تصاعدت حدة التفجيرات في مدينة بنغازي الليبية - خلال ال72 ساعة الأخيرة، كان آخرها انفجار سيارة مفخخة بالقرب من مستشفى الجلاء أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة نحو ثلاثين آخرين. ووقع الانفجار في ذروة موعد زيارة مرضى المستشفى وتجمع المواطنين في عين المكان، وهو ما اعتبره خبراء أمنيون تصعيدا خطيرا في الملف الأمني الليبي. كما شهدت بنغازي طيلة اليومين الماضيين عدة انفجارات استهدفت مقرات الأمن والشرطة ومعارض سيارات. ويعد انفجار أول أمس الاثنين، الأعنف منذ اندلاع الثورة التي أطاحت بالعقيد الراحل معمر القذافي، كما يعتبر الأقوى تأثيرا على صعيد الملفين الأمني والسياسي. ووصف جمعة عتيقة، النائب الأول لرئيس المؤتمر الوطني العام التفجير ب»الإرهابي»، قائلا إنه ناقوس خطر، ومخطط لزعزعة استقرار ليبيا وأكد أن المخطط يحتاج إلى وقفة جادة من المسؤولين التنفيذيين. وقال عتيقة إن الحادث يستدعي التفكير جديا في استدعاء الثوار للتصدي للمجموعات «الإرهابية» وإنقاذ بنغازي، متسائلا عن جدوى خطط «المجاهرة بالأمن». من جانبه، قال عضو المؤتمر الوطني عن مدينة بنغازي إبراهيم الغرياني إنه سيتم تعليق جلسات المؤتمر أو عقد جلسة طارئة في بنغازي لمناقشة الملف الأمني. وأوضح أن وزارة الداخلية إذا كانت «عاجزة» يجب أن تكون هناك تغييرات أمنية كبيرة، مؤكدا أنه من هذه اللحظة على الجميع الفهم بأن الملف الأمني سيحظى بالأولوية. من جهته، وصف عبد الجواد البدين أحد قادة الثوار، التفجير بأنه تصعيد كبير في أعمال العنف، مؤكدا أنه يحمل بصمات النظام السابق، خصوصا بعد إلقاء القبض على شخص من أصول موريتانية ينتمي إلى إحدى مدن الجنوب الليبي على صلة بقبيلة القذاذفة، حاول تفخيخ سيارة بالقرب من مصرف ضواحي بنغازي صباح أول أمس الاثنين. واستبعد البدين تورط جهات إسلامية ليبية في التفجير، مشيرا إلى أنه لا توجد صبغة دينية لهذا التفجير. أما الناشط السياسي فيصل العبيدي فاعتبر أن ما جرى أمر طبيعي في ظل التجاذب السياسي تحت قبة البرلمان. وقال بهذا الخصوص: «بعد هذا الحادث يجب تحوير حكومة علي زيدان إلى حكومة أمن قومي بمساندة وزراء الداخلية والدفاع والمخابرات، ومهنيين قادرين على تجميع المعلومات والبيانات، لتوجيه ضربات استباقية ضد هذه الجماعات. ويأتي هذا الانفجار بعد يوم من مهاجمة مركزين للشرطة بمدينة بنغازي، التي شهدت يوم الجمعة الماضي تفجيرين في مركزين أمنيين آخرين. وتمثل هذه الهجمات أحدث العلامات على انعدام الأمن في ثاني أكبر المدن الليبية، ومهد الانتفاضة التي أطاحت بمعمر القذافي عام 2011. وبعد مرور نحو عامين على إسقاطه لا تزال جماعات الثوار التي ساعدت في الإطاحة بالقذافي ترفض حل تشكيلاتها العسكرية. ويظهر وجودها في الشوارع أكثر من وجود قوات الأمن. وقد عبر المتحدث باسم المجلس المحلي لبنغازي أسامة الشريف عن عدم رضا المجلس عن أداء وزارة الداخلية، وخاصة قيادة شرطة بنغازي. وشملت أعمال العنف الأخيرة -التي استهدفت دبلوماسيين وأفرادا من الجيش والشرطة- هجوماً في سبتمبر الماضي على قنصلية الولاياتالمتحدة، أسفر عن مقتل السفير الأمريكي وثلاثة أمريكيين آخرين. وفي الأسبوع الحالي بدأ دبلوماسيون مغادرة العاصمة طرابلس، حيث اتجهت الأوضاع الأمنية إلى الأسوأ في أواخر أبري، حين سيطرت جماعات مسلحة على وزارتين نحو أسبوعين للضغط على البرلمان من أجل تنفيذ مطالبها. وكانت اللجنة المشكلة من الحكومة والمؤتمر الوطني العام (البرلمان) في ليبيا قد استلمت مساء السبت مقر وزارتي العدل والخارجية من المليشيات المسلحة، التي كانت تحاصرهما منذ نحو أسبوعين للمطالبة بتبني قانون العزل السياسي، وتطهير مؤسسات الدولة من المتعاونين مع النظام السابق. ومنذ نحو أسبوعين حاصر مسلحون الوزارتين وطالبوا بتبني قانون العزل السياسي، الذي يقضي بإبعاد المسؤولين السابقين، والمتعاونين مع نظام العقيد الراحل معمر القذافي.