قليلة هي الأشياء التي تتغير في المهرجان الوطني للفيلم الذي تحتضنه طنجة بداية كل سنة، ولعل من أبرز ثوابته الفوضى الكبيرة التي تشهدها الأيام الأولى، ويوم الافتتاح بشكل خاص، لدرجة أن بعض سكان المدينة أضحوا يطالبون برحيله عن طنجة، ومنهم من أنشأ صفحات على ال«فيسبوك» للدعوة إلى ذلك. مع الشروع في توزيع بطائق الصحافيين والمهنيين والمدعوين، تنطلق المشاحنات بشكل فعلي، وهذا ما تكرر هذه السنة، خاصة عند توزيع بطائق الصحافة، فبينما وجدت مجموعة معتبرة من الصحفيين المهنيين نفسها بدون بطائق لأسباب اختلفت مبرراتها لدى اللجنة المنظمة، فإن العشرات من «الدخلاء» و«الحسناوات» صاروا يحملون بطائق الصحافة التي تفتح لهم كل الأبواب، ووجد عدد من الصحفيين المهنيين أنفسهم يزاحمون «صحفيين» آخرين لم يسمع بهم أحد من قبل، ولن يسمع بهم أحد بعد انتهاء المهرجان إلا عندما يتعلق الأمر بمهرجان آخر أو حفلة جديدة. ولأن للمهرجان «طقوسه الخاصة»، التي لا يعلم أحد أصلها، فإن حضور حفل الافتتاح الذي يشهد فقرات التكريم وتقديم لجنة التحكيم، والاختتام الذي توزع خلاله الجوائز، ممنوع على الصحفيين إلا من وفقه الحظ في الحصول على دعوة مباشرة من اللجنة، هذه الدعوات توزع على أشخاص غرباء لا يجمعهم بالإعلام أو السينما شيء يذكر، كما يؤكد مجموعة من الصحفيين، مما يطرح تساؤلات كبيرة حول سهولة تسريب مئات الدعوات دون أن تذهب لمستحقيها. هذه المشكلة عادت بقوة خلال حفل افتتاح هذه الدورة، حيث كان الفندق المحتضن للجنة التنظيمية على موعد مع مشهد من مشاهد «الآكشن»، عندما انهال مدير إحدى الصحف الوطنية المعروفة بالانتقادات اللاذعة على أحد أعضاء اللجنة التنظيمية، الذي رفض تسليمه دعوة حفل العشاء، وهو الحفل الذي شهد الموسم الماضي طرائف بالجملة، على رأسها احتجاج بعض السينمائيين والممثلين على غياب قنينات الخمر وهجوم دخلاء على قاعة الطعام. مشاكل الصحافة المكتوبة والإلكترونية مع المهرجان هي الأصعب، خاصة عند الدخول إلى القاعة المحتضنة للعروض، والتي تتمركز في شارع ضيق يزداد ضيقا عند توافد المئات من هواة التقاط الصور مع الممثلين، هذه الوضعية تمنح أفراد الأمن الخاص «سلطة» أخرى لا تخلو من غرابة، حيث يسمحون فقط لصحفيي التلفزيون بالدخول، فيما يمنع صحفيو الإعلام المكتوب. وعرف يوم أول أمس السبت مشادات بين صحفيين وعناصر أمن القاعة، فبعدما أوضح الصحفيون أن قانون المهرجان يسمح لهم بالولوج ما داموا يحملون الاعتمادات، كان جواب عنصر الأمن «ما غاديش تدخلوا، أنا اللي كنحكم هنا، وسيروا جيبوا القانون يدخلكم!»، ولم يتوقف الأمر عند منع الصحفين، بل إن ممثلين أيضا يطالهم المنع، فمن تناقضات هاته الدورة، أن الممثلة عائشة مهماه التي عانت من وعكة صحية قاسية، كانت على موعد مع التكريم يوم الافتتاح، وعلى موعد مع المنع خلال عرض السادسة مساء في اليوم الموالي!. ..........................................