هل ثمة حملة غير معلنة تستهدف إبعاد عدد من المسؤولين المدنيين والعسكريين من أصول صحراوية عن دوائر القرار؟ بداية الحملة أطلقتها القوات المسلحة الملكية من خلال قرارين متتاليين قاضيين بإحالة العقيد بابيا الخرشي، الذي كان مسؤولا عن وحدات عسكرية رابضة ب«الكلتة»، على الإدارة العسكرية بالعيون، تلاه قرار مماثل بإحالة العقيد بلمحجوب على نفس المصلحة. إبعاد هذين المسؤولين لم تنشر بخصوصهما أية توضيحات من القيادة العامة للقوات المسلحة، حيث اتخذا على إثر لجنة تفتيش من المكتب الخامس حلت بالمنطقة وأنجزت تقريرا سريا تم رفعه إلى الدوائر العليا. لكن الغريب في الأمر أن المسؤولين العسكريين ينحدران من قبيلة أيت توسا التابعة لإقليم أسا، وهي القبيلة ذاتها التي ينحدر منها أحمد لخريف كاتب الدولة في الخارجية الذي تمت إقالته مؤخرا بدعوى أنه حصل على الجنسية الإسبانية، علما بأنه ليس الوحيد من المسؤولين الذين حصلوا على هذه الجنسية. ويطرح توقيت إعلان إعفاء لخريف من مهامه، الذي تم اتخاذه أياما فقط بعد عودة الملك محمد السادس من عطلته السنوية، أكثر من علامات استفهام، وما إذا كانت لها علاقة بتداعيات الصراع الدائر ما بين فؤاد عالي الهمة، صاحب حزب الأصالة والمعاصرة، وما بين خليهن ولد الرشيد رئيس المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية «الكوركاس»، حيث تتحدث عدد من المصادر الصحراوية عن العلاقة المتوترة ما بين ولد الرشيد والهمة بسبب اللقاء الذي عقده هذا الأخير بالعيون في إطار الاستعدادات التي كان يجريها لتشكيل حزب الأصالة والمعاصرة، واعتماده على شخصية صحراوية تنتمي إلى نفس القبيلة التي ينحدر منها ولد الرشيد، حيث يتعلق الأمر بمحمد الشيخ الذي كان ينتمي إلى الحزب الوطني الديمقراطي. وسبب هذا التساؤل يرجع إلى كون احمد لخريف، الذي تقلد منصب كاتب الدولة في الخارجية تحت عباءة حزب الاستقلال، يعد محسوبا على جناح ولد الرشيد بالمنطقة. مصادر استقلالية لم تخف وجود خلاف شديد بين الرجلين، لكنها رفضت بالمقابل أن تربطه بإقالة لخريف المفاجئة، مفضلة اعتماد الرواية الرسمية التي ربطت الإقالة بكون المسؤولية التي يتقلدها ترتبط بوزارة السيادة التي ينبغي ألا تسند إلى شخص حاصل على جنسية أخرى غير المغربية. التهم الخفية التي توجه إلى هؤلاء المسؤولين بكونهم لهم صلات بعناصر من البوليساريو فندتها جملة وتفصيلا مصادر من هؤلاء، حيث ربطت المصادر ذاتها اللقاءات التي عقدها لخريف بعناصر البوليساريو عندما كان مكلفا بلجنة تحديد الهوية التي كانت تشرف عليها بعثة المينورسو، حيث كان يمثل الطرف المغربي في هذه العملية أحمد لخريف باعتباره أحد وجهاء القبائل الصحراوية. وخلال هذه العملية، قام بعدة زيارات لمخيمات تندوف. وحول طبيعة العلاقة السائدة ما بين لخريف والعناصر المحسوبة على البوليساريو، نفت المصادر ذاتها أن يكون هذا الأخير كان يكن لهم أي تعاطف، حيث كانت العلاقة بينه وبينهم متوترة باعتباره، إلى جانب عدد من الوجهاء بالمنطقة، ينظر إليهم على أنهم من رجالات المخزن.