خبراء يكشفون دلالات زيارة الرئيس الصيني للمغرب ويؤكدون اقتراب بكين من الاعتراف بمغربية الصحراء    تخليد الذكرى ال 60 لتشييد المسجد الكبير بدكار السنغالية    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    موتسيبي: "فخور للغاية" بدور المغرب في تطور كرة القدم بإفريقيا    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    قلق متزايد بشأن مصير الكاتب بوعلام صنصال بعد توقيفه في الجزائر    الموت يفجع الفنانة المصرية مي عزالدين    عندما تتطاول الظلال على الأهرام: عبث تنظيم الصحافة الرياضية        طقس السبت.. بارد في المرتفعات وهبات ريال قوية بالجنوب وسوس    كيوسك السبت | تقرير يكشف تعرض 4535 امرأة للعنف خلال سنة واحدة فقط    وسيط المملكة يستضيف لأول مرة اجتماعات مجلس إدارة المعهد الدولي للأمبودسمان    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    غارات إسرائيلية تخلف 19 قتيلا في غزة    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    ضمنهم موظفين.. اعتقال 22 شخصاً متورطين في شبكة تزوير وثائق تعشير سيارات مسروقة    موكوينا: سيطرنا على "مباراة الديربي"    موتسيبي يتوقع نجاح "كان السيدات"    مهرجان "أجيال" بالدوحة يقرب الجمهور من أجواء أفلام "صنع في المغرب"    الصويرة تستضيف اليوم الوطني السادس لفائدة النزيلات    الرئيس الصيني يضع المغرب على قائمة الشركاء الاستراتيجيين    افتتاح أول مصنع لمجموعة MP Industry في طنجة المتوسط    صادرات الصناعة التقليدية تتجاوز 922 مليون درهم وأمريكا تزيح أوروبا من الصدارة        خبراء: التعاون الأمني المغربي الإسباني يصد التهديد الإرهابي بضفتي المتوسط    الإكوادور تغلق "ممثلية البوليساريو".. وتطالب الانفصاليين بمغادرة البلاد    حكيمي لن يغادر حديقة الأمراء    المغرب التطواني يُخصص منحة مالية للاعبيه للفوز على اتحاد طنجة    المحكمة توزع 12 سنة سجنا على المتهمين في قضية التحرش بفتاة في طنجة    من العاصمة .. إخفاقات الحكومة وخطاياها    مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"        "أطاك": اعتقال مناهضي التطبيع يجسد خنقا لحرية التعبير وتضييقا للأصوات المعارضة    مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    كينونة البشر ووجود الأشياء    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اتهامات لعم الوزير نزار البركة باستغلال النفوذ «للسيطرة» على أملاك عمومية
لجنة تقييم «تزوّر» الحقائق وتقدّر ثمن ثلاثة منازل ب6 ملايين سنتيم ومرافق جماعية تبنى داخل عقارات خاصة
نشر في المساء يوم 15 - 02 - 2013

تحرّكت المياه الراكدة في مركز مولاي عبد السلام بن مشيش، الذي يجذب عشرات آلاف الزوار سنويا، لتكشف اتهامات لنقيب الشّرفاء العلميين في المنطقة، والذي ليس غيرَ
عبد الهادي بركة، عم وزير المالية نزار بركة، باستغلال نفوذه من أجل بسط سيطرته على عدد من ممتلكات الجماعة، القليلة أصلا، والعمل بتواطؤ مع السلطات المحلية على بناء مرافق أخرى داخل أرض مملوكة لعائلته.
القضية لا تزال في بداياتها، وتكشف «المساء»، من خلال هذا التحقيق التفاصيل الكاملة للنزاع الذي جعل جماعة «تزروت» تشقّ عصا الطاعة على الرجل النافذ في المنطقة، والذي كانت مكالماته الهاتفية كفيلة بجعل أثمنة مبانٍ سكنية تتهاوى بشكل دراميّ وتدفع عمالة الإقليم إلى غضّ الطرف عن خرق القانون.
يختلط في القضية النفوذ السياسي بالبُعد الدينيّ والرمزي، وتتشابك فيها خيوط المصالح المُشترَكة والشخصية لعدة أطراف، جعلت الجماعة القروية الفقيرة تعاني في سبيل استرداد ما سُلب منها بطرق ملتوية، وتلجأ إلى القضاء من أجل وضع حد للمشاكل العالقة..
رغم استقبالها عشرات ألوف الزائرين سنويا، والذين يحجّون إلى ترابها للتمتع بمناظرها الطبيعية الساحرة، أو لزيارة ضريح مولاي عبد السلام بن مشيش، فإن جماعة «تزروت» القروية، التابعة لإقليم العرائش، تعيش وضعية هشاشة حقيقية، تطال ساكنتها التي يُقدّر عددها بستة آلاف نسمة.
