أنهت المقاولات الصناعية المغربية السنة الماضية في مناخ متسم بضعف الطلب واشتداد المنافسة وارتفاع كلفة القروض البنكية. تلك عوائق عانت منها جميع القطاعات، لكنها تجلت أكثر في صناعات النسيج والجلد والصناعات الكهربائية والإلكترونية. فحسب نتائج البحث الفصلي الذي ينجزه بنك المغرب حول الظرفية الصناعية في المغرب، والذي يهم 400 مقاولة، يبدو أن 11 في المائة من الصناعيين المستجوبين اعتبروا أن مناخ الأعمال كان سيئا في الربع الأخير من السنة المنصرمة، بينما صرح 58 في المائة من الصناعيين بأن ذلك المناخ كان متوسطا. ويشتكي الصناعيون من ظروف التموين، فقد اعتبرت 3 في المائة من المقاولات الصناعية المستجوبة أن التموين كان ميسرا في الربع الأخير من السنة الماضية، فيما وجدت 7 في المائة من المقاولات المستجوبة صعوبات في ذلك، حيث تجلى أن تردي ظروف التموين هم قطاع الصناعة الغذائية أكثر. و يبدو أن القطاعات الصناعية سجلت نتائج متباينة على مستوى التشغيل في الربع الأخير من السنة الماضية، مقارنة بالربع الثالث، فقد صرح الصناعيون في قطاع النسيج والجلد والصناعات الكهربائية والإلكترونية أن عدد العاملين تراجع، في نفس الوقت الذي جرى فيه تدعيم عدد العاملين في القطاعات الأخرى. وتعتبر 96 في المائة من المقاولات المستجوبة، أن المناخ الاجتماعي تميز بالهدوء، غير أنه كان مشحونا في قطاعات النسيج والجلد والصناعات الكهربائية والإلكترونية. وارتفعت تكاليف الإنتاج في الربع الأخير من السنة الماضية، حسب البحث، حيث عزت 34 في المائة من المقاولات ذلك إلى التكاليف المالية، بينما ردته 29 في المائة إلى مستوى الأجور، و26 في المائة منها إلى تكاليف الطاقة، وتدخلت التكاليف المالية والطاقية في رفع تكاليف الإنتاج في الصناعات الغذائية والصناعات الكيماوية وشبه الكيماوية وصناعات النسيج والجلد، بينما شكلت التكاليف المالية والطاقية، عوامل حاسمة في رفع تكاليف الإنتاج في الصناعات الكهربائية والإلكترونية. ويرى رؤساء المقاولات المستطلعة آراؤهم في عدم كفاية الطلب واشتداد المنافسة، أهم عائقين أمام تطور الإنتاج في جميع فروع النشاط، خاصة في الصناعات الكهربائية والإلكترونية وصناعات النسيج والألبسة. وتشير نتائج البحث إلى أن وضعية خزينة المقاولات الصناعية كانت، في الربع الأخير من 2008، عادية بالنسبة إلى 63 في المائة من المقاولات، وأقل من عادية في رأي 35 في المائة من الصناعيين المستجوبين. وتأثرت خزينة المقاولات أساسا بفعل صعوبات التحصيل والتكاليف الأخرى غير المالية، التي أثقلت كاهل جميع فروع النشاط الصناعي، خاصة الصناعات الغذائية والكيماوية وشبة الكيماوية والصناعات الميكانيكية والمعدنية، غير أنه يبدو أن الصناعات الكهربائية والإلكترونية وصناعات النسيج والجلد تأثرت أكثر بتراجع المبيعات. و ارتفعت في الربع الأخير من السنة الماضية نفقات الاستثمار المنجزة في جميع القطاعات، باستثناء صناعات النسيج والجلد والصناعات الكهربائية والإلكترونية، حيث أشار الفاعلون إلى تراجع وركود الاستثمارات. ويبدو أن هذا المنحى سيتعزز خلال الثلاثة أشهر الأولى من السنة الجارية. ويأتي التمويل الذاتي في المرتبة الأولى في تمويل الاستثمارات ب36 في المائة، متبوعا بالقروض البنكية ب26 في المائة، والقروض الإيجارية ب7 في المائة، أما مساهمة عمليات رفع رأس المال، فلم تتعد 2 في المائة في تمويل الاستثمارات. وصرح 82 في المائة من رؤساء المقاولات الصناعية المستطلعة آراؤهم بأن شروط الولوج إلى القروض البنكية كانت عادية، بينما اعتبر 13 في المائة منهم أن تلك الشروط تميزت بالصعوبة، حيث تجلى ذلك في جميع القطاعات، باستثناء الصناعات الكيماوية، ويجمع الصناعيون على أن كلفة القروض البنكية ارتفعت في جميع القطاعات، خاصة في صناعات النسيج والجلد والصناعات الميكانيكية والمعدنية.