الحلزون أو البزاق ينتمي إلى عالم الحيوان لكن تركيبته الكيماوية نباتية، لأنه يحتوي على حمضيات دهنية غير مشبعة و على الفايتمين ب، ونسبة البروتين المنخفض والبوتسيوم وحمض الفولك، وهي خصائص نباتية، ويشترك مع الحيوان في كونه لا يحتوي على الألياف الغذائية، وكذلك في تغذيته العضوية. استهلك الإنسان الحلزون منذ آلاف السنين، لما كان متوفرا بكثرة، وبأنواع عديدة منها المائي والبري. وكل التاريخ الأثري يدل على وجود هذه الكائنات بكثرة، والدليل على ذلك بقاياها في الطبقات الأرضية التي تكونت منذ آلاف السنين، وكذلك وجود البقايا ضمن رمال البحار، وفي الصحاري. وهذا الدليل المادي لا يترك مجالا للشك في أن هذه الكائنات ربما تكون من أولى الخلائق، وقد كانت تغطي الأرض، ومنها المائي والبري، ولم يبقَ منها إلا بعض الأنواع التي توجد هنا وهناك في البحار وعلى اليابسة. تغذى الإنسان على الحلزون منذ آلاف السنين، كما استعمل بعض أنواع الصدفيات كأدوات للتزيين. وتوجد مئات الأنواع من الحلزون، منها المائي والبري. ونحن نتكلم في هذا البحث عن الحلزون البري، وتنتمي الأنواع الأكثر انتشارا في المغرب والمعروفة كذلك لدى عامة الناس إلى صنفي Helix pomatia وHelix aspersa. يعتبر لحم الحلزون من ضمن الأغذية الغريبة، ويستهلك في البلدان الآسيوية أكثر منها في باقي بلدان العالم، ويستهلك كذلك في أستراليا وأمريكا اللاتينية. ويعرف الحلزون في البلدان الأمريكية باسم الأبالوني Abalone، ويستهلك كوجبة أساسية وليس كوجبة ترفيهية كما هو الشأن في المغرب. وتوجد في المغرب ثلاثة أنواع من الحلزون كبير الحجم، وهو ما نسميه ب«الببوش»، كما يعرف النوع صغير الحجم باسم «اغلالة». ولا يعرف استهلاك الحلزون في المغرب بكثرة رغم أن كل الناس يعجبون به، وربما يكون ذلك راجعا إلى طريقة تحضيره المعقدة، والتي ربما تبقى مجهولة لدى كثيرين، وقد يكون ذلك راجعا إلى الخوف من التسمم، وربما لم يكن المغاربة في حاجة إلى استهلاك هذا اللحم، لأن الأغذية كانت متوفرة ومتنوعة، خصوصا لحوم الغنم والماعز، ويقبل المغاربة على استهلاك الصيد أكثر من استهلاك الحلزون الذي يعتبر، في نظرهم، من الأغذية المتدنية، وربما لا يجرؤ أحد على تقديمها إلى الضيوف. وبما أن الحلزون ظل غائبا عن التغذية، ومقترنا بمادة سخيفة لا يعيرها الناس أي اهتمام، فهو الآن يباع في الأسواق الخارجية، حيث تصدر جل الكمية إلى بلدان أوربا، ويعتبر البرتغال أكبر زبون، متبوعا بإسبانيا، وهي الدول التي تستأثر باستيراد كل الإنتاج المغربي. ويعزى هذا الأمر إلى عدم اهتمام النساء بطريقة تحضير الحلزون، بينما نجد كثيرا من الوجبات الأجنبية على المجتمع المغربي بدأت تظهر بكثرة، ولا يكاد الناس يستهلكون الحلزون إلا خارج البيوت، بينما يمكن تحضيره في البيت كباقي الوجبات. بينت بعض الأبحاث في الميدان الغذائي قيمة الحلزون الغذائية من حيث الكمية والتركيب، فنسبة البروتين فيه تصل إلى 16 في المائة، وتصل الدهون إلى 2.4 في المائة، ونسبة الماء تناهز 80 في المائة. وما يستحق الذكر بصدد الحلزون هو طبيعة الدهون التي يحتوي عليها، والتي تتوزع على حمضيات دهنية غير مشبعة Linoleic acid وحمض اللاينولينك Linolenic acid، وتصل الدهون غير المشبعة إلى 75 