وتقدّر الإحصائيات الرسمية عدد الزوار الذين يتوافدون على المنطقة في فاتح يوليوز من كل سنة، بمناسبة «موسم الوليّ الصالح» عبد السلام ابن مشيش، الذي ينتصب ضريحه فوق قمة شاهقة تعلو سطح البحر بنحو 1400 متر (تقدّره) بنحو 50 ألف زائر، ويرتفع العدد الإجماليّ للزوار إلى أزيدَ من 200 ألف زائر سنويا، يندرجون تحت مسميات السياحة الجبلية حينا، والدينية في غالب الأحيان.
لكنْ بقدْر ما تبهر القادمَ إلى المنطقة مؤهلاتُها الطبيعية الكبيرة، بقدْر ما يُلفت نظرَه غياب شبه تام للبنية التحتية المُعدّة لاستقبال المتوافدين عليها، سواء تعلق الأمر بمَرافق الإطعام أو الإيواء أو بالمرافق الصحية والسياحية الأخرى، رغم بعض المبادرات التي حاولت استثمار المكانة السياحية للمنطقة.
ويميز جماعة تزروت، فضلا على موقعها الإستراتيجيّ بين مدن طنجة وتطوان والعرائش وشفشاون، انتماءُ معظم سكان المنطقة إلى فئة «الشّرفاء»، الذين يرتفع نسبهم إلى الرسول (ص). لكنّ هذا الانتماء، الذي يضمن لهم بعض «الامتيازات»، من قبيل الهِبات الملكية التي يتوصل بها نقباؤهم ويتم توزيعها عليهم، يحمل في ذاته بذورَ عرقلة لأي تطور قد يهمّ المنطقة.
وتعيش الجماعة فصولَ نزاع متجدد ومتطور، يمثل طرفَه الثاني عبد الهادي بركة، نقيب الشرفاء العلميين في المنطقة، وعمّ وزير الاقتصاد والمالية نزار بركة، والذي تتهمه الجماعة بالاستيلاء على ثلاث دور سكنية تابعة للجماعة وعدم سداد المستحقات المالية المترتبة عن كرائه لها منذ سنوات طويلة، فضلا على «استغلال نفوذه» من أجل بناء مرافق تابعة للجماعة على أرض ورثة والده، الذين يمثلهم.
منازل مكتراة
تقع المنازل الثلاثة المملوكة لجماعة «تزروت» على أرض قبالة مبنى الجماعة، مساحة كل واحد منها 80 مترا، وتتشكل من طابق واحد أرضيّ، شُيّدت بمواد البناء العصرية، واتخذ اثنان منها اليوم حلة جميلة، بعد إدخال إصلاحات عليها، وإلى جوارها تقع أرض محاطة بسور، مملوكة لعائلة بركة، ويقع داخلها منزل النقيب عبد الهادي بركة.
كان منزلان من المنازل الثلاثة مُكترَيَين منذ سنة 1987 من طرف حسن بركة، والد وزير الاقتصاد والمالية نزار بركة، والذي حرص طيلة 16 سنة -إلى حين وفاته سنة 2003- على أداء المُستحَقات المالية للجماعة بشكل منتظم، وتوصل المجلس الجماعي بشيك يتضمن المُستحَقات المتبقية في ذمته بعد وفاته، من طرف محامي ورثته، وطلباً بفسخ عقد الكراء وتسليم مفاتيح المنزلين، وهو العقد الذي كان مسجلا باسمه شخصيا وليس بصفته نقيبا للشرفاء العلميين.
أما المنزل الثالث فقد كان موضوعا من طرف الجماعة رهن إشارة مندوبية الصحة في الجماعة، إلى حين تسلّمِها البناية الجديدة للمستوصف، غير أن المجلس الجماعي لم يتسلم المفاتيح، كما كان مفترضا، بل تسلمها عبد الهادي بركة، وضم المنزل الثالث، بدون عقد قانونيّ، إلى المنزلين الذين كان يكتريهما أخوه المتوفى، وأرسل «إخبارا» بذلك إلى المجلس الجماعيّ، مطالبا بتسلم الوصولات الكرائية المتعلقة بها بالقياس على المنزلين المجاورين.
وأمام إصرار الجماعة على استرجاع المنزل، الذي كان رهن إشارة مندوبية وزارة الصحة، والضغط الذي مارسه نقيب الشّرفاء العلميين، توصل الجميع إلى تسوية تقضي بتوقيع عقود كراء جديدة خاصة بالمنازل الثلاثة ابتداء من شهر يوليوز سنة 2004، حدّدت السومة الكرائية لكل منزل في 200 درهم، لكنّ هذا الحل كان بداية لمشاكل أخرى لم تعرف طريقتَها إلى الحلّ حتى اليوم..
