في إطار البرنامج العام، الذى أعلن عنه ملتقى الثقافات والفنون بالمحمدية، تَمَّ تنظيم ندوة حول «دور ووظيفة الصفحات والملاحق الثقافية بالجرائد الوطنية»، يوم السبت 02 فبراير 2013، بدار الثقافة بالمحمدية. كان اللقاء فرصةً للاستماع إلى وجهات نظر عدد من المشرفين، والعاملين ببعض الجرائد الوطنية، أو المهتمين بالشأن الثقافي، في علاقته بالإعلام. استنادا ورقة التقديمية، التي اعتبرها مسير اللقاء، محمد خفيفي، ورقة تأطيرية، كونها تضمنت نقطاً هامة، في ما يخص الصفحات والملاحق الثقافية، تناول الكلمة حكيم عنكر عن جريدة «المساء»، الذي توقف عند عمله كصحافي، مع جرد شبه تاريخي للملاحق الثقافية بالجرائد الوطنية انطلاقا من تجربته الشخصية، حيث عرف انتقالات مختلفة، من العمل في جرائد حزبية، ذات توجهات محددة، إلى العمل في الصحافة الخليجية، ثم إلى العمل بالصحافة المستقلة بالمغرب، بما يعنيه هذا من فهم لطبيعة المساحات المتاحة، والمسموح بها، في العمل الصحافي، وفي الصفحات والملاحق الثقافية، بشكل خاص، حسب ما تفرضه سياقات كل طرف من هذه الأطراف المختلفة. وأشار عنكر إلى ما كانت تفرضه الصفحات الحزبية من اختيارات، بما يتفق مع طبيعة توجهاتها الفكرية والسياسية، ومنها بشكل خاص جريدة «المحرر»، «الاتحاد الاشتراكي» لاحقاً، وجريدة «العلم». لكن مع ما جرى من تحولات في الواقع العام بالمغرب مباشرة بعد تجربة التناوب، ستظهر الصحافة المستقلة التي سيكون لها دور مهم في الاهتمام بالشأن الثقافي، وفي وضع اختيارات لا يحكمها إلا الشرط الثقافي، ومن بينها جريدة «المساء»، التي تحررت من الإلزامات الإيديولوجية، في جميع الأحوال. وسيذهب عبد العزيز كوكاس إلى السياق التاريخي الذي أتاح ظهور الصحافة في المغرب، مع دخول المطبعة. وقد كانت الثقافة ضمن اهتمام الصحف والجرائد التي ظهرت في المغرب، حيث توقف كوكاس عند الانتقال الذي حدث بظهور الصحافة المستقلة إلى جانب الجرائد الحزبية، التي كانت تصدر من قبل ملاحق ثقافية لها أهميتها، من بينها ملحق «الميثاق الوطني»، التي، رغم يمينية الحزب الذي تصدر عنه، كان يكتب فيها مثقفون يساريون. وأشار كوكاس إلى أن المثقف العامل بهذه الجرائد كان ينظر إليه باعتباره إعلامياً، مشيراً إلى ما أشار إليه الجابري في بعض كتيباته في الموضوع. أما محمد جليد، عن جريدة «أخبار اليوم»، فقد أشار إلى أن تجربة الملاحق الثقافية بالمغرب تعود في مرجعيتها إلى الصحافة الفرنسية، التي طبعت توجه العمل الصحافي، في اهتمامه بالشأن الثقافي بالمغرب، بخلاف النموذج الأنجلوساكسوني، وخاصة الصحافة الأمريكية، التي كانت تعتبر أن الاهتمام بالثقافة في صفحاتها رهان غير رابح إلى جانب الرهان السياسي والاقتصادي...عكس الصحافة الفرنسية. ونبه جليد إلى كون الصحافة المغربية ما زالت لا تهتم بالفنون المختلفة، في حيزها الثقافي، مثل التشكيل، الموسيقى، المسرح وغيرها من الأجناس الجمالية الأخرى، التي شكلت ثغرات في صفحات الملاحق الثقافية بالمغرب. انطلقت مداخلة إبراهيم إغلان، عن المكتبة الوطنية، من التنويه بالدور الذي لعبته الملاحق التقليدية، التي كانت هي النافذة التي يشرف منها القارئ على الوضع الثقافي المغربي، مشيرا إلى أن الوضع اليوم بات مختلفاً بظهور الصحافة المستقلة، وبظهور ملاحق ثقافية في كل من «المساء» و«أخبار اليوم»، و«الأخبار»، وهي ملاحق يشرف عليها جيل جديد، برؤية جديدة، وأفق جديد. كما أنها أتاحت مساحات مهمة لأصوات جديدة، إلى جانب مثقفين معروفين. وإخراج هذه الملاحق، بجماليات تجعلها متميزة، بالقياس مع ما نجده من أشكال كلاسيكية تقليدية في كل من «العلم» و«الاتحاد الاشتراكي». وقد تقدم إغلان باقتراحات، كان أهمها ضرورة التفكير في صيغة كتاب في جريدة، التي اقترحها الشاعر صلاح بوسريف في أشغال المناظرة الوطنية بإفران، لتكون محفزا على الاهتمام بالكتاب والقراءة، وقد انصب النقاش على أهمية الثقافة في الجرائد الوطنية، رغم ما تعرفه من تعثرات، فهي تبقى مهمة، كونها تسمح بطرح ومواكبة كثير من القضايا الهامة في ما يتعلق بالشأن الثقافي والفكري بالمغرب.