رفع سلفيون، في وقفة احتجاجية نظموها بعد صلاة الجمعة الأخير في فاس، لافتات «تدين» المندوب العامّ لإدارة السجون. ووصفت إحدى اللافتات حفيظ بنهاشم ب»أحد رموز سنوات الجمر والرّصاص»، في إشارة من المحتجّين إلى اتهامات موجهة لإدارة السّجون، تتعلق بسوء معاملة سجناء «الرأي والعقيدة»، وهو التعبير الذي يصفون به معتقلي ما يعرف إعلاميا ب«السلفية الجهادية». ولم يسلم المفكر المغربي و الناشط الأمازيغي أحمد عصيد من انتقادات السلفيين، ونعته المحتجّون في شعاراتهم ب«الغبيّ» و»الإرهابيّ»، على خلفية انتقادات وجّهها للبرامج الدراسية المغربية، وهي الانتقادات التي اعتبرها الإسلاميون «تمسّ بثوابت المغرب». وأظهرت هذه الانتقادات «فشل» محاولات «إطفاء النار» بين الطرفين بسبب «سوء استيعاب وفهم» تصريحات المثقف الأمازيغي والعضو السابق في مجلس إدارة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. وطالب المحتجّون بإطلاق سراح المعتقلين المحسوبين على تيار السلفية في المغرب، والذين جرى اعتقال العشرات منهم على خلفية أحداث 16 ماي الإرهابية، والتي هزّت قلب العاصمة الاقتصادية للمملكة في سنة 2003، وما تبع ذلك من أحداث إرهابية متفرّقة، وتفكيك خلايا متهمة بالتخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية. ورفع المُحتجّون لافتات أخرى تظهر عددا من المحسوبين على التيار نفسِه، وهم يحملون آثار «تعذيب»، في إشارة من التيار السلفي إلى اتهام السلطات بالوقوف وراء سوء معاملة هؤلاء السّجناء أثناء التحقيق معهم، وبعد إحالتهم على السجون. وطالب المحتجّون ب»إعادة فتح تحقيق في الأحداث الإرهابية وإنصاف الضحايا والمظلومين»، على حد تعبير أحد رموز السلفية في المدينة. وتزامن خروج السلفيين للاحتجاج أمام مسجد سعد بن أبي وقاص في حي «الزهور2» في فاس مع تخليد الذكرى الأليمة لأحداث 16 ماي الأليمة. واستعاد أحد السلفيين، في كلمة له بالمناسبة، إشارة الملك، في وقت سابق، إلى «وقوع بعض التجاوزات في الملف»، لكنه أورد أنّ الملف مع ذلك لم «يتحلحل» للإفراج عن المعتقلين، رغم أنّ المحاكمات كانت «ماراطونية» وتفتقر إلى شروط «المحاكمة العادلة»، طبقا لأحد المُحتجّين. وتمسّك السلفيون المحتجّون ب«اتفاق 25 مارس»، وهي المحطة التي تعتبر في أدبياتهم مهمّة بالنظر إلى أنها تحمل وعودا بإطلاق سراح السلفيين الموجودين في السجون بتهم ثقيلة لها علاقة بالانتماء إلى خلايا لها مخططات إرهابية أو المشاركة في عمليات ترمي إلى زعزعوا استقرار الوطن. وعاد السلفيون، في شهر ماي الجاري، وهو الشهر الذي يتزامن مع تخليد ذكرى أحداث 16 ماي الإرهابية، إلى تنظيم احتجاجات في عدد من المدن المغربية. وشهدت مدينة الناظور تدخلا أمنيا لتفريق أنصار هذا التيار بالقرب من مسجد التقوى يوم الجمعة (3 ماي 2013). وأعلنت وزارة الداخلية، في الأيام الأخيرة، عن تفكيك خليتين متشبعتين بالفكر المتطرّف، ينشط أفرادها في نواحي الزغنغن وبني بوغافر وسلوان وفرخانة وبني شيكر، في إقليمالناظور. وقالت وزارة الداخلية إنّ تحريات، باشرتها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطن، أفضت إلى تفكيك الخليتين من قِبَل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية. وأوضح بلاغ لوزارة الداخلية أنّ «أفراد الخليتين اعتنقوا أفكارا تكفيرية تجاه المجتمع، وقاموا بسرقات في إطار ما يسمى «الاستحلال»، ونسجوا علاقات مع عناصر متطرّفة تنشط في شمال مالي تنتمي إلى شبكة مُتخصّصة في تجنيد وإرسال متطوعين للقتال في منطقة السّاحل، والتي سبق تفكيكها في شهر نونبر 2012». وفي الوقت الذي يطالب السلفيون بالإفراج عن المعتقلين، تحدَّث بلاغ وزارة الداخلية عن وجود حالات العَود في أوساط المُفرَج عنهم من التيار نفسه، وذكّر بأن الخليتين -الموحدين والتوحيد- تضُمّان بين عناصرهما معتقلين سابقين في إطار قانون الإرهاب، عملوا على نسج علاقات مع أوساط متطرّفة خارج التراب الوطني، مضيفا أن عملية إيقاف أعضاء الخليتين المشتبَه فيهم تمت تحت إشراف النيابة العامة المختصة. وتزامنت هذه الوقفات الاحتجاجية مع دخول معتقلين محسوبين على التيار ذاته في إضراب عن الطعام لمدة ثلاثة أيام في سجن تولال 2 في مكناس. وقالت اللجنة المُشترَكة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين إن المعتقلين قرّروا خوض ما يسمونه «معركة الأمعاء الخاوية» احتجاجا على «سوء للمعاملة وهدر للكرامة والتضييق والاستفزاز المُمنهَج من قِبَل رئيس المعقل ومعاونيه».