مستحقات ضائعة
بعد انتخاب مجلس جماعيّ جديد، عقب الانتخابات الجماعية لسنة 2009، كانت عقود الكراء قد تجددت بشكل تلقائي قبيل الحملات الانتخابية، وأرسل بذلك عدة مراسلات إلى نقيب الشرفاء العلميين، من أجل تسوية الوضعية المالية وأداء الديون المُستحَقة عليه من طرف الجماعة، والتي تراكمت بفعل إعراضه عن أداء ما في ذمته من مستحقات مالية. وأمام إعراض عبد الهادي بركة عن الإجابة على مطابات المجلس الجماعيّ، اتخذ المجلس الإجراءات اللازمة لمباشرة الاقتطاعات بشكل مباشر، عبر القباضة الجماعية في العرائش.
شكل الاقتطاع تحدّيا غيرَ مسبوق بالنسبة إلى نقيب الشرفاء العلميين، والذي ظل لسنوات طويلة صاحب كلمة «لا يجرؤ» أحد على ردّها، وزاد من ذلك توصله بمراسلة جديدة من قِبل المجلس الجماعي، لمطالبته بأداء مبلغ 21040 درهما، تراكمت عليه لفائدة الجماعة، وفق ما يشير إليه الاستدعاء الموقع من طرف رئيس الجماعة في شهر ماي من سنة 2011. وبلغت الديون في شهر ماي من سنة 2012 نحو 3 ملايين سنتيم، كما تُبيِّن الشهادة الإدارية المُوقَّعة من وكيل المداخيل في الجماعة.
في أثناء ذلك، فوجئ أعضاء المجلس الجماعي ل«تزروت»، في شهر يونيو من سنة 2010، بسلسلة إصلاحات تشرف عليها المندوبية الإقليمية للإنعاش الوطني في العرائش، في المنزلين المُكترَيَيْن دون إذن من المجلس، كما ينصّ على ذلك القانون، وبدون معرفة طبيعة الإصلاحات ولا الجهة التي رخّصت بها، فيما ظهر بعدُ ذلك أنّ الأمر يتعلق بتدخلات وتعليمات شفهية، دارت فيها الهواتف بين مسؤول إقليمي كبير في العرائش حينها وبين المندوب الإقليميّ للإنعاش الوطني، ونقيب الشرفاء العلميين.
تفويت بالتراضي
أمام رفض عبد الهادي بركة أداءَ المُستحقات المالية للجماعة، اقترح عامل إقليم العرائش، حينها، على المجلس الجماعيّ تفويتَ المنازل الثلاثة لفائدة المكتري، وهو الحلّ الذي بدا معقولا للمجلس الجماعي، لأنه يضمن إمكانية تحصيل مبالغ مالية تستثمرها الجماعة في مشاريع أخرى.. وبناء على ذلك، تقدَّم نقيب الشرفاء العلميين، بصفته النقابية، بطلب لتفويت المباني الثلاثة له في فاتح يوليوز سنة 2010.
وتحدّث الطلب عن تفويت «بالتراضي»، وليس عن طريق طلب عروض، من أجل أغراض ومنافع وأنشطة عامة يتميز بها مركز مولاي عبد السلام بن مشيش، خاصة أثناء تنظيم مجموعة من المناسبات الدينية والوطنية والتظاهرات المحلية في مقر زاوية نقابة الشرفاء العلميين. وذكر طلب التفويت أنه سيتم استغلال المنازل الثلاثة كمبانٍ للضيافة واستقبال الوفود التي تتقاطر على الضريح في موسم ذكرى فاتح يوليوز وغيرها.
وافق المجلس الجماعيّ، في دورته العادية لشهر يوليوز 2010، على الطلب، ووجّه بذلك مراسلة إلى سلطة الوصاية، ممثلة في عامل إقليم العرائش، من أجل إكمال الإجراءات القانونية لعملية التفويت. وبعد توفير الجماعة معظمَ الوثائق المرتبطة بها، كان من اللازم أن تحضر لجنة للمعاينة إلى المنازل الثلاثة، قصد تقييمها وتقدير قيمتها المالية.
غير أن رئيس المجلس الجماعي ل»تزروت» فوجئ، في هذه الأثناء، بمكالمة هاتفية من عامل إقليم العرائش. استمعت «المساء» إلى تسجيل لها، يخبره فيها العامل أنه تلقى مكالمة هاتفية من نقيب الشرفاء العلميين، يطالبه فيها بتحديد ثمن «مناسب» للمنازل الثلاثة المراد تفويتها له، لكنّ رئيس المجلس صُدم، عند لقائه بالعامل، بأنّ الثمن «المناسب» لا يتعدى في نظره 5000 درهم للمسكن الواحد، وهو ما رفضه الرئيس، وطالب بترك الأمر للجنة المعاينة.
وبعد تخلف أغلب أعضاء اللجنة المكلفة بالمعاينة عن الحضور في أول تاريخ مُحدَّد للزيارة والمعاينة، أعادت الجماعة طلب حضور اللجنة على السلطات المحلية، وهو ما تم بتاريخ 11 ماي سنة 2011، مع تسجيل حضور أطراف ليست لها علاقة قانونية بعمليات المعاينة قصد التفويت، بينها ممثلون عن مديريتي «الفلاحة» و»التجهيز والنقل» ونظارة الأوقاف.
