بعث المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بما يزيد على 30 عينة من رفات ضحايا سنوات الرصاص، ممن تم العثور على جثامينهم في عدد من القبور الجماعية بالمغرب قبل ثلاث سنوات، إلى أحد المختبرات الفرنسية المختصة في البحث الجيني قصد تحديد هويتها بالكامل. وكشف عبد الحق المصدق، عضو لجنة المتابعة التابعة للمجلس المكلفة بهذا الملف، أن هذه الخطوة تم اتخاذها بعد أن تأخرت نتائج البحث الذي اشتغلت عليه مختبرات الدرك الملكي والشرطة العلمية. وأوضح المصدق في تصريح ل«المساء» أن مختبرات الدرك الملكي تم تزويدها بهذا الغرض بعدد من التجهيزات الخاصة والمتطورة المتعلقة بفحص العظام التي لم تكن تتوفر عليها في السابق كما تم تزويدها بمواد خاصة بتحليل الحمض النووي الADN، وأضاف المصدق أن الهدف من إرسال تلك العينات كدفعة أولى هو تسريع نتائج البحث في أفق طي هذا الملف بالكامل. وكان المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان قد أشرف الأسبوع الماضي بمقبرة سباتة بالدارالبيضاء على عملية استخراج كامل لرفات عبد الحق الرويسي، الذي قتل في أحداث 1964، بحضور أفراد من عائلته والوكيل العام للملك ومختص في الطب الشرعي، واستغرقت العملية أربع ساعات بما فيها عملية نبش القبر وجمع الرفات التي استغرقت لوحدها ساعتين ونصف الساعة، ونقلها إلى مصلحة الطب الشرعي بمستشفى ابن رشد. وحسب أحد أفراد عائلة الرويسي، فإن الأبحاث الأنطروبولوجية التي أجريت على الرفات إبان اكتشافه قبل ثلاث سنوات بمقبرة سباتة بالدارالبيضاء تشير كل الدلائل إلى أنها تعود إلى الضحية في ما يخص الطول واللون والبنية والأوصاف التي قدمتها العائلة، وبقي فقط إجراء تحاليل الحمض النووي. واستنادا إلى المصدر ذاته، فإنه تم العثور، إلى جانب رفات الرويسي، على جثة أخرى مجهولة المصير. وتم بعد ذلك أخذ 7 عينات من رفات المقابر الجماعية، التي تم العثور عليها بكل من الدارالبيضاء والناظور وأكدز، وإخضاعها لتحليل الحمض النووي، لكن لم يعلن إلى حد الآن عن نتائجها. وسبق لهيئة الإنصاف والمصالحة أن أعلنت عن وجود 180 حالة يتعين إخضاعها للبحث الجيني تم العثور عليها بمقابر ثكنة الوقاية المدنية بكل من الدارالبيضاء والناظور أو قرب المعتقلات السرية كأكدز وتازمامارت. ولم يتم التعرف إلى حد الآن سوى على رفات أبو فادي اللبناني الذي جاءت التحاليل إيجابية بشأنه. وفي سياق متصل، ذكرت مصادر مقربة من عائلة محمد بنونة، المعروف بمحمود قائد كومندوس أحداث مكونة الذي قضى في أحداث 1973، أن الدولة الألمانية، التي تحمل زوجته جنسيتها، تستعد للتقدم بطلب إلى المغرب قصد أخذ عينات من رفات الضحية وإجراء البحث الجيني عليه. وحدثت هذه التطورات -يشير المصدر ذاته- بعد أن مر ما يزيد على أشهر عن الوعد الذي قطعه رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان أحمد حرزني لابن الضحية المهدي بنونة، مؤلف كتاب «أبطال بلا مجد»، لما كان في لقاء بجنيف، بالكشف عن نتائج البحث الجيني في يونيو الماضي، لكن مر الموعد المحدد ورغم ذلك لم تتوصل العائلة بأي رد.