يبدو أن رجال الأمن المتقاعدين في المغرب يعيشون في وضعية غير آمنة. ووفق مصادر مطلعة، فإن رجال الشرطة الذين استفادوا من نظام المغادرة الطوعية أو أحيلوا على التقاعد، يواجهون صعوبات جمة في خريف عمرهم، تتعلق بالتغطية الصحية وامتلاك شقق سكنية ظلوا يدفعون أقساطها منذ 23 سنة خلت من أجرتهم الشهرية ليفاجؤوا بإنذارات تدعوهم إلى تسوية وضعيتهم الجبائية أو إفراغهم من مساكنهم. وحسب ميلود أحمر، رئيس جمعية الأمان لمتقاعدي الأمن الوطني، فإن الأوضاع المادية والاعتبارية لرجال الشرطة المحالين على التقاعد تدعو إلى الشفقة وتستدعي تحكيما ملكيا وأمرا بافتحاص مالية التعاضدية الأخوية للتعاون المشترك وميتم موظفي الأمن الوطني التي يرأس مجلسها الإداري العلوي الإدريسي، والي أمن القنيطرة حاليا. ووفق مصادرنا، فإن الجمعية الأخوية للتعاون المشترك وميتم موظفي الأمن الوطني تستمر في مزاولة مهامهما بشكل غير قانوني، إذ سبق لمديرية الحماية الاجتماعية للعمال التابعة لوزارة التشغيل والتكوين المهني، أن دعتها في شهر يونيو من العام الماضي إلى تجديد هياكلها وإجراء انتخاب مناديب المنخرطين قبل متم سنة 2007. وحسب مصدر من مديرية الحماية الاجتماعية للعمال، فإن آخر تاريخ لتجديد هياكل الجمعية الأخوية للتعاون المشترك وميتم موظفي الأمن الوطني يرجع إلى السادس من ماي من سنة 2005، وقد انتهت مدة انتداب أعضاء المكتب المسير في الخامس من ماي الماضي بعد مرور ثلاث سنوات، في حين أن المدة القانونية للانتداب تكون في ست سنوات مع تجديد نصف أعضاء المجلس الإداري كل ثلاث سنوات. ووجه متقاعدو الأمن الوطني انتقادات لاذعة إلى هذه الجمعية التي تأسست سنة 1919 وحازت صفة المنفعة العامة وفق ظهير 14 يناير من سنة 1928، ويحكمها الظهير الصادر في 12 نونبر من سنة 1963 المنظم للتعاضد. وحسب جمعية المتقاعدين، فإن أرامل وأيتام ومتقاعدي الإدارة العامة للأمن الوطني لم يتمكنوا من امتلاك شقق سكنية يقطنون بها منذ سنة 1985 بحي دار لامان بالدارالبيضاء. وشدد محمد أكضيض، عميد الأمن الممتاز المتقاعد من سلك الأمن في إطار«المغادرة الطوعية»، على أنه يتم التعتيم على ظهير 11 نونبر 1963 ولا يدرس كمادة في المعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة وفي الدورات التكوينية التي يتلقاها رجال الأمن، مشيرا إلى أنه قضى 30 سنة من حياته المهنية دون أن يستفيد إلا من النزر القليل من خدمات الجمعية رغم أنه ظل يؤدي واجب الانخراط فيها بشكل شهري. وأشار أكضيض إلى وجود تعتيم حول الجمعية، اللهم ما يتم تسويقه لقرابة 46 ألف شرطي من المنخرطين فيها، عبر مجلة «الشرطة» الشهرية، فيما يظل حضورها باهتا على مستوى التعاطي مع الشؤون الاجتماعية لموظفي الإدارة العامة للأمن الوطني. وزاد أكضيض قائلا في اتصال هاتفي مع «المساء»: «أتحدى أيا كان أن يعرف من رجال الشرطة كيف تسير الجمعية الأخوية للتعاون المشترك وميتم موظفي الأمن الوطني، أو أن يكون المنخرطون بها قد استدعوا يوما ما لحضور جمع عام أو التصويت على انتخاب أعضاء المكتب المسير لها.. إن مالية الجمعية مبهمة، ولو تم تفعيل القانون ودخل المجلس الأعلى للحسابات على الخط لاكتشف اختلالات مالية كبيرة». وأشارت مصادر أخرى إلى أن جمعية رجال الأمن الاجتماعية التي يوجد مقرها بزنقة القيروان بالرباط (قرب شارع الجزائر) تتوفر على حسابات جارية وعقارات، مشيرة إلى أن مقر «نادي الشرطة» بالرباط المملوك للجمعية تحول إلى مصلحة للبطاقة البيومترية، وعوض أن يخصص للأعمال الاجتماعية لرجال الأمن فقد تحول إلى مرفق عمومي بتزكية من الإدارة العامة للأمن الوطني ووزارة الداخلية نفسها. إلى ذلك، أكدت مصادرنا أن متقاعدي وأرامل وأيتام رجال الشرطة المحالين على التقاعد يواجهون، كلما ترددوا على مقر الجمعية بالرباط، بالمناورة والطرد اللبق من لدن القابض العام للجمعية المحال بدوره على التقاعد منذ ثلاث سنوات خلت والذي مازال يمارس اختصاصاته داخل مكتب الجمعية، فيما يشغل رئيسها الحالي منصب والي أمن مدينة القنيطرة. ومن بين الأمور التي تشغل بال متقاعدي سلك الأمن عدم تمكنهم من الحصول على عقود تمليك شققهم السكنية التي دأبوا على تسديد أقساطها الشهرية من رواتبهم إلى الخزينة العامة منذ سنة 1985، ويتعلق الأمر بالقاطنين بكل إقامات الشرطة في الدارالبيضاء، بدءا من إقامة «دار الأمان» بالحي المحمدي و«المهدية بدرب غلف» و«الأوداية بعين السبع وإقامة الشرطة بحي «بولو» وشارع غاندي و«المسيرة» المتاخمة لملعب محمد الخامس. وقال ميلود أحمر، رئيس جمعية الأمان لمتقاعدي الأمن الوطني، إن المدير العام السابق للأمن الوطني الجنرال عبد الحق القادري سبق له أن أصدر مذكرة يوم 19 يوليوز من سنة 1982 يطلب فيها من رؤساء الأمن بمدن البيضاء وآسفي وورزازات والخميسات وسطات أن ينهوا إلى علم الموظفين أن المجال مفتوح أمام الراغبين منهم في اقتناء مساكن تابعة للشركة العامة العقارية في إطار السكن الاجتماعي الذي تقوم به الإدارة العامة للأمن الوطني، وأن الإعلان مرفق بجدول توضيحي يبين طريقة بيع كل سكن على حدة، وأنه ستكون هناك تسهيلات في القروض. ويتساءل متقاعدون من سلك الأمن الوطني عن مصير المبالغ المودعة من طرفهم في الحساب رقم 372 بالخزينة العامة، مطالبين الإدارة العامة للأمن الوطني بالمزيد من الشفافية في التعامل مع متقاعديها.