المُعايَنة «العجيبة»
جاء محضر لجنة المعاينة، بدوره، «صادما»، وتضمّن مجموعة من الاختلالات والتوصيفات الغريبة، حيث نصّ على اعتبار المساكن «قديمة» بالنظر إلى فترة بنائها، في ثمانينيات القرن الماضي من مواد تقليدية، كالحجر والطوب، وهو ما يخالف الواقع، حيث استُعمِلت في البناء القائم مواد البناء العصريّ، واستندت اللجنة، وفق المحضر، الذي تتوفر «المساء» على نسخة منه، في تحديد قيمتها المالية وفق حالة الاهتراء والتلاشي التي كانت عليها قبل عملية الإصلاح، وفق الطلب المُقدَّم من طرف النقيب في شهر يوليوز 2010، وهو ما يعني عمليا أن اللجنة أثبتت في محضرها أنّ ما عاينته هو حال البناية قبل 10 أشهر من حضورها، في غياب تامّ لمنطق المُعايَنة وتزويرٍ للحقائق على الأرض..
واصل المحضر تسجيل المعطيات «المغلوطة» عندما اعتبر أنّ اللجنة أخذت بعين الاعتبار أنّ الإصلاحات التي أجريت في البنايات، وحوّلت اثنين منها إلى بنايتين عصريتين متميزتين عن كل ما يحيط بها من مبانٍ، تحمّل مصاريفَها المكتري على نفقته الخاصة، وفي ظروف استثنائية مرتبطة بالتهييئ للزيارة الملكية المرتقبة حينها، علما أنّ الزيارة كانت مجرّدَ إشاعات لم تتحقق على أرض الواقع. كما أثبتت مذكرة إخبارية لوزارة الداخلية، تمتلك «المساء» نسخة منها، أن عمليات الإصلاح أشرفت عليها المندوبية الإقليمية للإنعاش الوطني في العرائش، وهو ما أكده نقيب الشرفاء العلميين نفسُه في بيان حقيقة حول الموضوع.
كلّفت الإصلاحات التي قام بها «الإنعاش الوطني» في المنزل المذكورين مبلغ 50 مليون سنتيم، وفق ما يؤكد رئيس المجلس الجماعيّ في مراسلة لوزارة الداخلية في الموضوع، كما سبق للمجلس أن راسل مندوبية الإنعاش الوطني لمعرفة أسباب الإصلاحات والجهة التي رخّصت بها، والتي أعطت الأمر بتنفيذها وعدم احترامها الجوانب القانونية المتعلقة بالعملية، لكنّ رئيس المجلس تلقى، بدلا من ذلك، وعودا بعمليات تشجير للساحات القريبة من الضريح، في المكالمة الهاتفية سالفة الذكر، بين عامل الإقليم ورئيس المجلس الجماعيّ، وهي الوعود التي لم تطبَّق على أرض الواقع.
وبناء على كل المعطيات السابقة، والمليئة بتحريف الحقائق، اقترحت لجنة المعاينة تحديد مبلغ مليونَي سنتيم لكل منزل، بما مجموعه ستة ملايين سنتيم، مقابل 3 منازل، مساحة كل واحد منها 80 مترا مربعا، وهو المحضر الذي وقع عليه 7 من أصل ثمانية من أعضاء اللجنة، فيما امتنع رئيس المجلس الجماعي عن التوقيع، ليتم «طمس» المحضر ومحاولة التستر على العملية برُمتها، بينما دفع المجلس الجماعي ضريبة رفضه المساهمة في العملية «المشبوهة»، وفق ما صرّح به رئيسه.
الغياب والعقاب
أمام «الصدمة» إزاء المبلغ الذي حددته اللجنة في محضرها، قرّر المجلس الجماعي عقد دورة استثنائية في نهاية شهر ماي 2011، لمناقشة المرجعية التي اعتمدت عليها اللجنة في المبلغ «الهزيل» الذي حددته ثمنا للمنازل، لكنّ سلطة الوصاية كانت قد اتخذت قرار «قطع حبل التعامل مع الجماعة»، وفق ما يؤكد رئيسها، حيث تغيّب قائد قيادة بني عروس، والتي تضمّ جماعتي بني عروس وتزروت، عن حضور أشغال الدورة الاستثنائية، وهو ما جعلها لاغية بقوة القانون، رغم تلقيه مراسلة من المجلس قبل انعقاد الدورة بأزيدَ من 10 أيام، دون إبداء أسباب لذلك.
وبعد تغيب القائد المذكور ، مرة أخرى، عن حضور الجلسة الثانية من الدورة الاستثنائية، رغم حضور 12 من أصل 13 عضوا مرتين في ظرف 4 أيام، اضطرّ المجلس إلى مراسلة عامل إقليم العرائش، قصد التدخل لمساءلة القائد عن سبب الغياب ومقاطعة أشغال الدورة، وتسبّبه في إلغائها لمرتين متتاليتين..