في المائة، منها 57 في المائة متعددة الإشباع و15.5 في المائة أحادية الإشباع، بينما تصل الدهون المشبعة إلى ما بين 23.5 و25 في المائة. ويعتبر لحم الحلزون من اللحوم الخفيفة نظرا إلى نسبة البروتين المنخفضة بالمقارنة مع اللحوم الأخرى التي تتعدى نسبة 16 في المائة بكثير؛ ونلاحظ كذلك أن هذه النسبة هي نسبة البروتين بالنبات؛ وتصل النشويات إلى هذه النسبة في كثير من الأحيان، خصوصا القمح الصلب الذي يقترب من هذا المستوى، لكن القطاني قد تتعدى نسبة 16 في المائة، وهذه النسبة من البروتين عند الحيوان تكون ضعيفة جدا ولا توجد إلا عند الحلزون. ويحتوي الحلزون على الأملاح الدقيقة مثل المغنيزيوم 250 ملغ والفوسفور 272 ملغ والبوتسيوم 382 ملغ والزنك والنحاس والسيلينيوم، ومن بين الفايتمينات التي يمتاز بها الحلزون النياسين والفايتمين E والرايبوفلافين B2 والفايتمين B6 والفايتمين B12 وحمض الفوليك وكذلك الفايتمين K. ونلاحظ أن هذه التركيبة غريبة شيئا ما، لأن الرايبوفلافين والفايتمين B6 تكون خاصة بمنتوجات الحليب، ولا توجد في النبات ولا في اللحوم. ونلاحظ كذلك اجتماع الفايتمين 6 والنحاس والبوتسيوم، وهي عناصر ضرورية للمصابين بالسكري، ووجود المغنيزيوم مع هذه العناصر يساعد المصابين بارتفاع الضغط، وكذلك المصابين بالإثنين في آن واحد. ونجد كذلك عنصر السيلينيوم الذي لا يوجد في كثير من المواد الغذائية، والذي له دور أساسي في فايسيولوجيا الخصوبة. ولا تحتوي اللحوم على الفايتمينات التي يحتوي عليها الحلزون، خصوصا الرايبوفلافين B2، ولا تحتوي اللحوم على حمضيات غير مشبعة بينما يحتوي الحلزون على أعلى نسبة، ولا تحتوي الحيوانات على حمض الفوليك لأنه من خصائص النبات، مثل القطاني والأوراق الخضراء، ولا تحتوي الحيوانات على البوتسيوم بنسبة عالية لأنه من خصائص النبات كذلك، ويجمع الحلزون بين مكونات النبات والحيوان على حد سواء، فمستوى البوتسيوم في الحلزون هو مستوى النبات، والسلينيوم لا يوجد إلا في قليل من المواد الغذائية، مثل البيض البلدي والدجاج البلدي وفطر الكمأة ومنتوجات البحر ونوى القرعيات، كما أن البوتسيوم عند الحيوان يكون منخفضا، ولذلك كان لحم الحلزون من المواد المهمة لأن له خصائص نباتية وحيوانية نافعة، ولا يحتوي على مواد مضرة أو ذات عواقب تماما كالنبات. ونشير إلى أن الحلزون يمنع على الأشخاص الذين لديهم حساسية أو ربو، خصوصا الذين لديهم حساسية مزمنة، ويجب أن تنتبه الأمهات إلى الأطفال الذين لديهم هذه الأعراض حتى لا يقربوا الحلزون، فربما كانت في الشخص حساسية غير ظاهرة، وهو لا يعلم، ثم يتناول الحلزون فيصاب بأزمة سريرية، وقد تصل الحالة إلى الوفاة. وفي الأخير، نشير إلى أن الحلزون من الدواب التي لا تذكى مثل الجراد والسمك، فكل الحيوانات التي ليس لها دم لا تذكى، وهي الأنواع التي ذكرنا، والإسلام يعتمد على العلوم لأنه جاء بها، ودقق في علم التغذية من حيث يصعب فهم بعض الأشياء على الذين لم يدرسوا هذه العلوم، ومن جملة هذه الأشياء نجد أن الإسلام حرم الضفدع وأحل الجراد، وحرم خنزير البر وأحل خنزير البحر، وكل حيوانات الماء حلال ولا تذكى (إلا أن تكون ماتت بسم)، وكذلك الجراد والحلزون، وعلماء الأحياء يعلمون أن هذه الحيوانات ليس لها دم.