في الوقت الذي كان فيه حزب العدالة والتنمية يستعد ل«اقتحام» العالم القروي في الانتخابات الجماعية المقبلة عبر الاستعانة ببعض الأعيان، فاجأ ما يقرب من 71 عضوا من هذا الحزب بصفرو قيادته باستقالة جماعية نهائية من الحزب، وضمن هؤلاء مستشارون جماعيون في المجلس البلدي لصفرو. لحسن الداودي، عضو الأمانة العامة للحزب وبرلماني عن جهة فاس، اكتفى في تعليقه على قرار هذه الاستقالة بترديد عبارة «إن أرض الله واسعة»، مشيرا في تعليقه على الخبر إلى أن هناك عدة اتصالات لحل مشاكل خلافية بين بعض هؤلاء المستقيلين وبين الكتابة المحلية والجهوية للحزب، لكن هذه التحركات لم تقنع هؤلاء بالبقاء في حزب «الإسلاميين المعتدلين»، وفضلوا مغادرة الحزب بشكل نهائي، لكن مع التشبث بما سموه حقهم «في ممارسة العمل السياسي المسؤول» والمساهمة في «تدبير الشأن المحلي سعيا إلى النهوض بأوضاع المدينة». ووجهت وثيقة للمستقيلين انتقادات لاذعة إلى بعض قيادات الحزب على المستويين الوطني والمحلي، واتهمت حركة التوحيد والإصلاح، الجناح الدعوي المقرب من هذه الهيئة السياسية، بتدبير «حملة انقلابية» داخل أجهزة الحزب في «تكتم شديد». وقالت إن سيطرة هذه الحركة على الحزب ترمي إلى خلق من سمتهم أعضاء هم نموذج في «السلبية والطاعة العمياء». وكالت الوثيقة اتهامات للأمين العام للحزب، عبد الإله بنكيران، متهمة إياه بمساندة أطراف في الحزب على حساب أخرى، وعدم التدخل لحل أزمة الجهة، قبل أن يفوت الأوان، بالرغم من أنه أعطى التزاما بذلك. وبالرغم من أن المستقيلين لم يتحدثوا عن كون السبب المباشر لاستقالتهم يعود إلى عدم تمكنهم من المرور في محطات انتخابية للمكتب المحلي للحزب بصفرو ولكتابته الجهوية بكل من فاس والحسيمة، فإن مصدرا من الحزب قال إن الدافع الرئيسي لهذه الاستقالة هو «فشل» بعض هؤلاء في المرور إلى بعض مواقع القرار في أجهزة الحزب. وذهب المصدر ذاته إلى أن بعض الأعضاء المستقيلين يكنون «العداء» لحركة التوحيد والإصلاح باعتبار انتمائهم السابق إلى الشبيبة الإسلامية. وشكك عبد الله المسعودي، الكاتب الجهوي لحزب العدالة والتنمية بفاس، في هويات المستقيلين خاصة عندما يزعمون بأن عددهم محدد في 71 عضوا، علما بأن عدد مناضلي الحزب بصفرو الذين حضروا المؤتمر الإقليمي أقل من هذا الرقم ولا يتجاوز 69 عضوا. وأضاف المسعودي متسائلا «ثم إذا كان عدد هؤلاء المستقيلين من الحزب بصفرو 71 عضوا، فلماذا لم يتمكن أي واحد منهم من الظفر بمقعد في الكتابة الإقليمية، بل إن متزعم ما يسمى ب«المستقيلين ال71» حصل على 6 أصوات في المؤتمر الإقليمي الأخير». وحدد المسعودي عدد المستقيلين في 6 أعضاء، واحد منهم كانت الكتابة الجهوية للحزب قد أصدرت في حقه قرار الطرد في وقت سابق بناء على طلب من الكتابة الإقليمية بصفرو بعد اتهامات وجهت إليه بخصوص مخالفة القوانين الداخلية للحزب، فيما الباقون من المستقيلين، يضيف المسعودي، استقالوا بعد أن لم يتمكنوا من الحصول على مقاعد متقدمة في الأجهزة المحلية للحزب. وفي سياق مماثل، يقول مسؤول حزبي من الكتابة الإقليمية للعدالة والتنمية بصفرو، إن العديد من الأسماء التي وقعت على بيان ما سمي ب»الاستقالة الجماعية» غير معروفة في وسط الحزب، مضيفا، في اتصال مع «المساء»، أن بيان الاستقالة تضمن بعض الافتراءات، خاصة عندما تحدث أصحابه عن استغلال الحزب للقضية الفلسطينية، علما بأن المتزعمين لهذه الاستقالة كانوا يشاركون في الوقفات التضامنية مع غزة. وحسب المتحدث نفسه، فإن الحزب لا يعتبر الخروج إلى الشارع للتضامن مع غزة استغلالا للقضية الفلسطينية، بل هو موقف ينسجم مع مواقف المغاربة وكل أحرار العالم المناهضين للغطرسة الصهيونية، معبرا عن استغرابه كيف أن بعض الموقعين على الاستقالة لا علاقة لهم بالحزب لأن منح العضوية يخضع لمسطرة دقيقة وليس عبر جمع التوقيعات بشكل عشوائي من الأحياء بدون مراقبة قبلية، كما تقضي بذلك القوانين الداخلية للحزب. وعلى صعيد آخر، راسل عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، الوزير الأول عباس الفاسي على خلفية تصريحات قال فيها بنكيران إن حزبه كان ربما وراء إحداث الحساب البنكي الذي أذن الملك محمد السادس بفتحه لفائدة الفلسطينيين. في هذه الرسالة التي اعتبرها البعض بمثابة اعتذار، ليس إلى عباس فقط وإنما إلى الملك محمد السادس، أعرب بنكيران عن أسفه على تداعيات هذه التصريحات، وأقر ضمنيا بأن ما قاله صحيح، حيث قال بالحرف: «حنا لي كنا -كنظن - السبب في الحساب البنكي الي فتحو جلالة الملك».