وفي الموضوع نفسه، راسل المجلس وزارة الداخلية مرتين بين شهرَي ماي ويونيو من سنة 2011، مطالبا بإيفاد لجنة مركزية للتحقيق مع قائد بني عروس، الذي اتهمه المجلس ب»تزوير الوقائع والضغط على أعضاء اللجنة من أجل تزوير القيمة الحقيقية للمنازل وتعمّد عرقلة أشغال دورات المجلس وإهانة مستشارين جماعيين» وغير ذلك.. لكن القرارات التأديبية لم تصدُر في حق القائد إلا بعد تعيين عامل جديد للإقليم.
وبعد وصول إمكانية «التفويت بالتراضي» إلى باب مسدود، وبعد محاولات التزوير والاحتيال، التي تدخلت فيها أطراف عدة، لتمكين نقيب الشرفاء العلميين من الحصول على المنازل بثمن بخس، اتخذ المجلس قرارا جديدا بالتراجع عن عملية التفويت، في دورته العادية لشهر يوليوز من سنة 2012.
كما اتخذ المجلس قرار رفع دعوى قضائية ضد عبد الهادي بركة، يطالبه فيها بإخلاء الدور السكنية، نظرا إلى امتناعه لمدة طويلة عن أداء المستحقات المالية واستنفاد الجماعة كافة الطرق الأخرى، الحبّية أو عن طريق الإنذارات الرسمية، للمعنيّ بالأمر.
لجنة تحرّيات
بعد المراسلات المتكررة التي أرسلها المجلس الجماعيّ ل»تزروت» إلى وزارة الداخلية، تحركت هذه الأخيرة في شهر نونبر الماضي، وقامت بإيفاد لجنة تحقيق في خروقات قائد قيادة بني عروس، بناء على اتهامه بالتواطؤ مع عبد الهادي بركة، بالتأثير على أعضاء لجنة تقييم المنازل السكنية لتزوير القيمة الحقيقية للمباني، وغيرها من الخروقات التي شابت عمله خلال السنوات الأخيرة، والتي عوقب بسببها بإعفائه من مهامه على رأس جماعة تزروت، علما أن قرار تكليفه يشمل جماعتي بني عروس وتزروت.
ويؤكد أحمد الوهابي، رئيس المجلس الجماعي لتزروت، أنّ القرار «بالقدْر الذي خلّف ارتياحا لدى الجماعة، نظرا إلى «السجل الأسود» للقائد المذكور في التعامل معها، وتسببه في عرقلة مصالح ساكنيها، فإنه خلّف حالة فراغ قانونية، نظرا إلى غياب ممثل السلطة المحلية عن الجماعة، باستثناء الخليفة الذي يقوم مقامه، لكنه يفتقر إلى الصفة القانونية التي تخوّل له أداء بعض المهام».
تربط القائدَ الموقوف حاليا عن مهامه في جماعة تزروت بعبد الهادي بركة علاقة وثيقة، لكون هذا الأخير -فضلا عن ترأسه نقابة الشرفاء العلميين- يرأس الجماعة القروية لبني عروس. كما أظهرت معطيات حصلت عليها «المساء» أنّ والد القائد استفاد من رحلة حجّ في إطار «الكوطا» الممنوحة للشرفاء، والتي توضع رهن إشارة بركة كل سنة.
من جهة ثانية، أظهر تقرير خبرة، أنجزه مهندسُ دولة خبير محلف لدى المحاكم، أنّ القيمة المالية للمنازل الثلاثة تصل إلى 240 ألف درهم للمنزل الواحد، أي ما مجموعه 72 مليون سنتيم، بدون احتساب الوعاء العقاريّ، أي ما يعادل 3 آلاف درهم لكل متر مربع من البناء المغطى بسقف إسمنتي.
ورغم جهود الوساطة، التي يقودها والي جهة طنجة تطوان وعامل الإقليم بين نقيب الشرفاء العلميين والمجلس الجماعيّ لتزروت وتأجيل المحاكمة من طرف محامي الجماعة، من أجل إعطاء فرصة لعبد الهادي بركة لأداء ما عليه من ديون، فإن القضية لم تعرف طريقها إلى الحل، بل انضافت إليها قضية أخرى أكثرُ تعقيدا، تتعلق ببناء ممتلكات جماعية على أرض خاصة، في الوقت الذي يتجه المجلس إلى طلب تحكيم رئيس الحكومة، من أجل وضع حد لما يقول إنه «شطط في استعمال السلطة وتواطؤ على التزوير، واستيلاء على ممتلكات عامة»..
دار الضيافة
في إطار برنامج تأهيل مركز مولاي عبد السلام بن مشيش، من أجل تجهيزه لاستقبال الأعداد الغفيرة من الزوار، وقع المجلس الجماعي لتزروت، رفقة أطراف متدخلة عدة شراكة من أجل إنجاز الشطر الأول من عملية الإصلاح في شهر أبريل 2006، وبدأت عمليات الإنجاز الفعليّ في سنة 2009 لِما يُفترض أنه دار ضيافة ومرافق صحية تابعة للجماعة، على وعاء عقاريّ عمومي، من أجل تحقيق المنفعة العامة.
