الملك يُبرق رئيس بنما ويشكره على إثر قرار بلاده بخصوص القضية الوطنية الأولى للمملكة    "أونسا" تطمئن المغاربة: اللحوم المستوردة تخضع بشكل دائم للفحص القبلي    وزير الفلاحة: المحطة الرياضية العالمية 2030 محك حقيقي للمنظومة الغذائية والاستهلاكية للمغرب    مواجهة مغربية بين الرجاء والجيش الملكي في دور مجموعات دوري أبطال أفريقيا    غوارديولا قبل مواجهة فينورد: "أنا لا أستسلم ولدي شعور أننا سنحقق نتيجة إيجابية"    طقس الثلاثاء: أجواء حارة نسبيا بعدد من الجهات    وزير التجهيز والماء يجتمع مع أعضاء حركة الشباب من أجل المناخ - المغرب    حوار مع جني : لقاء !        انتخاب هلال رئيسا للمؤتمر السادس لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط    مرشد إيران يطالب ب"إعدام" نتنياهو    نقابيو "الجماعة" يرفضون تنصل الدولة من واجباتها الاجتماعية وتفويت الخدمات العمومية للقطاع الخاص    عبد اللطيف حموشي يبحث مع المديرة العامة لأمن الدولة البلجيكية التعاون الأمني المشترك    الرباط: تقديم كتاب 'إسماع صوت إفريقيا..أعظم مقتطفات خطب صاحب الجلالة الملك محمد السادس'    الدولار يرتفع بعد تعهد ترامب بفرض رسوم جمركية على المكسيك وكندا والصين    توقيف مواطن فرنسي من أصول جزائرية يشكل موضوع أمر دولي بإلقاء القبض بمراكش    حقوقيون يحذرون من تنامي العنف ضد النساء في الفضاءات العامة ويطالبون بدعم الضحايا    المناظرة الوطنية الثانية للفنون التشكيلية والبصرية تبلور أهدافها    بورصة البيضاء تفتتح التداولات بارتفاع    تزايد معدلات اكتئاب ما بعد الولادة بالولايات المتحدة خلال العقد الماضي    العالم يحتفل باليوم العالمي لشجرة الزيتون    تطوان: اعتداء غادر بالسلاح الأبيض على مدير مستشفى سانية الرمل    بمناسبة الحملة الأممية لمناهضة العنف ضد النساء.. ائتلاف يدعو إلى المنع التام لتزويج الطفلات    تحقيقات هولندية تكشف تورط مغربي في اغتيالات وتهريب الكوكايين    ترقب لقرار إسرائيلي حول وقف إطلاق النار مع حزب الله ووزير الأمن القومي يعتبره "خطأ كبيرا"    اندلاع حريق ضخم في موقع تجارب إطلاق صواريخ فضائية باليابان    ملتقى النقل السياحي بمراكش نحو رؤية جديدة لتعزيز التنمية المستدامة والابتكار    إطلاق شراكة استراتيجية بين البريد بنك وGuichet.com    وزير الأوقاف: أكدت لوزير الداخلية الفرنسي أن المغاربة علمانيون فصدم    لا شراكات على حساب الوحدة الترابية والسيادة الوطنية للمملكة المغربية    المحامي والمحلل السياسي الجزائري سعد جبار: الصحراء الشرقية تاريخياً مغربية والنظام الجزائري لم يشرح هوسه بالمغرب    صقر الصحراء.. طائرة مغربية بدون طيار تعيد رسم ملامح الصناعة الدفاعية الوطنية    الرباط.. انطلاق الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية    تحرير محيط مدرسة للا سلمى من الاستغلال العشوائي بحي المطار    الجزائر و"الريف المغربي" .. عمل استفزازي إضافي أم تكتيك دفاعي؟    الاتحاد الأوروبي يمنح المغرب 190 مليون أورو لإعادة بناء المناطق المتضررة من زلزال الحوز    الرجاء والجيش يلتقيان تحت الضغط    لاعبتان من الجيش في تشكيل العصبة    ليبيا: مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي يجدد التأكيد على أهمية مسلسلي الصخيرات وبوزنيقة    "البيجيدي": الشرعي تجاوز الخطوط الحمراء بمقاله المتماهي مع الصهاينة وينبغي متابعته قانونيا    في لقاء عرف تفاعلا كبيرا .. «المجتمع» محور لقاء استضافت خلاله ثانوية بدر التأهيلية بأكادير الكاتب والروائي عبد القادر الشاوي    تكريم الكاتب والاعلامي عبد الرحيم عاشر بالمهرجان الدولي للفيلم القصير بطنجة    ريال مدريد يعلن غياب فينسيوس بسبب الإصابة    «الأيام الرمادية» يفوز بالجائزة الكبرى للمسابقة الوطنية بالدورة 13 لمهرجان طنجة للفيلم    بعد رفض المحامين الدفاع عنه.. تأجيل محاكمة "ولد الشينوية"    أرملة محمد رحيم: وفاة زوجي طبيعية والبعض استغل الخبر من أجل "التريند"    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة    تدابير للتخلص من الرطوبة في السيارة خلال فصل الشتاء        إيرادات فيلمي "ويكد" و"غلادييتور 2″ تفوق 270 مليون دولار في دور العرض العالمية    "الكاف" يقرر معاقبة مولودية الجزائر باللعب بدون جمهور لأربع مباريات على خلفية أحداث مباراتها ضد الاتحاد المنستيري التونسي    مهرجان الزربية الواوزكيتية يختتم دورته السابعة بتوافد قياسي بلغ 60 ألف زائر    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة        لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كوابيس البلدة الصغيرة
نشر في المساء يوم 27 - 03 - 2013


زخات المطر الربيعي تغسل وجه البلدة الصغيرة.
