جاء رد المغرب سريعا على القرار الأمريكي القاضي بتوسيع صلاحيات بعثة الأممالمتحدة في الصحراء لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء المغربية ومخيمات تندوف، وصدرت أوامر عليا بإلغاء المناورات العسكرية بين الجيش المغربي والأمريكي (مناورات الأسد الإفريقي2013)، التي كان ينتظر أن تشهدها منطقة مصب واد درعة خلال الأيام القادمة. وأعطيت الأوامر في وقت مبكر من صباح أمس الثلاثاء لوحدات الجيش المغربي بالتوقف عن كل الإستعدادات وجمع الأغراض والانسحاب الفوري. وكان 1400 من جنود المارينز الأمريكي قد حلوا مؤخرا بميناء أكادير مصحوبين بأحدث المعدات العسكرية، استعدادا لبدء المناورات التي كان سيشارك فيها، إضافة إلى 900 من الجنود المغاربة، وكذا ممثلي 12 دولة أوربية كمراقبين، حيث كان سيتم، لأول مرة في المغرب، نشر صواريخ متوسطة المدى، قادرة على إصابة أهداف ثابتة أو متحركة على بعد 60 كيلومترا. كما كان مبرمجا على هامش هذه المناورات إقامة دورة تكوينية لتحسين قدرات الأجهزة الاستخباراتية للبلدين بتأطير من خبراء أمريكيين. وفي أول موقف للحكومة المغربية بعد قرار الولاياتالمتحدةالأمريكية تقديم مقترح لمجلس الأمن بتوسيع مهمة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في كل من الصحراء ومخيمات تندوف، قال مصطفى الخلفي، وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، إن هذا القرار يعد انتقاصا من السيادة الوطنية، «ويأتي في وقت يشيد فيه المجتمع الدولي بالخطوات التي اتخذها المغرب من أجل النهوض بحقوق الإنسان، وآخرها تقرير الأمين العام للأمم المتحدة يوم 8 أبريل الجاري، وبالتالي فلا حاجة لهذا الأمر». وأضاف الخلفي، في تصريح ل«المساء»، أن المغرب أرسى آليات متعددة لحماية حقوق الإنسان، بما فيها اللجان الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومواصلة تطبيق توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، فضلا عن المصادقة على المعاهدة الدولية لحقوق الإنسان، بما فيها البروتوكول الخاص ضد التعذيب، واستقبال المقررين الأمميين، الذين كان آخرهم مقرر الأممالمتحدة حول التعذيب، «وبالتالي فإن هذا المسلسل الحقوقي يجعل من غير المفهوم القيام بهذه الخطوة الأحادية والمنحازة، والتي لم يتم التشاور بشأنها معنا، حيث سوف تحدث قطيعة مع منهجية التوافق المفروض اتباعها لإيجاد حل لهذا النزاع، كما نص عليها الفصل السادس للأمم المتحدة، بما يرضي كافة الأطراف» يضيف الخلفي، الذي أكد على أن المغرب يراهن على عدد من المبادرات الدبلوماسية الحزبية والشعبية، من أجل الوقوف صفا واحدا خلف جلالة الملك ضد هذا القرار، مضيفا أن «هناك سعيا إلى الحوار مع بعض الدول في مجلس الأمن، باعتبار أن هذه الخطوة تحمل العديد من المخاطر على الاستقرار في المنطقة، وهو ما تترجمه التحركات التي يقودها سعد الدين العثماني، وزير الخارجية إلى بعض الدول، إضافة إلى مسؤولين مغاربة آخرين، من أجل شرح وجهة نظرنا في الموضوع». وكانت الخطوة غير المسبوقة التي أقدمت عليها الولاياتالمتحدةالأمريكية، من خلال الأنباء التي تحدثت عن اعتزامها تقديم مقترح إلى مجلس الأمن بتوسيع مهام بعثة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في كل من الصحراء المغربية ومخيمات تندوف، قد تسببت في استنفار كبير على المستوى الدبلوماسي، حيث طار كل من وزير الخارجية سعد الدين العثماني، والوزير المنتدب يوسف العمراني إلى كل من بريطانيا والصين، في حين تكلف مستشار الملك الطيب الفاسي الفهري بزيارة العاصمة الإسبانية مدريد، لثني تلك الدول عن مساندة المقترح الأمريكي. وفي موضوع ذي صلة، كشفت مصادر موثوقة ل«لمساء» أن الرجل المكلف بملف الصحراء المغربية بالسفارة الأمريكية هو الذي يقف وراء إنجاز تقارير حقوقية سوداء عن المغرب، بتنسيق مع الجمعيات الانفصالية. وقالت المصادر ذاتها إن أحداث مخيم «اكديم إزيك»، التي اتخذت فيها أمريكا مبدأ الحياد شكلت النقطة الأساسية التي حذت بأمريكا إلى وضع مشروع القرار الرامي إلى توسيع صلاحيات بعثة المينورسو بالصحراء. وأكدت مصادرنا أن مشروع القرار كان جاهزا منذ يناير الماضي. وفي الوقت الذي دخلت أمريكا في مفاوضات مع القوى الكبرى، وفي مقدمتها فرنسا وبريطانيا، لكسب تأييدها لهذا القرار، قالت مصادرنا إن فرنسا تتجه إلى رفض القرار عبر إشهار حق الفيتو، فيما تساند بريطانيا الموقف الأمريكي، سيما أنها كانت قد عبرت عن موقف سلبي تجاه المغرب خلال أحداث «اكديم إزيك». ولم تستبعد المصادر ذاتها أن يكون توقيت عرض الولاياتالمتحدةالأمريكية للقرار يشكل ورقة ضغط دبلوماسية على المغرب، في ظل التقارب المغربي الفرنسي، بعد الزيارة الأخيرة التي حل خلالها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولوند بالمغرب. وأشارت المصادر ذاتها إلى أن تزامن عرض القرار مع تقلد جون كيري مهام وزارة الخارجية خلفا لهيلاري كلنتون، يطرح أكثر من علامة استفهام، لاسيما أن وزيرة الخارجية السابقة كانت قد عبرت عن مساندتها لمقترح الحكم الذاتي «ذي الجدية والمصداقية»، كما أكدت في أكثر من مناسبة.