في خطوة غير مسبوقة، أطلق رجال أعمال مغاربة ومثقفون حملة ترمي إلى مناهضة كل أشكال التطبيع الاقتصادي مع إسرائيل، على خلفية المجزرة التي ارتكبها الكيان الصهيوني في قطاع غزة. وعمم هؤلاء الفاعلون الاقتصاديون نداء يدعون فيه حكام المغرب ورجال الأعمال والصناعة والفلاحين إلى ضرورة الكف عن استيراد واستهلاك المنتوجات الإسرائيلية وتوقيف جميع المعاملات التجارية والسياحية مع دولة تقتل بدم بارد الأطفال والنساء والشيوخ. وضمت لائحة الموقعين على هذا النداء 15 فردا، بينهم رجال أعمال ومثقفون وصحافيون وشخصيات وازنة من اليهود المغاربة، مثل سيون أسيدون وإدمون عمران المالح المعروفين بمناهضتهما للفكر الصهيوني، أنيس بلافريج، حورية حوات، بشر بناني، أمينة بلافريج، مالك غلاب، خالد الجامعي، لطيفة لخصاصي، محسن عيوش، محمد بن سعيد آيت ايدر، أحمد المرزوقي، عبد الرحيم الحجوجي، كريم التازي والحبيب كمال. وقال عبد الرحيم الحجوجي، واحد من الموقعين على هذا النداء، إن هذه الحملة «تأتي في هذا الظرف العصيب لنقول لكل المطبعين الاقتصاديين من المغاربة إن الطريق إلى إسرائيل لم يعد ممرا سالكا بعد محرقة غزة». وقال الحجوجي ل«المساء» إنه من الآن فصاعدا «لم يعد مسموحا الاختباء وراء عدم وجود علاقات اقتصادية رسمية بين المغرب وإسرائيل، لأن المؤكد هو أن هناك مبادلات اقتصادية بين البلدين تنشر أرقامها في الصحف بين الفينة والأخرى». وحول الكيفية التي يتم بها تنزيل هذه الحملة لمناهضة التطبيع الاقتصادي مع إسرائيل، أوضح الحجوجي أن الموقعين على «نداء لفرض حصار على إسرائيل» سيجتمعون للتداول في هذه القضية في الأيام القليلة القادمة. وفي الوقت الذي تنفي فيه الدوائر الرسمية وجود أي علاقات اقتصادية أو تجارية مع إسرائيل، ترى مصادر من عالم الاقتصاد أن هناك حضورا للمنتوجات الإسرائيلية في المغرب كبذور الطماطم والبطاطس والأدوية الفلاحية الخاصة بمحاربة الطفيليات. ولا تقتصر المبادلات التجارية بين المغرب وإسرائيل على القطاع الفلاحي، بل تشمل مجالات أخرى كالقطاع السياحي، إذ يؤكد مصدر مطلع أن رحلات سياحية دائمة تنظم سواء من المغرب إلى إسرائيل أو العكس، وهي الرحلات التي يقوم بها رجال أعمال ومستثمرون ومغاربة يهود لم يقطعوا مع إسرائيل. وبحسب المصدر نفسه فإن التبادل التجاري مع إسرائيل يتخذ صيغا متعددة، منها أن بعض المستثمرين الإسرائيليين يفضلون إدخال منتجاتهم سواء في النسيج أو عبر شركات من دول أوربية أو أمريكا. وفي هذا السياق، كشف مصدر مطلع عن وجود أسماء مسؤولين كبار ووزراء سابقين وضباط في بعض الأجهزة لهم أنشطة تجارية مع إسرائيل، «بل هناك ضيعات فلاحية بضواحي الراشيدية، يقول مصدر «المساء»، يملكها إسرائيليون، حتى إن بعض المواطنين من هذه المدينة يتحدثون عن «مستوطنات الرشيدية». من جهته، قال الصحافي خالد الجامعي الذي وقع بدوره على «نداء لفرض الحصار على إسرائيل» إنه قرر من الآن فصاعدا ألا ينطق بكلمة «دولة إسرائيل»، ويستعيض عنها بكلمة «جماعة من القتلة»، مشيرا في تصريح ل»المساء» إلى أن «موقف المغرب من مجزرة غزة كان مخجلا، لأنه البلد الذي يترأس لجنة القدس» وكان المفروض أن تكون مواقفه أكثر جرأة من الدول العربية الأخرى. واستبعد إدريس بنعلي، الخبير الاقتصادي، أن يكون لهذه الحملة لمناهضة التطبيع الاقتصادي أي مفعول كبير، خاصة أنه «يصعب رصد النفوذ الصهيوني في الاقتصاد الوطني أو الدولي»، لكن هذه الحملة في نظر بنعلي لا تخلو من بعد رمزي مطلوب في سياق المجزرة التي ارتكبتها إسرائيل في غزة.