عاشت مدينة القنيطرة ساعات رهيبة، الجمعة المنصرمة، بعدما شهدت بعض شوارعها الرئيسية مطاردات هوليودية بالحافلات شنتها شركة للنقل الحضري على شركة أخرى منافسة تستغل الخط الرابط بين القنيطرة وجماعة «سيدي الطيبي» المجاورة. وشوهدت حافلات «الهناء» وهي تلاحق، طيلة اليوم نفسه، حافلات «الكرامة» للنقل الحضري التابعة لمجموعة الجماني، قبل أن تعمد إلى محاصرتها، وتمنعها من مواصلة عملها بدعوى عدم توفرها على ترخيص قانوني الخط السالف الذكر. وسادت حالة من الرعب والهلع الشديدين في صفوف مستعملي شارع «المسيرة»، والأزقة المتفرعة عنه، التي اجتاحتها الحافلات المطاردة بشكل جنوني، لتشكيل حاجز يشل حركة حافلات الشركة المنافسة. واضطر العديد من قائدي السيارات إلى تغيير اتجاههم، حيث سلكوا طرقا جانبية لتفادي التعرض لمكروه. وأجبرت هذه المطاردات مجموعة من المواطنين على مغادرة محطات وقوف الحافلات وركوب سيارات الأجرة الصغيرة والكبيرة للوصول سالمين إلى مقرات عملهم أو سكناهم. ورغم وجود المسؤولين الأمنيين الموكولة إليهم مهمة الحفاظ على النظام العام في عين المكان، فإن الوضع ازداد تعقيدا وخطورة، بعدما افترش مجموعة من عمال شركة «الهناء» الشارع أمام أعين السلطات، التي اكتفت أجهزتها بلعب دور المتفرج، قبل أن يتدخل باشا المدينة رفقة عناصر الحرس الترابي لرفع حالة الاحتقان. ووصف شهود عيان ما وقع بالأمر الخطير، وأكدوا، في تصريحات متطابقة ل«المساء»، أن العديد من المسؤولين ظلوا يتفرجون على ما يحدث رغم ما يشكله ذلك من خطورة على جميع الأطراف، وتساءلت المصادر نفسها عن دوافع نهج هذه الجهات سياسة النعامة إزاء تلك التجاوزات التي سمحت للبعض بفرض قانونه الخاص عوض الاحتكام للسلطات المعنية لفرض تطبيق القانون على الجميع. واستنادا إلى معلومات مؤكدة، فإن لقاء عاجلا، تم عقده، أول أمس، بمقر باشوية المدينة، حضره ممثلو المجلس الجماعي للقنيطرة والمجلس الإقليمي، وكذا مسؤولي مختلف الأجهزة الأمنية، حيث جرى الاتفاق على أن تستمر شركة «الكرامة» في عملها بشكل طبيعي، على أن يعقد اجتماع آخر، بعد غد الأربعاء، تحت إشراف لجنة التتبع لتفعيل القرار المتعلق بتمديد جميع الخطوط التي تربط القنيطرة بالجماعات المجاورة لها. وكان إدريس الخزاني، والي جهة الغرب الشراردة بني احسن، قد راسل بتاريخ 10 دجنبر من السنة الماضية، عزيز رباح، وزير التجهيز والنقل، الذي يرأس في الوقت نفسه مجلس القنيطرة، يحثه على اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة التي تسمح لشركة «الجماني» باستغلال تلك الخطوط، وهو ما دفع رباح إلى إعطاء أوامره للشركة المذكورة بالشروع في الخدمة، تبعا لاتفاقية الشراكة المبرمة بين مختلف الجماعات المعنية، والتي صادقت عليها سلطات الوصاية في 13 شتنبر 2012. وكانت العديد من الأطراف قد حملت عزيز رباح مسؤولية ما يقع بقطاع النقل الحضري بالقنيطرة، متهمة إياه بمحاباة شركة «الكرامة»، والسكوت عن تجاوزاتها، وغض الطرف عن إعمال القانون في ما يخص تمديد الخطوط، والسماح لها بالاستغلال العشوائي لمجموعة منها، وعدم تفعيل الجزاءات في حقها رغم مخالفتها الصريحة لدفتر التحملات، حسب تعبيرها.