الغازية، الكل تقريبا يعلم أن السكر الأبيض مادة جوفاء، ليس فيها عناصر غذائية، ما عدا السعرات الحرارية وأصل السكر الأبيض نباتي، حيث يتم الحصول عليه عن طريق معالجة وتكرير نباتات مثل: القصب، للحصول على العصارة الحلوة منها من خلال الطهي والمعالجة الميكانيكية والكيميائية، حيث تستبعد جميع المكونات الموجودة في النبات الأصلي حتى لا يتبقى منها إلا المادة السكريّة، ويتم ذلك عن طريق خلط العصارة السكرّية بالماء، ثم تعرّض للحرارة ليتبخر منها أغلب الماء، وتعالج بعدها بالتفريغ الهوائي حتى تسحب منها كل الرطوبة، وتتحول إلى بلورات صلبة ثم يعاد إليها لتذوب البلورات بالحرارة، ثم تمرّر من خلال مصاف من الفحم النباتي، لتتكثف البلورات وبعدها يتم تبييضها. في الغرب يستخدمون مسحوق عظام الخنازير لتبييض السكر وناتج عمليات التكرير هو السكر الأبيض وهو مادة كيميائية100% لأنه خسر خلال عملية التكرير 64عنصراً غذائياً تشمل كل العناصر المعدنية مثل: البوتاسيوم والمغنيسيوم، الكالسيوم، الحديد، المنغنيز، الفوسفات والكبريتات وكل الفيتامينات والأحماض الأمينية والألياف والدهون؛ أي أنه بعد التكرير يصبح مادة ناقصة!! وبالمناسبة كل المحليات المصنعة، تخضع لنفس عمليات التكرير وما لا يدركه الكثيرون، هو أن التغذية عملية تكامليّة؛ أي أن أي مادة غذائية تحتاج إلى جميع العناصر التي توجد فيها قبل تكريرها، لكي يهضمها الجسم وتستفيد خلاياه منها؛ فالجسم عند دخول السكر الأبيض إليه، يضطر إلى استعارة العناصر الغذائية الحيوية والضرورية لهضمه من خلايا الجسم، هذا الأخير الذي يستعير الكالسيوم والصوديوم ، البوتاسيوم والمغنيزيوم من خلايا مختلفة في الجسم، ليتمكن من الاستفادة من السكر الأبيض المكرر وهنا مكمن الخطورة، لأنه في أحيان كثيرة يستعير الجسم الكالسيوم من خلايا مختلفة إلى درجة أن يصاب الإنسان بهشاشة العظام ونخر الأسنان، وعندما لا يكون في الجسم مخزون كافٍ من المعادن اللازمة لمعادلة السكر الأبيض (الذي يصبح حامضياً بسبب عمليّة التكرير) تتجمّع ذرات السكر غير المهضومة على هيئة سموم، تتركز في المخ والجهاز العصبي مؤدية إلى ما يُعرف بالتسمم الكربوني الذي يسرّع من عمليّة موت الخلايا وتدهورها وينشأ نتيجة لذلك تدن في القدرات العقلية لدى الكبار في السن وزيادة في النشاط وعدم القدرة على التركيز لدى الأطفال ومع مرور الوقت تتركّز هذه السموم أيضاً في مجاري الدم، فيصبح هذا الأخير نفسه ثخيناً ولزجاً ويتعذّر وصوله إلى الأوعية الشعريّة الدقيقة (ومثل هذه الأوعية توجد في اللثة مثلاً مما يمنع وصول العناصر الغذائية إلى الأسنان فتصاب بأمراض اللثة وتسوس الأسنان). وتجمّع هذه السموم يؤدي أيضاً إلى مشاكل أخرى مثل: تكوّن الحصوات في الكلى والمرارة، ومن جهة أخرى يتسبب استهلاك السكر الأبيض في حدوث المرض الأسوأ؛ مرض السكّري الذي يسبب خراب الخلايا في الجسم كله!! فمرض السكري هو عدم قدرة البنكرياس على إفراز كميات كافية من الأنسولين عندما يتناول الإنسان كميات كبيرة من السكر وتناول السكر الأبيض يؤدي إلى إصابة الجسم بحالة صدمة بسبب الارتفاع السريع لمستوى السكر في الدم، وتكرار هذه الحالة يؤدي إلى إنهاك البنكرياس، وبالتالي فشله وأفضل حلّ هو تقليل السكر الأبيض قدر المستطاع خاصة في المشروبات؛ كالشاي، القهوة والعصائر وأسوأها المشروبات الغازية، فعلبة واحدة منها من الحجم العادي تحتوي على 12ملعقة صغيرة من السكر المكرر وللشعور بقوّة التأثير السلبي للسكر الأبيض على الصحة، امتنعوا عنه تماماً لمدّة أسبوع واحد فقط وستلاحظون الفرق في خفة الجسم والنشاط وفي حيوية العقل، ويمكن تعويضه بالعسل في كل الاستعمالات ثلاثة أضعاف من حاجياتنا من السكر وتقليل السكر لا يقتصر على هذا فقط، بل يجب تجنب الحلويات بكل أنواعها، لأن أفضل ما في الحلويات منظرها والذي يركز عليه المصنعون، لكي يغري المستهلك متناسين فحواه، والذي هو قنابل موقوتة نسمم بها أطفالنا الأبرياء الذين هم رجال الغد ولا تنسوا أن المرض وارد والشفاء مطلوب والوقاية خير من العلاج.