لا تزال قيمة الكركم، أو الخرقوم البلدي أو الخرقوم عرق، أو زعفران الهند، غير معروفة لدى معظم الناس، حيث يعتبره الجميع من التوابل التي تستعمل فقط لإضفاء اللون الأصفر والنكهة على أطباقنا، في حين أن الطب العربي والصيني القديم استخدمه لغرض تنقية الجسم، وعلاج العديد من اضطراباته كاضطرابات الجهاز الهضمي، والتهاب المفاصل، والتعفنات وأمراض الكبد… والكيركيمينويدات هي المركبات الرئيسية للكركم، و لا ينحصر دورها في إعطاء اللون الأصفر، بل لها كذلك عدة فوائد طبية، حيث تفوق قوة هذه المركبات قوة فيتامين E المؤكسدة بكثير. وقد بين التحليل المخبري لقوة الكركمين على الحيوانات، أنه فعال في الوقاية وفي علاج العديد من الأمراض السرطانية، بما في ذلك سرطان المعدة، والأمعاء، والقولون، والجلد، والكبد... فهو قادر على كبح نمو العديد من الأورام السرطانية، وذلك بالعمل على إيقاف المراحل الضرورية لحياة الخلية السرطانية، مما يؤدي إلى قتلها. ويظهر دور الكركم الكبير في الوقاية من سرطان القولون في كون الكركمين يخفض مستوى أنزيم يدعى السيكلوأوكسيجيناز2، المسؤول عن إنتاج مواد تتسبب في الالتهابات، وهذه الخاصية لها دور جيد على مستوى سرطان القولون، حيث بينت الدراسات أن للالتهابات علاقة كبيرة بسرطان القولون، ولأن الأدوية المضادة للالتهابات لها عدة تأثيرات جانبية، يمكن أخذ الكركم كمضاد التهاب طبيعي له القدرة على الوقاية من سرطان القولون. يبقى المشكل الوحيد هو ضعف امتصاص الكركمين من قبل الجسم، غير أنه من الضروري أن نشير إلى أن الفلفل الأسود (الإبزار) يحتوي على مكون البيبيرين، هذا الأخير يرفع امتصاص الكركمين ألف مرة أكثر، ومن هنا تأتي أهمية إدخال الكركم والإبزار معا في الطبخ، و كم تدهشنا كل مرة حكمة الأجداد ومعرفتهم بعلم الدمج بين الأغذية وما ينتج عنه من فائدة للجسم. الكركم ومكوناته، إذن، خاصة الكركمين، تمتاز بخواص مضادة للسرطان، والتي قد تكون مسؤولة عن الاختلاف الكبير في نسبة الأمراض السرطانية بين الدول الأمريكية والهند، باعتبارها المستهلك الأول لهذه المادة. وللاستفادة من خصائصه الطبية، ننصحكم بإضافة ملعقة صغيرة من الكركم مع نصف ملعقة صغيرة من الإبزار إلى أطباقكم اليومية وصلصاتكم وشورباتكم، باعتبارها وسيلة سهلة وغير مكلفة لحمايتكم من السرطان ومنع تطوره..
إيمان أنوار التازي أخصائية في التغذية والتحاليل الطبية [email protected]