الزواج يؤدي إلى تقليص إمكانية الإصابة بعدد من الأعراض النفسية والفسيولوجية، كما يقلص من نسبة الإصابة بمرض الزهايمر لدى بلوغ مرحلة الشيخوخة. هذه بعض من المزايا ذات التأثير المباشر على حياة الأفراد التي قلما ينتبه إليها الأزواج، وربما تكون السبب الكافي لدفع بعض الرافضين لفكرة الزواج إلى تغيير وجهة نظرهم أو تصحيح بعض الأفكار المغلوطة لديهم. تقول حكمة معروفة إن الأشخاص المتزوجين يعيشون وقتا أطول ويظلون يتمتعون بصحة جيدة مقارنة بالعزاب أو الأرامل أو المطلقين. الأبحاث العلمية تلمح، من جانبها، إلى إمكانية أن يكون هذا الأمر صحيحا. فالدراسات توضح أن الأشخاص المتزوجين، وخصوصا الرجال، أقل عرضة للموت في سن مبكرة وأقل عرضة كذلك للإصابة بأمراض القلب والسكتة القلبية. لكن ما السبب وراء ذلك؟ نهاية الأسبوع الماضي ذكرت دراسة بريطانية أن الزواج يجعل الناس أكثر سعادة مقارنة بتكديس المال، أو الحصول على الأطفال. ونقلت وسائل إعلام بريطانية عن المكتب الوطني للإحصاء البريطاني أنه تم إجراء استطلاع هم 165 ألف شخص طلب منهم تقييم مدى رضاهم عن حياتهم، ومدى تقديرهم لقيمتها، علاوة على مدى سعادتهم وقلقهم حيال المستقبل. ولاحظ المكتب أن الزواج كان أهم عامل في السعادة، متقدما على الدخل المادي، وامتلاك بيت للسكن، ورعاية الأطفال. وأوضح أن الأطفال لم يكن لهم أثر كبير على السعادة، غير أنهم يمنحون الأشخاص الشعور بقيمة الحياة. ما هي، إذن، الأمور الصحية المرتبطة بالزواج؟ تصرفات آمنة: يقول كريستوفر فاغوندس، طبيب نفسي وباحث بجامعة ولاية أوهايو، إن المجازفة بالتعرض للأخطار تقل عندما يتزوج الناس، كما تقل إمكانية الإدمان على المخدرات والكحول. الارتباط الاجتماعي: «إذا كنت متزوجا، فمن البديهي أن يكون شريك الحياة أقرب الأشخاص إليك،» توضح جانيس كييكولت غلاسر، أستاذة علم النفس بجامعة أوهايو، قبل أن تضيف: «وهذا ما يعني وجود شريك ومصدر قريب للدعم متوفر في الحين». من جهة أخرى، قد يتعرض الأشخاص الذين يعيشون منفردين وغير السعداء لخطر العزلة الاجتماعية، ويمكن أن يؤدي هذا الأمر للإصابة بالاكتئاب وتجاهل الفرد لحالته الصحية. المساعدة الصحية: يقول المختص في علم النفس، تيودور روبلس: «زوجتك مصدر تأثير كبير يحدد لك تصرفاتك. فحينما تكون متزوجا يكون معك شخص يذكرك باستمرار بأنه لا ينبغي تناول هذا الطعام، وبأنه يتعين عليك التدخين بشكل أقل». وهذا ما يعني بأن زوجتك يمكنها مساعدتك في الالتزام بتتبع العادات الصحية الجيدة، ومن ثم تجنب الكثير من الأعراض الصحية السلبية. أنماط الحياة الصحية ارتباطا بنفس هذه الجوانب، توصلت دراسة علمية إلى أن زواج الرجل من امرأة ذكية ومتعلمة يقلل خطر إصابته بالنوبات والأزمات القلبية إلى قرابة النصف. وذلك لأن الزوجة المتعلمة