وصلت مشاورات مكونات الأغلبية الحكومية بخصوص تقديم مرشح وحيد لرئاسة مجلس المستشارين إلى الباب المسدود بعد فشل اجتماع قياداتها مساء الثلاثاء الماضي. بعض الأمناء العامين لأحزاب الأغلبية أفصحت عن أسماء مرشحيها فيما فضلت أخرى التريث قبل أن تتحرك في اتجاه دخول غمار التنافس حول المقعد الشاغر منذ بضعة أشهر. حزب الاتحاد الاشتراكي لم يتوان في الإعلان عن ترشيحه لعضو مكتبه السياسي زبيدة بوعياد، بعد أن اتضح أن حزب التجمع الوطني للأحرار مُصمم على الاحتفاظ برئاسة البرلمان بغرفتيه عبر اعتزامه ترشيح المستشار المعطي بنقدور لهذه المهمة، فيما لم يكشف بعد حزب الاستقلال عن مرشحه وفضل «مراقبة» ما يجري من بعيد، رغم أن مصادر مطلعة تؤكد على أنه يتجه إلى ترشيح فوزي بنعلال للجمع ما بين الوزارة الأولى والغرفة الثانية. هذا الوضع وصفه مسؤول من الأغلبية ب«إعادة ترتيب توزيع الحقائب فيما بين مكونات الأغلبية»، خصوصا تلك التي وصفها المصدر بالتي لم يتم «إنصافها» عند توزيع الحقائب الوزارية. ويزيد متسائلا :» كيف نطلب من الاتحاد الاشتراكي أن يساهم في تقديم مرشح عن حزب الأحرار وقد ظفر هذا الأخير بحقائب وزارية مهمة ورئاستي غرفتي البرلمان، رغم أن الفارق بينهما في الانتخابات التشريعية لم يتجاوز مقعدا برلمانيا واحدا». إعلان حزب الاتحاد الاشتراكي عن مرشحه أزم الوضع أكثر داخل الأغلبية الحكومية، ويرى مجموعة من المراقبين أن ترشيحه لامرأة لمنصب رئاسة مجلس المستشارين يرمي من خلالها استعمال الدلالة الرمزية لهذا الترشيح الذي وُصف ب«النضالي» لأغراض أخرى. فالحزب، حسب نفس المصادر، يبحث عن تأسيس «قواعد لعب» جديدة و«شرحها» للنظام ورد الاعتبار إليه بالاستناد على المقررات التي تمخضت عن أشغال مؤتمره الأخير. جريدة «الاتحاد الاشتراكي» نشرت، يوم أمس الخميس، عنوانا بالبنط العريض على صدر صفحتها الأولى تحت عنوان : «عندما شرح المرحوم بوعبيد «قواعد اللعب» للراحل الحسن الثاني عبر «النوڤيل أوبسرڤاتور». ووصفت مقالة مطولة نشرت على صفحات المجلة الفرنسية ب«الوثيقة غير المعروفة». في ٍرأي مجموعة من المتتبعين فإن اختيار لسان حال هذا الحزب لهذه المقالة في ذكرى رحيل بوعبيد ليس محط صدفة، وإرجاع نشرها في الوقت الراهن إلى كونها وثيقة غير معروفة مجرد «مناورة» لأنها نُشرت في أسبوعية فرنسية شهيرة وبالتالي فالأمر لايتعلق بوثيقة «سرية». من بين «قواعد اللعب» التي ذكرها بوعبيد للملك الراحل الحسن الثاني في مقالته الإشارة إلى أن «المغرب الذي كنا نحلم به فجر الاستقلال لا علاقة له بمغرب اليوم، لذلك يمكن أن نتفهم كيف أننا في بعض المناسبات نعبر عن مشاعرنا بشيء من الأسى ولكن، هل تم احترام «اللعبة» فيما يخص قواعد الحريات العامة، حرية الصحافة والحق في معارضة وتقييم أعمال الحكومة؟». وأضاف : « كنا نأمل دائما في حوار صريح ونزيه مع النظام، ولكن بشرط احترام قواعد اللعبة من الطرفين، وكنا دائما نأمل في المساهمة في التقويم السياسي والاقتصادي والاجتماعي لبلادنا، فنحن لسنا مهووسين بالمعارضة». الحزب، في الوقت الراهن، يؤسس فعلا «لقواعد اللعب» الجديدة وأفق جديد للتواجد الحكومي، حسب أحد القياديين في الاتحاد الذي فضل عدم ذكر اسمه. وأكد على أن موقف الحزب خلال اجتماع يوم الثلاثاء الماضي ما بين الأمناء العامين للأغلبية، وضّح للوزير الأول عباس الفاسي أن التعامل مع «قواعد اللعب» الجديدة يتطلب منه إرضاء الأطراف الغاضبة. وفي انتظار التعرف أكثر على هذه «القواعد» يرتقب أن ينتخب الرئيس الجديد لمجلس المستشارين يوم الثلاثاء 13 يناير المقبل عن طريق الاقتراع السري بالأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتكون منهم المجلس في دورتين، وبالأغلبية النسبية في الدورة الثالثة، وفق ما تنص على ذلك المادة 13 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين.