دعا مؤتمر عالمي للقراءات، انعقد موخرا بمدينة مراكش، إلى تأسيس إطار عالمي للإقراء يرجع إليه في كل أمور وقضايا القراءات. فقد طالب البيان الختامي للمؤتمر العالمي الأول لقراءات القرآن، المنظم من قبل مركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصة، التابع للرابطة المحمدية للعلماء، حصلت «المساء» على نسخة منه، ب«انتظام أعلام القراءات ومشايخها في هيئة، أو اتحاد، أو رابطة عالمية، تغدو موئلا للفن، ومرجعا يحتكم إلى فصله في شائكه ومشكله»، علما بأن البيان كتب بلغة بلاغية شديدة الدقة فائقة الفصاحة. كما وجه المؤتمر الدعوة إلى حكومات الدول الإسلامية، وفي مقدمتها المغرب، إلى العمل على إحداث مكتبة خاصة بقراءة القرآن والحرص على مدها بمستجدات التأليف والتصنيف في هذا المجال، وهو ما تم التعبير عنه في البيان ب«حثيث السعي إلى ميلاد مكتبة قرائية جامعة، وانبجاس عيون لها رافدة». كما أوصى بضرورة الاعتناء بالمقرئين المتميزين في تلاوة القرآن وتجويده وترتيله، سواء في المغرب أو في المشرق العربي، إضافة إلى العمل على إحياء النصوص الأصلية لجميع القراءات المتواترة، مع تسليط الضوء على نقط تلاقي وتمايز القراءات المشرقية مع نظيرتها المغربية. وتم التعبير عن هذه التوصيات في البيان بالدعوة إلى «انتِخَاء الخصائص الأدائية، وتبجيل الانفرادات في المدارس الإقرائية؛ مغربية أو مشرقية، فضل بحث، ومزيد نقر، يروم إحياء الأصول النصية، والصلات الإسنادية للطرق العشر النافعية، وجلو خَصِيصات الأسانيد المغربية والمشرقية؛ تقاطعا وانفصالا، اتفاقا وافتراقا». وكان لافتا خَصُّ المؤتمر النساء بتوصية تحث على تعليمهن علوم القراءات، واستحداث إجازات في ذلك، حيث شدد على الحاجة إلى «مزيد العناية بإقراء النساء؛ استجازة وتمهيرا»، إضافة إلى «الاستحثاث على تواتر صنوانِ هذا المؤتمر الجامع، وتوالي أمثاله التوابع»، علاوة على «مد أثر «مركز أبي عمرو» إلى ربوع وأقطار، أو التآزر مع أخدانه في الأمصار»، علما بأن هذا المركز يرأسه عبد الرحيم بنعبد السلام نبولسي، شيخ الإقراء في المغرب الأقصى. وقد تطرق المشاركون في المؤتمر، وفق البيان دائما، للعديد من الإشكاليات ذات الصلة بقطاع القراءات في المغرب. وتتمثل أبرز هذه الإشكاليات في «التواتر؛ مصطلحا وتاريخا، وما يعْتقبه في الإطلاق من الاجتماع والتشهير، وما تعلق به؛ مادة وتصاريف ودلالة وقسيما». وتضم قائمة هذه الإشكاليات أيضا «تجديد النظر العلمي فيما اختص به هذا القطر المغربي مما اتصل به موروثا في حوافظ القرأة، والقصد إلى دفع ما يرد على بعض طرائق المقروء به مورد الاشتباه؛ وإن شِيء المثال فالنبو عن سننٍ ارتضته مما يشهَد، وكذلك تحقيق التفاريق العلمية، بآثارها العملية، بين مصاديق الأخذ ووجوه الاستيثاق، و«اندراجُ الأداء المخصوص في ماهية إسناد المروي» فرد من مثله». وسعى هذا المؤتمر، وفق بيان سابق لمركز أبي عمرو الداني، إلى مد جسور التعارف بين العلماء والباحثين في شؤون علم القراءات القرآنية واستكشاف الوضعية العلمية والثقافية له وما عرفه في تاريخه من تطورات واجتهادات . وهدف أيضا إلى استكشاف أوضاع القراءات القرآنية في العالم الإسلامي من خلال سيرورتها التاريخية وأحوال تلقيها، رواية ودراية، وما أثارته مقاصد أهلها من قضايا واجتهادات أعربت عنها المكتبة القرائية، وما تبلور فيها من إسهامات كشفت عن جهود الأعلام القراء، مع العناية بما تميزت به تلك المكتبة من ثراء حدد معالم القراءات القرآنية ومنحها آفاقا واسعة في العصر الحديث.