رغم العقود المتعاقبة والثروات الطبيعية التي حبا الله بها هذه المنطقة، تصر البلدة أو يراد لها أن تظل صغيرة، وهي ترى المتعاقبين عليها يغرفون من خيراتها، ويرحلون.
باستثناء طابق مضاف فوق بناية هنا أو طابقين هناك أو فرع لهذا البنك أو ذاك، لا شيء تغير غيرَ الوجوه.. أطفال كبروا، وكبار شاخوا، وشيوخ كانوا هنا، وحوامل يتأهبن لإنجاب وجوه جديدة..
الدخان الذي يعمم البلدة لا ينبعث من معامل.. «شيّْ القطبان والكوطليط» واللحم المفروم أهمُّ أنشطة السكان هنا.
الشرطيان والموظفون الثلاثة وتاجر الجملة وافدون من مناطق أخرى. أبناء البلدة، ممن لم يهاجروا إلى بلاد «الطاليان»، موزعون بين ماسح أحذية وحارس سيارات ومتسولة وبائعة خبز «حرفي» للمسافرين الفقراء، وعاطل ومعطل، إضافة إلى «المهلهل» و»المخلخل» وسواهما من النماذج البشرية التي تكثر في البلدات الصغيرة، بعيدا عن عيون الباحثين الاجتماعيين وعن مشاريع التنمية البشرية.
مهاجر من أبناء البادية المجاورة توفر له رصيد مالي محترم، فبادر إلى إقامة أول فندق في البلدة، اختار له اسم «طورينو»، كأن البلدة ليس لها تراث ولا ذاكرة ولا أبناء يشكلون قدوة تحتذى؛ وكان حريا به أن يختار اسما من المنطقة كما تفترض الطبيعة أو اسمَ واحدٍ من أعلام البلاد كما تقتضي الوطنية.
ويحكي بعض أبناء البلدة أن المهاجر المذكور، صاحب فندق «طورينو»، يملك مطعما في قرية إيطالية، يسمى «ريستورانتي رومنتيكا».
هناك، اليوم، طائفة متكاثرة من أبناء بلداتنا المختلفة، وحتى بعض من مدننا، ممن يعتقدون أن انسلاخ المواطن من جلده ينقله إلى مستوى السائر في طريق النمو. بينما الانسلاخ من الذات ليس له غير معنى واحد، هو الضياع. حين يصبح المواطن المذكور لا هو حمامة ولا هو غراب، يصبح ناكرا لأصله، وهو يعلم، أو لا يعلم، المثل المغربي: «ما ينكر أصلو غير البغل»، لأن البغل نتاج جماع بين الحمار والفرس، فيأتي المولود بغلا رغم أن والده حمار.
.................
في منطقة شاطئية، بضواحي الرباط، يلاحظ أن المقاهي الحديثة المتراصة، على تعددها، ليست بينها واحدة تحمل اسما محليا، منبثقا من المنطقة أو القبيلة أو البلدة. كلها أسماء أجنبية، ليس فقط من قبيل مقهى «مارسيليا»، بدلا من مقهى «عين عتيق» أو «عين عودة» أو «عين حرودة»، ولكن على شاكلة «بيزيريا فينيزيا»، مكتوبة بخط لاتيني جميل، وعربية بخطأين في كلمتين، يليها «كوفي شوب لو دانيب بلوه»، و«إكسبريسو لاس فيكاس» تقف أمامه عربة «صيكوك» ومتسولة بخمسة أطفال...
على النقيض تماما من حي آخر في نفس المدينة، حيث تتجاور محلبة «بسم الله الرحمن الرحيم» وسيبير «الكوثر» ومكتبة «إقرأ» وشوارما «كولوا واشربوا» ومقهى «إن شاء الله» وسمسار «مكارم الأخلاق»...
.................
في البلدة، التي لم تمسح عن وجهها زخات المطر الربيعي، وتصر على أن تظل صغيرة، أهم المحلات التجارية لا تحتاج اسما ولا دعاية ولا عنوانا، كل ما تحتاجه دخان.. لإثارة شهية مسافر «مخضته» الطريق والحالة «الميكانيكية» للسيارة، كما تنبئه ثلاجة المشروبات بأنه أمام محلبة، و«الجيكو» المعلق أنه أمام جزار، والموز والبرتقال أنه فاكهاني، و...
السائح الذي قادته قدماه إلى هذه البلدة، انتهى فضوله قبل المشواة الخامسة، لم يعد له ما يكتشفه، ليجد نفسه مخيرا بين مغادرة المكان إلى وجهة أخرى، أو ولوج «طورينو»، الفندق الوحيد في البلدة الصغيرة، الذي يقدم خدمة وحيدة هي عرض غرف النوم.
.................
كم أنت كبيرة أيتها البلدة الصغيرة، في وسائل الإعلام، وفي قلوب أبنائك، مقيمين ومهاجرين، كم أنت كبيرة بخيراتك وبسواعد أبنائك، لكن واقعك المزري يغري ب... البكاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.