لكن ما تم على أرض الواقع كان خلاف ذلك، حيث أدت «التدخلات» و»العلاقات» إلى الشروع في عملية البناء داخل وعاء عقاري خاص، في ملكية عائلة بركة، الذين يمثلهم نقيب الشرفاء العلميين عبد الهادي بركة، بعيدا عن المكان المقرر مبدئيا لعملية البناء، وهو ما جعل الوضعية القانونية للبنايتين غير سليمة.
وكان من المقرر إنجاز دار الضيافة في المكان المسمى «عين القشور»، في مدخل مركز مولاي عبد السلام، على وعاء عقاري تابع للملك العام، على أن تحتوي دار الضيافة «مأوى سياحيا» تابعا للجماعة، وفقا لما اتفق عليه في الاجتماع المخصص لذلك، غير أنه تم تغيير الموقع دون إنجاز محضر ثان قانوني، يلغي الموقع الأول ويوضح المعايير التي اعتمد عليها قرار تغيير المكان.
وشرعت المصالح التابعة لمندوبية الإنعاش الوطني، بالتنسيق مع عمالة إقليم العرائش، في إنجاز عمليات البناء داخل الأرض الخاصة المذكورة دون إجراء أي تسوية للوضعية مع مالكيها، وهو ما كان يعني عمليا ضياع حقوق الجماعة في الاستفادة من المرافق التابعة لها، ويطرح من جهة أخرى سؤال العلاقة بين العامل السابق للعرائش وعبد الهادي بركة ومندوب الإنعاش الوطني بالإقليم.
لم يكتف المشروع بعلله القانونية الصارخة، بل انضافت إلى ذلك علل قانونية وتقنية عند عملية البناء، حيث شُرع في عملية التشييد دون وجود دراسة تقنية له أو أي تصميم هندسي، كما لم يكلَّف أي مكتب للدراسات بمواكبة الأشغال وتحليل التربة على موقع البناء، وغير ذلك من الإجراءات المتبعة في عمليات التشييد.
فوجئت الجماعة، التي لم تعط رخصة بالبناء، بإنشاء مبنى «دار الضيافة» على التربة مباشرة، ومن دون حفر الأساسات وإنشاء الجدران والسقف ، في مخالفة صريحة للقوانين المنظمة في مجال البناء والتعمير. كما أن المشروع تم بعيدا عن أي طلب عروض أو سمسرة عمومية، كما تنص على ذلك القواعد المعتمدة في إبرام الصفقات العمومية.
ولا يعرف إلى حد الساعة المقاولة التي أنجزت أشغال البناء الخاصة بالأعمدة الإسمنتية والتسقيف ولا الكلفة المالية لها، بسبب التكتم الشديد الذي تفرضه مصالح عمالة العرائش ومندوبية الإنعاش الوطني فيها، وبقي البناء قائما على حاله المذكور دون استكماله، بسبب نفاد الاعتمادات المالية، وهو ما اضطرّ المسؤولين الإقليميين إلى البحث عن مصدر ثان لتمويل باقي الأشغال.
أشغال تكميلية
أسند إنجاز الأشغال التكميلية في دار الضيافة إلى إحدى المقاولات، دون علم المجلس الجماعي أيضا، بتكليف مباشر من عامل الإقليم السابق، وباشرت المقاولة عمليات التزليج ونجارة الألمنيوم وتركيب الأبواب والنوافذ والصباغة وتزفيت السطح.. ليتبين بعد انتهاء الأشغال أنّ الغموض يلف الصفقة برمتها من كل جهة..
فقد كان من المفترض تمويل القيمة المالية لإنجاز الأشغال من الاعتمادات المرصودة لتأهيل المركز، وهو ما لم يتم لأسباب مجهولة، فيما أدلت المقاولة التي أنجزت الأشغال التكميلية بشهادة تثبت أنها لا تزال مدينة لعمالة العرائش بما يزيد على 90 مليون سنتيم، ظلت عالقة بعد تغيير عامل الإقليم، عن الأشغال، التي أنجِزت بأمر من العامل السابق وكافة المسؤولين التقنيين والإداريين في العمالة، والذين رافقوه خلال زياراته المتكررة لموقع البناء.
وبعد انتهاء الأشغال في دار الضيافة، المقرر لها استقبال كبار الضيوف المتوافدين على المركز، بمن فيهم الحاجب الملكي، الذي يحمل الهِبات الملكية إلى المنطقة، اتضح أنّ هناك «عيوبا» خطيرة تشمل البناء بالكامل، ففضلا على ضعف أساسات للبناء، فقد بُنيّ سقفه بطريقة غريبة، جعلت المياه تتجمع عليه بشكل مستمر ولمدة طويلة بعد التساقطات المطرية، رغم محاولات «الترقيع» التي أجريت في ما بعد. كما ظهرت تشققات على الجدران، وتساقطت بعض قطع التزيين الموضوعة عليها من الحجارة المزخرفة، وظهر تقوّس سقف البناية بشكل خطير، كما تستمر المياه في التسرب نحو داخل البناية طيلة فترة تواجد المياه على السطح..
