في «كز الليالي»، عندما تتجمد الحركة لدى كريمو «مول سكيمو»، يضطر» الزغبي» إلى نشر فوطة قديمة في «راس الدرب»، عليها سلعته الغريبة، «فردة يسرية ديال صندالة، مشطا فرماشة، خرشاشة»، وعلبة سجائر فارغة. هو ليس «بياعا» ولا «شرايا»، لكنه هنا لشغل المكان، فقط. فرصة سنحت، فسجلها باسم ابنه المعطل، لكن «بو الركابي» يرى المهمة دون مستوى شهادته الجامعية، ولا يرضى بغير الوظيفة العمومية بديلا. فهل يترك الفرصة تضيع من يديه؟ والفرص في حياة المخلوق أقل من أضراس خالتي يزة. لذلك لم يجد كريمو مناصا من التعامل مع الموضوع كساعات إضافية في الصيف، ونشاط رئيسي في «كز الليالي». هو لا يبيع من سلعه الغريبة شيئا، لكن هذا يسأله عن عنوان فيدله وينال حسنات، وذاك يبحث عن دكان للكراء فيتوسط له لدى «سمسار الثقة» وينال «تدويرة». وفي الوقت نفسه، كما في كل الأوقات، هو في الأفراح حمال «عمارية» و«دقايقي»، وفي المآتم «سرباي»، وفي عيد الأضحى جزار، وفي رمضان «نفار».. و.. تعاقبت الأيام والليالي، إلى أن تحرك القانون يوما، أو هكذا قيل. اجتمع المسؤولون، فظهرت المقترحات تحت الطلب. تشكلت لجان وتحركت خلايا، و.. تم اعتقال كريمو، «مول سكيمو»، متلبسا ب«احتلال الملك العام». أعرفه منذ بدأت أعرف، إن كنت بالفعل أعرف، ولم أتصور يوما أن «مول سكيمو»، الذي «يجري» طول النهار على ستة أولاد وزوجة حامل، يوجد اسمه في لائحة المحتلين. لا مجال لافتراض تدخل طرف ثالث، أو لقوة إمبريالية أو شيوعية، أو لنظرية مؤامرة، فصاحبنا «مشدود» بالجرم المشهود. شطبوه ذات مساء ضمن قافلة من المحتلين الذين... وتضم لائحة الاحتلال هذه، «مولات اللبن، ومول الربيع، والبيهيلي، وطامو الزحافة، وولد الكرن الحمر»، بينما فر «الشفار» وخداع الورقات الثلاث. كيف انخدع كريمو ب«الاحتلال الغاشم»، هذا الجرم الماس بأساسات حقوق الإنسان، وهو «الدريويش» الذي يدمن الصبر، ويصلي الفجر، ويصوم ثلاثة أيام إذا حلف يمينا كاذبة، يغض الطرف ولا يسيء التصرف ولا يستغل الظرف ولا يدفع أخاه المسلم إلى جرف.. .......................... احتلال الملك العام، عندما يتم فتحه، يوم يتم ذلك إن شاء الله، لن يصل إلى كريمو أبدا أبدا أبدا، لأن لوائح المحتلين لمساحات أرضية خصبة شاسعة، حولتها قرارات إدارية إلى ملك خاص، أو هي منشغلة بتحويلها في هذه الأثناء، هي لوائح بالغة الطول والعرض؛ ولوائح المحتلين لمساكن فخمة من الملك العام دون وجه حق، ينتهون بتمليكها لأنفسهم أو لذويهم بلي عنق القانون، منها ما هو معلوم وما هو مفهوم وما لا يعرفه غير علام الغيوب. ولوائح.. ولوائح. مجموع هذه اللوائح يفوق العد، بما يسمح بتشكيل مئات من لجان التحقيق والتدقيق تقوم بتشغيل جزء من المعطلين، وضمنهم «بو الركابي»، لاسترداد عقارات تساوي مساحتها ذهبا، يسمح بيعها بحل أزمة السيولة، وتطوير مستوى البطولة وتحويل البطالة من «غولة» إلى فولة. وأخطر من الاحتلالات العقارية نفسها، لائحة المحتلين لاهتمام الرأي العام، زمرة السياسيين من زعماء آخر الزمان، ممن تتوقف مؤهلاتهم عند حدود تبادل السباب ولغو الكلام «بحال العيالات القدام ف الحمام». هذا يفتح النار على ذاك، وذلك يهاجم هؤلاء، وأولئك يصفون هذا بأوصاف تحاسب عليها الفصول، ومع ذلك لا يتحرك القانون ولا يصول، كما صال وجال على صاحبنا كريمو. .......................... مقرب من مسؤول بلدي أوهم «مول سكيمو» بأن أصحاب «الكلسات» سيتم إحصاؤهم قريبا، للاستفادة من محل في سوق نموذجي قيد الدرس؛ فسلب منه ما استطاع سلبه، وبقي يسوفه حتى جاءت حملة تحرير الملك العام، ليظهر كريمو محتلا غاشما. والواقع أنه محتل «مغشم»، وإلا لما انخدع بحيلة المقرب من المسؤول البلدي، ليجد نفسه في المخفر في «كز الليالي».