سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أعراب: بعض مظاهر المحسوبية والزبونية لازالت حاضرة في انتقاء المرشحين رئيسة الاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة أكدت وجود مقاعد محدودة يتنافس عليها آلاف المرشحين وأن القطاع الخاص يفرض رسوما باهظة
مقاعد محدودة بالمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية، وكلفة مالية باهظة في مؤسسات التكوين التابعة للقطاع الخاص، عائقان أساسيان يجعلان الولوج إلى مهنة الهندسة المعمارية بالمغرب غير متاح للجميع. فالعدد المحدود للمقاعد، خاصة بالنسبة للسنة الأولى بالمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية، والذي لا يتجاوز 80 مقعدا، يشعل الصراع عليها بين آلاف المرشحين، مما يتيح فرصة تسلل بعض المحظوظين الذين يستندون إلى نفوذ أسمائهم العائلية وعلاقات متشعبة تضمن لهم مقاعد على حساب بعض الطلبة المتفوقين، في ضرب لمبدأ تكافؤ الفرص، الذي سارعت عدد من الدول الديمقراطية إلى إقرار وزارة خاصة به. تكافؤ الفرص أيضا يصطدم بحائط آخر وهو الإمكانيات المادية التي يستلزمها الولوج إلى الهندسة، مما يجعل عددا من الطلبة المنتمين للطبقات الفقيرة أو المتوسطة يصرفون النظر عن حلمهم، بعد رفض ملفات ترشيحهم بالمدرسة الوطنية، بحكم أن معاهد التكوين في القطاع الخاص تكلف ما بين 50 و70 ألف درهم، وهي مبالغ ليست في متناول عدد كبير من الأسر المغربية، خاصة في ظل ارتفاع أعباء المعيشة. في هذا الصدد، تؤكد بديعة أعراب، رئيسة الاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة، أن المرور إلى مهنة الهندسة، بغض النظر عن التخصصات، يفرض الخضوع إلى عدد من التصفيات التي «تعصر» المرشح بعد وضع عدد من الانتقاءات من أجل الوصول إلى المدارس التحضيرية، والتي لا يمكن اجتيازها إلا بالنسبة للطلبة المتفوقين جدا، أو من لديهم نفوذ يكسر القاعدة رغم عدم استيفاء الشروط. وأكدت أعراب أن الولوج إلى مجال الهندسة بالمغرب يعيش على وقع عدد من الاختلالات والنواقص، التي يمكن تداركها لو توفرت الإرادة السياسية والتعبئة الجماعية، وذلك بمواجهة ضعف التأطير وضمان مبدأ تكافؤ الفرص وجودة التعليم، مشيرة إلى أن التحفظات المسجلة على التكوين في القطاع الخاص لازالت مطروحة، وقالت: «لسنا ضد القطاع الخاص في مجال الهندسة، بل نحن ضد الإجهاز على قيمة دبلوم المهندس، وتخوفاتنا نابعة من التبخيس الذي تعرض له التعليم في المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية من طرف بعض المتدخلين الخواص». وأشارت أعراب إلى أن بعض مظاهر المحسوبية والزبونية لازالت حاضرة في انتقاء المرشحين، رغم أن حدتها تراجعت مقارنة مع السنوات الماضية، وقالت: «لدى جيلنا سجلنا مثل هذه الممارسات وتساءلنا فعلا، ماذا تفعل بعض الوجوه وكيف تمكنت من الوصول إلى الهندسة؟»، مضيفة أن «عدم توفر الإرادة لدى الدولة من أجل توسيع قاعدة التكوين، وإفساح المجال أمام عدد من الطلبة المتفوقين والمنتمين للطبقة الفقيرة يدفع بهم للقطاع الخاص، خاصة أمام المنحة الهزيلة المقدمة والتي تم تجميدها منذ سنوات». وأكدت أن تكاليف التمدرس مرتفعة، وهو ما يجعل مهنة الهندسة حكرا على أبناء الطبقة الميسورة، فيما يجد الطلبة المنتمون للطبقة المتوسطة والفقيرة أنفسهم عاجزين عن مواجهة أعباء هذه الشعبة، التي تستغرق الدراسة فيها ست سنوات، سيما بالقطاع الخاص الذي يفرض رسوما مكلفة، وتساءلت أعراب عن أسباب تضييق مجال التكوين بالمدارس العمومية، وقالت: «لا أظن أن المغرب لا يتوفر على الكفاءات التي تسمح بذلك». وكان ملف الهندسة المعمارية قد خلق، في وقت سابق، نقاشا ساخنا عرف تجاذبات حادة بين جهات رسمية وهيئات تمثل المهنة، بعد أن دخل القطاع الخاص باستثماراته في هذا المجال تحت ذريعة سد الخصاص المسجل في عدد المهندسين المتخرجين من المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية، وضمان فرص للطلبة المتفوقين، الذين لم يتمكنوا من حجز مقعد للدراسة في مدرسة عمومية، وهو الأمر الذي جعل الهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين بالمغرب تدخل على الخط من أجل إطلاق تحذير صريح من خطر المساس بسمعة دبلوم الهندسة المعمارية وجودة التكوين، غير أن هذه التحذيرات لم تلق آذانا صاغية من طرف وزارة الإسكان على عهد توفيق احجيرة، الذي تذرع بالخصاص المسجل في عدد المهندسين، وتنامي الطلب بفعل تطور قطاع التعمير، قبل أن يشير إلى عزم الوزارة اتخاذ إجراءات لم يحدد طبيعتها وتاريخ تنزيلها من أجل ضمان جودة التكوين، الأمر الذي فسر على أنه محاولة من الدولة للتخلص من الأعباء المالية التي يتطلبها تكوين المهندسين بإلقاء الكرة في ملعب القطاع الخاص، ووضع حواجز حقيقية تحول دون تمكين الطلبة المنتمين للشرائح الفقيرة من الوصل إلى هذه المهنة.