استدعى المجلس الجماعيّ مكتبا للدراسات من أجل وضع تقرير للخبرة حول البناء الذي أصبح قيد الاستعمال، وجاء التقرير ليؤكد العيوب الخطيرة في البناء، الذي أصبح متهالكا بعد أشهر قليلة من تشييده، وبشكل يمثل تهديدا مُحتمَلا لسلامة الوفود والضيوف الذين شُيّد البناء من أجل استقبالهم.
مرافق صحية
في إطار اتفاقية الشراكة المتعلقة بإنجاز الشطر الأول من مشروع تأهيل مركز مولاي عبد السلام، تقرر بناء مرافق صحية تابعة للجماعة، وهي الاتفاقية التي تحمل توقيع أطراف عدة، بينها نقيب الشرفاء العلميين، عبد الهادي بركة، رغم أنّ صفته هذه لا تخوّل له التوقيع على مثل هذه الشراكات، وفق نص الظهير الذي يحدد مهامه، والتي تقتصر على تسليم شهادة الأنساب التي تثبت الانتماء إلى النسب الشريف، مما يمثل في نظر المجلس الجماعي استغلالا لظهير ملكيّ بدون وجه حق وتطاولا على اختصاصات المجلس.
وكما هو الشأن بالنسبة إلى دار الضيافة، تحولت المرافق العمومية -بقدرة قادر- من الأراضي الجماعية الشاسعة إلى داخل الملكية الخاصة لعبد الهادي بركة دون إجراء أي تسوية قبلية للوعاء العقاري مع مالكيه الخواص، ما طرح إشكالية قانونية جديدة حول تسلم وتسيير المرفق من طرف الجماعة، كما هو منصوص عليه في الشراكة.
تمثل المرافق الصحية، في وضعها الحالي، عبئا على الجماعة أكثر مما تُقدّم حلولا لإشكالية غياب المرافق الصحية عن المركز، حيث يجد الضيوف المتوافدون على المركز أنفسهم أمام حلول ترقيعية بدائية، فيما تمنع الوضعية الراهنة المجلس الجماعي من تسلم البناية وتسييرها، حتى تقوم السلطات الوصية بحل الإشكالات القانونية التي تحيط بها.
كانت البنايتان موضوع مراسلة من طرف المجلس الجماعي لتزروت إلى وزير الداخلية منذ شهر دجنبر من السنة الماضية، لكنّ المجلس لم يتلق أي جواب في الموضوع إلى حد الساعة، ويخشى أعضاء المجلس أن تتحوّل البنايات العمومية إلى ملك خاص يتقاسمه ورثة صاحب الأرض في ما بينهم، ويطالب المجلس وزارة الداخلية بالعمل على إيجاد صيغة قانونية لاستفادة الجماعة وعموم المواطنين من البنايات المذكورة.
يتهم المجلس عبد الهادي بركة باستغلال نفوذه الذي يستمده من علاقته بابن أخيه نزار بركة وزير المالية، ومن تحالفه مع شبكة فساد إداريّ يتم من خلالها تبادل المصالح الخاصة والشخصية للمعنيين، من خلال إهدار المال العام وخرق قوانين البناء والتعمير والصفقات العمومية والترامي على الاختصاصات القانونية للمجلس، وفق المراسلة التي توصل بها وزير الداخلية في الموضوع.
بركة ينفي
من جانبه، ينفي عبد الهادي بركة، نقيب الشرفاء العلميين، كل الاتهامات الموجهة له من طرف المجلس ويقول «إنّ الدور موضوع المقال كانت في حالة مزرية تهدد بالانهيار في أي لحظة، مما حذا به إلى مطالبة رئيس جماعة تزروت بالقيام بإصلاحها وترميمها قبل فوات الأوان بحكم أنه هو الذي يستغلها بموجب عقد كراء .إلا أن رئيس الجماعة لم يستجب لهذا الطلب، متعللا بقلة الموارد المالية للجماعة إن لم يكن انعدامها، مقترحا عليه أن يقوم هو باقتنائها وترميمها، خصوصا أنه يخصصها لاستقبال الضيوف في مواسم الولي الصالح مولاي عبد السلام بنمشيش وفي المنتديات والندوات التي تقام في الضريح»، وفق بيان توضيحيّ توصلت «المساء» بنسخة منه.
ويضيف البيان: «وفي انعقاد اجتماع مجلس الجماعيّ، في إطار أشغال دورته العادية لشهر يوليوز 2010، تم إدراج تفويت هذه الدور في جدول أعمال الدورة. وبعد نقاش شفاف وديمقراطيّ واللجوء إلى عملية التصويت، تمت الموافقة على عملية التفويت بأغلبية 12 صوتا، بما فيها صوت الرئيس ورفض صوت واحد».