والمثقفة تقلل من خطر إصابة زوجها بارتفاع ضغط الدم وتفرض أنماط الحياة الصحية على أسرتها. ودلت نتائج الدراسة التي قام بها باحثون في جامعة ماكجيل بكندا على وجود علاقة بين عدد السنوات التي قضتها المرأة في التعليم وصحة زوجها بصرف النظر عن المستوى التعليمي للزوج. كما أن الأشخاص الذين يعيشون حياة زوجية سعيدة هم أكثر استعدادا لتتبع نصائح الأطباء، توضح الأبحاث العلمية. ووجد بحث علمي أن الأشخاص المتزوجين أقل عرضة للاكتئاب والتوتر والقلق، وأضاف البحث أن الزواج السعيد يقوي جهاز المناعة ويخفض ضغط الدم وهو ما يحسن الحالة النفسية والعصبية للمتزوجين. وفي هذا الصدد، اكتشفت جولييت هولت، الباحثة بجامعة برمنغهام، أن ضغط الدم المسجل خلال مدة تصل ل 24 ساعة لدى الرجال والنساء السعداء في زواجهم كان أقل بأربع درجات مقارنة بغير المتزوجين. وشملت الدراسة مراقبة ضغط دم 204 أشخاص متزوجين و99 شخصا من غير المتزوجين على مدى 24 ساعة. وإذا كان الزواج السعيد يخفض ضغط الدم لدى الرجال والنساء، فإن الزواج التعيس يرفع ضغط دم الزوجين، إذ كشفت نفس الدراسة أن المتزوجين التعساء يعانون من ارتفاع ضغط الدم أكثر من المتزوجين، لكن الدراسة أظهرت أن وجود أصدقاء داعمين لا يحسن وضع ضغط الدم لدى غير المتزوجين أو المتزوجين التعساء. وقالت هولت: «يبدو أن ثمة فوائد صحية للزواج لكن لا يكفي أن تكون متزوجا حتى تكون بصحة جيدة، لكن ما يحمي الصحة ويحسنها هو أن يكون الزواج سعيدا». كما اكتشف الباحثون أن ضغط الدم لدى الأشخاص المتزوجين، وبخاصة السعداء منهم، ينخفض وقت النوم أكثر منه عند غير المتزوجين. التخلص من الخرف من جانب آخر، أظهرت الدراسات العلمية أن الزواج السعيد يقلص خطر الإصابة بأعراض الزهايمر إلى النصف، إذ أكد باحثون من السويد أن الزواج يخفض خطر الإصابة بأعراض «الزهايمر» إلى النصف، مشددين على أهمية أن تكون للإنسان علاقة وثيقة مع الغير خصوصا في منتصف العمر. وتعد الدراسة التي أعدها الباحثون السويديون، وتمت مناقشتها خلال المؤتمر الدولي للزهايمر في شيكاغو هي الأولى من نوعها لأنها ركزت على دور الزواج في تقليص الإصابة بالزهايمر. وأجرى الدكتور كريستا دهاكانسون من معهد كارولينسكا في ستوكهولم دراسة شملت 1449 شخصاً يعيشون في فنلندا في منتصف العمر ثم أجرى دراسة أخرى بعد مضي نحو 21 عاماً على ذلك. وكان من بين المرضى 192 يعانون من بعض أشكال الخرف و22 من ضعف الإدراك و84 من مرض الزهايمر، حيث تبين أن الذين يعيشون مع شريك أو زوج ينخفض خطر إصابتهم بالزهايمر إلى النصف مقارنة بغيرهم الذين يعيشون بمفردهم أو المطلقين أو الأرامل. كما تبين أن المطلقين الذين لا يتزوجون بعد الانفصال عن أزواجهم معرضون للإصابة بالخرف ثلاثة أضعاف أكثر من غيرهم. * بتصرف عن موقع «بسيك سنترال»