في خطوة مفاجئة، أطلقت مديرية أملاك الدولة، التابعة لوزارة المالية، عملية واسعة لبيع آلاف الهكتارات من أراضي الدولة، عبر مسطرة طلبات عروض، وسط تحفظ من المتتبعين الذين يتوقعون أن تكون لهذه العلمية خلفيات تخدم مصالح جهات معينة. وقال عمر فرج، مدير أملاك الدولة ل«المساء»، إن قرار إطلاق هذه العملية اتخذ قبل 6 أشهر، ومكن إلى حدود نهاية شهر فبراير الماضي من بيع أزيد من 30 ألف متر مربع موزعة على 7 مناطق تقريبا، مشيرا إلى أن الهدف منه هو إعادة هيكلة الاحتياطي العقاري للدولة، من خلال بيع جميع الأراضي التي لا يمكن استغلالها واقتناء أراض جديدة ذات قيمة مضافة مرتفعة يمكن أن تواكب الاستراتيجيات والمخططات الكبرى للدولة. واستبعد فرج أن تكون للعملية علاقة بعجز الميزانية، مؤكدا أن جميع الأموال المحصلة من بيع أراضي الدولة لن تذهب إلى الميزانية العامة، بل سيتم توظيفها في اقتناء أراض جديدة، تحت إشراف لجنة مختلطة تضم ممثلين عن مجموعة من القطاعات، على رأسها الصناعة والسياحة والتجهيز والسكنى والتعمير. واعتبر مدير أملاك الدولة أن هذه الأخيرة لا يمكن أن تبقى مالكة لأراض لا تعود بالنفع العام، مشيرا إلى أن المديرية تنسق حاليا مع الحكومة ومع عدد من المتدخلين من أجل القيام بجرد عام للأراضي غير المستغلة والإعلان بشكل دوري عن طلبات عروض لتفويتها إلى الخواص بأثمنة السوق. وأضاف عمر فرج أن ميزانية الدولة لم توفر أي شيء لتجديد الوعاء العقاري، ومن ثم كان الحل لتنفيذ هذه العملية هو بيع الأراضي التي لا تستفيد منها الدولة وإعادة شراء أراض أخرى، موضحا أن هذا هو نوع من التفكير بعيد المدى الذي سيضمن للأجيال القادمة التوفر على أوعية عقارية جديدة تواكب الحاجيات المستقبلية. بالمقابل، حذر محمد مسكاوي، رئيس الشبكة المغربية لحماية المال العام، من نتائج هذه العملية، معتبرا أنها ليست سوى وسيلة للتغطية على تفويت أراضي الدولة إلى جهات معينة عبر طلبات عروض «على المقاس»، وهو الأمر الذي سيكبد ميزانية الدولة خسائر كبيرة.وتحدى مسكاوي وزارة المالية أن تكون هناك أراض للدولة غير قابلة للاستغلال أو ذات قيمة مضافة ضعيفة، مشيرا إلى أن ذلك ليس سوى عذر لتنفيذ مخطط متفق عليه بين جهات غير معروفة. وأضاف أن الدولة بإمكانها قانونيا الحصول على أراض ذات قيمة مضافة مرتفعة لخدمة المنفعة العامة عبر مسطرة نزع الملكية التي طبقتها في مرات عديدة، وبالتالي لا يمكن اعتبار بيع أراضي الدولة هو الحل الوحيد للحصول على أراض جديدة. وطالب رئيس الشبكة المغربية لحماية المال العام بأن تكون هذه العملية موضوع نقاش عام في البرلمان لا أن تحتكرها مديرية أملاك الدولة، مشيرا إلى أن الحل الوحيد لحل مشاكل تدبير الوعاء العقاري في المغرب هو خلق وكالة لتدبير أراضي الدولة تشرف على كل هذه العمليات.