وتبعا لإرسالية السيد عامل إقليم العرائش حلت بمركز مولاي عبد السلام لجنة تقويم، مكونة من مسؤولين يمثلون مختلف المصالح المختصة. وبعد معاينة دقيقة للدور والحالة المزرية التي كانت عليها والأخذ بعين الاعتبار عدة معطيات من قبل عدم احتساب ثمن الأرض واستغلالها في استقبال الضيوف أثناء الندوات والمنتديات والتجمعات التي تقام في الضريح، فقد ارتأت لجنة التقييم أن القيمة الحقيقية للدور الثلاث قبل عملية التفويت هي عشرون ألف (20.000) درهم للواحدة، أي ما مجموعه ستون ألف درهم». وبتدخل النقيب لدى وزارة الداخلية، وبالخصوص لدى الوالي المكلف بالإنعاش الوطني، فقد تم تخصيص ميزانية خاصة من لدن الإنعاش الوطني للإصلاح والترميم وجعل تلك الدور في مستوى استقبال الشخصيات الوطنية والدولية أثناء عقد أنشطتهم العلمية في الضريح. وللتذكير فقط فقد تم عقد المنتدى العالمي للمشيشة الشاذلية، والذي حضرته صفوة من العلماء من مختلف القارات. كما تم عقد الجلسة الختامية للندوة العلمية العالمية التي نظمتها جمعية تطاون -أسمير.
ويرى بركة أن «إثارة قضية الدور من طرف رئيس الجماعة وادّعاءاته المُغرّضة، لتعرضه لضغوطات من طرف قائد بني عروس وتوقيف وعرقلة مصالح دائرته، يدشن لحملة انتخابية لتحقيق مصالحه الشخصية الضيقة، وقد تجلى ذلك في انتقالاته من حزب إلى حزب، حسب موقعه في الخريطة السياسية، بدءاً بحزب الاستقلال، عندما كان أمينه العام وزيرا أول، ثم بعد ذلك إلى الأصالة والمعاصرة، عندما كان التهافت على الانخراط في هذا الحزب.. والآن، يصل إلى حزب الحركة الشعبية، والكل يعرفون لماذا.. إنّ مثل هذه الشخصية لا يهمها تحسين جودة الاستقبال في ضريح، بقدْر ما يهمّه ما سيحققه من مصالح خاصة».
وختم بركة بالقول: «إننا لم نفاجأ من تراجعه على عملية التفويت، خصوصا أنه لم يحقق ما كان يطمح إلى تحقيقه من هذه العملية، وسنترك ادّعاء عملية التزوير لمتابعة قضائية ضد رئيس الجماعة».

مركز مولاي عبد السلام .. الاشعاع الديني والتجاذبات السياسية

يتهم رئيس المجلس الجماعي لتزروت نقيبَ الشرفاء العلميين، عبد الهادي بركة، ب»استغلال مكانته الدينية من أجل تصفية حسابات سياسية ضيّقة والحصول على منافع من المال العامّ بدون وجه حق»، حيث يجمع عبد الهادي بركة بين صفته في نقابة الشرفاء ورئاسة المجلس الجماعي لبني عروس، المجاور لجماعة تزروت باسم حزب الاستقلال، الذي يعقد لقاءاته التنظيمية في منزل النقيب، وهو ما قد يشكل استغلال مزدوجا للنفوذ».
ويحظى نقيب الشرفاء بتوصله بهِبات ملكية بشكل موسميّ، يُوزّعها على الشرفاء، غير أن هذا التوزيع لا يخضع لأي معايير واضحة، ما يجعل هذه الهِبات عُرضة للاستغلال السياسي من طرف رئيس جماعة ينتمي إلى حزب سياسيّ ينافس على تدبير الشأن العامّ، وهو ما يؤكد رئيس جماعة تزروت أن الناس يعيشونه مع وصول الهبات الملكية، حيث يتم «التمييز» بين مؤيّدي حزب النقيب ومُعارضيه..
دفعت هذه الاعتبارات عاملَ إقليم العرائش، المُعيَّن مؤخرا، إلى تغيير مكان استقبال الحاجب الملكي، خلال زيارته أول أمس الثلاثاء إلى الجماعة حاملا هبة ملكية بمناسبة ذكرى وفاة الملك الراحل الحسن الثاني، حيث جرى استقباله أمام مبنى الجماعة بحضور أعضائها، بينما كان الاستقبال يتم عادة في منزل عبد الهادي بركة، فضلا على أنّ الهبة سُلمت لهذا الأخير ليُحيلها على ناظر الأوقاف لتوزيعها على الشّرفاء، بدل توزيعها بنفسه، كما كان الأمر في السابق، وهو ما شكّل رسائل قوية لمختلف الأطراف المعنية..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.